أدوات «المنع»... بارت وماتت!
لم تعد وسائل المنع والحظر الإعلامي والثقافي، التي تستعملها بعض الحكومات في العالم الثالث عامة، والعالم العربي خاصة، تجدي نفعاً، في ظل ثورة البث الرقمي، ووسائل التواصل الاجتماعية، فمنع حفلة، أو التضييق على البرامج السياسية والحوارية الحُرة، يفتح مجالات أخرى كثيرة للحصول عليها، فيمكن أن يتجمَّع عدد من الشباب في مكان ويشاركوا في حفلة منقولة على الهواء، أو يلجأ ناشط سياسي إلى "يوتيوب"، لعمل برنامج سياسي أكثر جرأة وحُرية من جميع القنوات الرسمية والخاصة.منذ أسابيع أطلق معارض عربي برنامجاً سياسياً جريئاً على "يوتيوب" تجاوز عدد مشاهديه أكثر من نصف مليون شخص في أقل من 48 ساعة، فيما تشير وسائل استقصاء واستبيان إلى أن قنوات تلفزيونية عربية تُبث من تركيا وأوروبا تحظى بنسب مشاهدة عالية جداً من المشاهدين العرب، وهو ما يدل على أن كل وسائل التأميم والتضييق والمصادرة من الأنظمة العربية للقنوات الخاصة، وتسخير العامة منها لخدمة مصالحها وتلميعها، قد فشلت، وذهبت الأموال والجهود هباءً منثوراً.
في الكويت يشتكي رجال الدولة، من حكوميين وبرلمانيين، مما يحدث بوسائل التواصل الاجتماعي من نقد وتذمر، فيما لا يوجد للناس منفذ في برنامج سياسي حُر، أو قنوات تلفزيونية مستقلة، فتلفزيون الكويت الحكومي أوقف جميع البرامج الحوارية السياسية التي كانت تحمل جرعة من الحُرية، لا سيما ونحن ندخل مرحلة موسم النشاط السياسي في البلاد، بعد افتتاح أعمال مجلس الأمة، فهل هناك برامج تناقش القضايا الجدلية التي تشغل الشارع، مثل قانون حل مشكلة المقيمين في البلاد بصورة غير قانونية (البدون)، أو قانون تعديل نظام الاستبدال في نظام التأمينات الاجتماعية، أو قانون المنطقة الاقتصادية الشمالية؟عندما يغيب الحوار الحُر بوسائل الإعلام المختلفة في عصرنا الحالي، الممتلئ بوسائل الاتصال المتعددة، فإن المواطن يلجأ إلى وسائل أخرى، لتنمي وعيه، ويعكس فيها وجهة نظره، وهو ما يجب أن تعيه جميع الأنظمة العربية، بأن أسلوب الإعلام الموجَّه لتمجيد النظام وحجب الرأي الآخر أصبح من أدوات الماضي، التي بار سوقها وماتت جدواها، وهو ما يتسبَّب في حالات الحراك الشعبي الذي نراه في المنطقة حالياً.