لبنان: قطع الطرق يعود... وعصيان مدني جزئي
لقاء بين باسيل والحريري يتناول التكليف... وعون يدعو لحوار مع المتظاهرين بالساحات
غداة أول تظاهرة داعمة للرئيس اللبناني ميشال عون، عاد التوتر إلى الشارع، حيث عاد المتظاهرون منذ ليل الأحد ـــ الاثنين إلى قطع الطرق كما بادروا في مناطق محددة إلى تعطيل الدوام الرسمي وشل إدارات الدولة.
بعد أيام من الهدوء النسبي، الذي خيّم على مختلف المناطق، إثر استقالة الحكومة، عاد المحتجون في لبنان إلى الشارع حيث امتلأت ساحات الاعتصام في بيروت والجنوب والشمال غداة نزول الآلاف من أنصار الرئيس ميشال عون إلى الشوراع. وبينما يحتج المتظاهرون على التأخر في الاستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفاً، عاد مشهد قطع الطرقات كوسيلة للضغط على السلطة السياسية منذ ليل الأحد ـ الاثنين، مثيراً توترات في عدة مناطق. وشهدت أكثر من منطقة حالات كرّ وفرّ بين المتظاهرين والقوى الأمنية إثر إقفالها وأبرزها: جسر "الرينغ" في بيروت، طريق عام حلبا، الأوتوستراد الدولي الذي يربط طرابلس ببيروت عند نقطة "البالما"، أتوستراد البداوي، أوتوستراد غزير– كسروان على المسلكَيْن الشرقي والغربي إضافة إلى أوتوستراد الزوق ونهر الكلب، الطريق الدولية في عاليه، مثلث خلدة باتجاه بيروت وطريق الشويفات مفرق دير قوبل، الأوتوستراد الساحلي في الدامور.
شل الإدارات
وكان لافتاً أمس، لجوء المحتجين إلى إقفال بعض المؤسسات الرسمية والمصارف لاسيما في صيدا، والشمال كوسيلة جديدة للضغط. واعتمد المتظاهرون أسلوباً جديداً في فرض الإضراب العام إذ قاموا بإقفال بعض المؤسسات بالسلاسل المعدنية لمنع الموظفين من الدخول إليها كما أغلقوا البوابة الرئيسية لمؤسسة الكهرباء في صيدا بالسلاسل المعدنية ووضعوا عليها ورقة كتب عليها الطريق مقطوع بسبب صيانة الوطن. كذلك تجمع عدد من المحتجين عند بوابة سنترال "أوجيرو" ومنعوا الموظفين من الدخول ومزاولة العمل. كذلك قام محتجون بإقفال مركز هاتف حلبا ومكاتب "أوجيرو" وعدد من المصالح الرسمية المستقلة في المدينة.للمرة الأولى... قطع طرقات في الشوف
للمرة الأولى منذ بدء الحراك، شهدت منطقة الشوف التي تسكنها غالبية درزية موالية للزعيم الدرزي وليد جنبلاط قطعا للطرقات على غرار سائر المناطق، فقد قطع محتجون صباح امس الطرقات، لا سيما في بيت الدين والسراي التي نصب المعتصمون على مدخلها خيما خاصة بهم، ومعاصر بيت الدين، وبريح، وعين وزين، وكفرنبرخ، وجسر القاضي، وكفرحيم، ومنطقة دميت – الزير. وقام المتظاهرون بإقفال المصارف في الشوف ولم تتمكن المؤسسات الرسمية من فتح أبوابها بما في ذلك المدارس والجامعات والمعاهد.
وفي طرابلس توجه عدد من المعتصمين إلى فرع البنك "اللبناني الفرنسي" في الميناء، وطلبوا من الموظفين مغادرة المصرف، ثم توجهوا إلى نقابة المهندسين وتجمهروا أمامها، رافعين الأعلام اللبنانية ومرددين هتافات تطالب "بمحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة"، ثم طلبوا من المهندسين والإداريين مغادرة مبنى النقابة وإقفال أبوابها. وتوجه عدد من المحتجين الى مبنى المالية والعقارية وطلبوا من الموظفين التوقف عن العمل. وتوجه عدد آخر من المحتجين إلى بلدية الميناء والسنترال وعدد من فروع المصارف التي اقفلت أبوابها قبل وصول المتظاهرين إليها، علماً أن معظم المصارف كانت قد أغلقت أبوابها الخارجية، واقتصر نشاطها على أعمال داخلية يقوم بها الموظفون.
