عندما تقرأ عن رجل اسمه غاندي فإن فكرك يذهب مباشرة وتلقائياً إلى المهاتما غاندي، ذلك الرجل الضعيف البنية القصير القامة، ذي النظارة المدورة التي تبرز خلفها عينان تشعان وابتسامة لها أكثر من معنى، واللباس الوطني الذي يعتز به، وقد استطاع مع رفاقه أن يقفوا في وجه الاستعمار البريطاني الذي جثم على صدور الشعب الهندي لأكثر من ١٠٠ عام، وقد استخدم غاندي سياسة عدم التعاون والصيام والمقاطعة لإجبار بريطانيا العظمى على أن ترضخ لمطالب الشعب الهندي ونيل الاستقلال.وقع بصري مؤخراً على كتاب باللغة الإنكليزية عنوانه «غاندي» مؤلفه برامود كابور، الذي كتب أن موهان داس كراماتشند غاندي ولد في الثاني من أكتوبر ١٨٦٩ في مدينة بوربندر في ولاية كوجرات بالهند، وبعد إنهاء دراسته سافر عام ١٨٨٧ إلى إنكلترا ليدرس القانون، وذلك بعد حصوله على منحة دراسية، وقد حصل على إجازة القانون عام ١٨٩١.
ويحكي غاندي عن انطباعه لأول زيارة له إلى لندن، فيقول بعد وصولنا إلى لندن انبهرت بالمباني والشوارع والمواصلات وملابس الناس بالشوارع، كان عمر غاندي آنذاك لا يتعدى الثامنة عشرة، فذهب ورفيقيه إلى فندق فكتوريا في لندن، ولاحظ أن العامل الذي استقبلهم عند وصولهم إلى الفندق كان يلبس ملابس أفضل منهم، وأعجب بالفندق، وقال لم أرَ مبنى أفضل منه في حياتي.وبعد أن دفع إيجار الغرفة، وهو ٦ شلنات في اليوم، تبعوا الموظف إلى غرفهم، وعندما ضغط الموظف على زر في الحائط فتح الباب، ودخلوا جميعاً، وظن غاندي أن هذه هي غرفتهم، ولكن بعد فترة فتح الباب، ومشوا وراء الرجل إلى غرفهم، وعرف غاندي بعد ذلك أن الصندوق ما هو إلا المصعد.غاندي بعد تخرجه من الجامعة وحصوله على إجازة القانون عاد إلى الهند لممارسة المحاماة، لكنه لم يوفق فسافر إلى جنوب إفريقيا، وعمل مستشاراً قانونياً لشركة (دادا عبدالله) وأثناء عمله في هذه الشركة كان يسافر إلى مدن أخرى في جنوب إفريقيا.ركب القطار وكانت تذكرته بالدرجة الأولى، وحينما كان جالساً في عربة الدرجة الأولى دخل رجل من البيض وأخذ ينظر إليه نظرات فيها احتقار، وطلب من غاندي أن يترك مقعده في الدرجة الأولى ويجلس في العربة العادية، فرفض غاندي، وقال له لدي تذكرة الدرجة الأولى، وهدده الرجل الأبيض بأنه سيستدعي الشرطة لإخراجه، ولم يلتفت له غاندي وعاد الرجل ومعه شرطي طلب من غاندي أن يذهب إلى العربة العادية، ورفض غاندي، وأشار إلى تذكرته بالدرجة الأولى، فأخذ الشرطي حقيبة غاندي وألقاها خارج القطار، واصطحبه إلى الخارج، وقد امتنع غاندي عن ركوب القطار وقضى الليل في المحطة، كانت حادثة القطار نقطة تحول في حياته السياسية، وعندها انتهج سياسة رفض التفرقة العنصرية ومقاومة الاحتلال البريطاني باستخدام سياسة اللا عنف والعصيان المدني.وقد وضعت لوحة في محطة القطار التي حصلت فيها حادثة طرد غاندي من القطار تقول: «في رصيف هذه المحطة موهان داس غاندي طرد من عربة الدرجة الأولى في ليلة ٧ يوليو ١٨٩٣».* كلمة (جي) تضاف باللغة الهندية للاحترام وليس لها علاقة باسم الشخص.
مقالات
غاندي جي * (1-2)
05-11-2019