«التحقيقات» وطريق التقاضي!
في الوقت الذي تتسارع وتيرة العمل بالنيابة العامة، من أجل تعميم تجربة تدوين التحقيق إلكترونياً، وعن طريق الحاسب الآلي، وتسليم المراجعين وصولات تثبت قيامهم بإيداع البلاغات التي تقدَّم إلى النيابة العامة ومتابعة البلاغات والقضايا الجزائية إلكترونياً، مازالت خُطى الإدارة العامة للتحقيقات متوقفة في هذا المجال، رغم إنشائها لفرق مختصة من أجل تطبيق هذا النظام، لكن للأسف هناك مَنْ لا يريد لهذه الإدارة أن تتقدَّم أو تتطوَّر، وأن تبقى على حالها الذي بدأت به!من غير المعقول أن يترك الناس مشاغلهم ليراجعوا مبنى الإدارة بين الحين والآخر، من أجل متابعة سير قضاياهم الجزائية، نتيجة عدم وضعها لنظام آلي يكشف خط سير البلاغات والقضايا التي تتولى الإدارة التحقيق فيها. كما أنه ليس من المنطقي أن يكلف المحامون أو وكلاؤهم عناء الانتقال للإدارة من أجل ذلك، ولا يُسمح لهم بالاستفسار سوى عن قضيتين فقط، وهي مسائل سيتم القضاء عليها، لو تكرَّمت الإدارة علينا، ووفَّرت نظاماً إلكترونياً يسمح بذلك.
وبدلاً من أن تقوم الإدارة بتعيين عدد من الموظفين الذين تكون مهمتهم الرد على استفسارات المراجعين، لبيان حركة القضايا التي يقومون برفعها، يتعيَّن عليها تكليفهم بأعمال أكثر أهمية، والعمل على تنفيذ توصيات الفرق التي شكلت من أجل إنجاز برنامج تتبع قضايا الجنح التي تتولى الإدارة التحقيق فيها، خصوصاً أن القضايا التي تحقق فيها الإدارة العامة للتحقيقات ليست بسيطة، وفكرة مراجعتها على الدوام بالمخافر أو إدارات التحقيق في المحافظات، ومن ثم التأكد من وصولها إلى الإدارة الرئيسة أيضاً مزعجة، وتتطلب حلاً سريعاً لها.والأمر الذي يتعيَّن على الإدارة العامة للتحقيقات الوقوف عليه، هو مسألة التأخير في التحقيق بالقضايا، التي تستغرق من وقت تقديمها إلى بدء التحقيق فيها شهرين، وهي مسألة غير مبررة، فلو كانت الشكوى ضد متهم بخيانة أمانة أو نصب واحتيال، لتمكَّن من الهروب على الفور، بسبب روتين تقديم البلاغات المتبع في الإدارة، فضلاً عن أن الوقت المستغرق للتصرف في القضايا بين إحالتها وحفظها هو الآخر مستغرب، وغير منطقي، ووصل إلى قرابة 8 أشهر من أجل تصرف الإدارة فيها، وهو وقت غير مبرر، كما أن المتقاضين غير معنيين بسماع أي من الأسباب التي تقدمها الإدارة جراء ذلك التأخير!أما المسألة الأخيرة التي تؤدي إلى تعطيل الفصل في قضايا الجنح من الإدارة، فهي قيام قسم الادعاء في محكمة الرقعي بنقل ملفات القضايا التي تصدر بها أحكام غيابية أو الاستئناف إلى مبنى الإدارة، وإذا ما قام المتهم بالطعن بالمعارضة أو التمييز، فلن يتم تحديدها مباشرة، إلا بعد إحضار تلك الملفات إلى المحكمة، والتي يستغرق إحضارها أحياناً شهراً أو أكثر، رغم أنها نظرياً بحوزة المحكمة، وليس الإدارة، التي انتهت ولايتها بعد اتصال المحاكم بها.أتمنى أن تجد تلك الملاحظات تجاوباً سريعاً من المسؤولين في الإدارة العامة للتحقيقات، لما لها من أهمية كبيرة على حال القضايا المعروضة لديها، إذ بات التصرف مع تلك الملفات، وفق النهج الحالي، عبئاً كبيراً على المتقاضين يستلزم منهم إيجاد الحلول التي تجعل من التقاضي بسيطاً ويسيراً، وليس مرهقاً وعسيراً.