الحريري وباسيل
سياسياً، زار رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل بيت الوسط، أمس، حيث استقبله رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري في لقاء بعيد من الاضواء تطرق بالتأكيد إلى موضوع تكليف رئيس حكومة جديد. وقالت مصادر سياسية متابعة، إنّ "الحريري لن يستجدي التكليف من أحد وينأى بنفسه عن بازار المساومات".ولا تزال الأنظار متجهة إلى قصر بعبدا بانتظار أن يحدد رئيس الجمهورية ميشال عون موعد الاستشارات النيابية الملزمة تمهيداً لتكليف شخصية سنية بتشكيل حكومة جديدة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو إذا كان هناك تغيير طرأ على تركيبة البرلمان بعد اهتزاز التحالفات السياسية خصوصاً على صعيد الثنائية الشيعية، وكذلك بعد استقالة عدد من النواب من كتلهم، بالتالي إذا كان حزب الله والتيار الوطني الحر لا يزالان يملكان أغلبية نيابية أم لا ؟ والسؤال الثاني إذا كان الحزبان المذكوران سيسميان الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة أم لا؟ وكذلك تركيبة الحكومة الجديدة وطبيعة التوازنات داخلها.عون
في موازاة ذلك، أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش خلال استقباله له قبل ظهر أمس في قصر بعبدا، أن "من أولى مهام الحكومة الجديدة بعد تشكيلها متابعة عملية مكافحة الفساد من خلال التحقيق في كل الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة والمستقلة بهدف محاسبة الفاسدين"، لافتاً إلى أن "التحقيق سوف يشمل جميع المسؤولين الذين تناوبوا على هذه الإدارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة، من مختلف المستويات". وأكد عون أن "الإصلاحات التي اقترحها ووعد اللبنانيين بالعمل على تحقيقها، من شأنها تصحيح مسار الدولة واعتماد الشفافية في كل ما يتصل بعمل مؤسساتها، مشدداً على أن دعم اللبنانيين ضروري لتحقيق هذه الإصلاحات. وأشار إلى أن "النداءات التي وجهها إلى المتظاهرين والمعتصمين، عكست تفهمه للمطالب التي رفعوها"، مشدداً على أنه "لا بد من الحوار مع هؤلاء المتظاهرين في الساحات من أجل التوصل إلى تفاهم على القضايا المطروحة".استقالات في «الأخبار» بسبب تغطية الاحتجاجات
مفاجأة جديدة تلقتها جريدة «الأخبار» المحسوبة على «حزب الله»، أمس، بعد قرار رئيس قسم الاقتصاد في الصحيفة الصحافي محمد زبيب الاستقالة. وأتت خطوة زبيب نتيجة أداء جريدة «الأخبار» خلال التظاهرات، الذي ظهر من خلال التغطية، التي تبدلت على نحو خط تحريري أقرب لمناهضة التحرك خلال الايام الأخيرة بعد تبنيها له خلال الأيام الأولى. استقالة زبيب ليست الأولى فقد سبقتها استقالة الصحافية جوي سليم منها يوم 29 اكتوبر الماضي.
وغرد رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب عبر حسابه على "تويتر"، أمس، بالقول: "علينا إزالة الالتباس بين من يحاول تحسين شروطه وبين أصحاب الصرخة الحقيقية وأصحاب المطالب المحقة، والمقاومة مدعوة إلى الإبداع والمبادرة وهما لا ينقصانها فلنبادر لخطوة ثورية ونسمي النائب أسامة سعد رئيساً للحكومة: هل يستطيع لبناني أن يقول أسامه له علاقة بالفساد فلنبادر". كما أكد النائب نهاد المشنوق، أمس، أن "التأجيل المستمر لإجراء الاستشارات النيابية بشأن تكليف رئيس بتشكيل الحكومة، بعد استقالة الحكومة منذ أيام، يدل على المزيد من التمادي في تجاوز الدستور والأعراف ومحاولة الاستيلاء على صلاحيات الرئاسة الثالثة وإظهارها في موقع المتلقي لشروط رئيس الجمهورية أو حزبه".
وهاب يدعو إلى تسمية أسامة سعد رئيساً للحكومة الجديدة