خاص

رفع الإنتاج النفطي يجب أن يراعي تغيرات الأسواق العالمية

خبراء نفطيون لـ الجريدة.: تحديث الرؤية ضروري في ظل بحث دول العالم عن مصادر الطاقة المتجددة

نشر في 05-11-2019
آخر تحديث 05-11-2019 | 00:04
No Image Caption
أكد عدد من خبراء النفط أن تحقيق رؤية واستراتيجية القطاع النفطي المحلي تحتاج إلى تعزيز دور التكنولوجيا كي يتم تفادي أي معوقات قد تواجه التنفيذ؛ فضلاً عن تعزيز مهارات وخبرات الكوادر الوطنية العاملة في القطاع، وكذلك زيادة التعاون مع الشركات النفطية العالمية، لأن ذلك التعاون يصقل خبرات ومهارات العاملين في النفط، لافتين إلى أن ذلك سيشكل نقلة نوعية، عملياً أو إدارياً. ولفت الخبراء، في تحقيق أجرته «الجريدة»، حول تلك الرؤية، إلى ضرورة الاهتمام بالمزيد من الدراسات والبحث في قرارات تقليص الشركات النفطية وعدم التسرع في اتخاذ مثل هذا القرار.
وأوضحوا أن المعوقات التي قد تصادف القطاع النفطي المحلي عند تنفيذ الرؤية لن يكون لها تأثير كبير، لأن عملاء مؤسسة البترول العالميين لديهم ثقة مطلقة بأداء المؤسسة، مشددين على ضرورة أن يراعي رفع الإنتاج النفطي تغيرات الأسواق العالمية. وفيما يلي تفاصيل التحقيق:
في البداية يشير الخبير النفطي وعضو هيئة التدريس في قسم هندسة البترول في كلية الدراسات التكنولوجية د. أحمد الكوح إلى أن مؤسسة البترول الكويتية لديها رؤية خاصة بالقطاع النفطي وتطويره وزيادة الإنتاج وتعمل على تحقيقها.

وقال الكوح: «في هذا الإطار سيكون حديثي منصباً على شركة نفط الكويت تحديدا، لأنها الشركة التي تحمل على عاتقها عمليات الانتاج، وأمامها الكثير من التحديات التي تكمن في التقنيات، وارتفاع أسعار كلفة الانتاج، وكميات المياه المستخدمة»، معتبرا أن تلك التحديات طبيعية وتواجه اي شركة نفطية في العالم.

ولفت إلى أن «نفط الكويت» لديها حاليا أعمال كثيرة خاصة بالاستكشافات البحرية، وكذلك العمل على تعزيز دور الغاز، فضلا عن تعزيز دور التكنولوجيا لتفادي المشاكل الانتاجية، معتبرا أن الخيار التكنولوجي يعد أهم الخيارات أمام تحقيق الرؤية الاستراتيجية، وكذلك تعزيز مهارات الكوادر الوطنية العاملة في القطاع، إضافة إلى المزيد من التعاون مع الشركات النفطية العالمية، «الأمر الذي يمنح كوادرنا الوطنية المزيد من الخبرة، وصقل مهاراتهم، مما سيؤدي الى نقلة نوعية عملية وإدارية في عمل القطاع النفطي المحلي».

دراسة متمحصة

وأضاف الكوح أن من الأمور المهمة أيضا عدم النظر الى تقليص الشركات النفطية بدون دراسة متمحصة، لأن تلك الشركات تتضمن كوادر وطنية كثيرة، ولا يوجد بها أجانب بقدر كبير، مشيرا الى ان القطاع النفطي بشكل عام لا يعمد الى انهاء خدمات الكوادر الوطنية او يحثهم على الاستقالة.

وأوضح أن «تقليص عدد الشركات النفطية في البلاد قد يكون مفيدا، ولكن لن يكون بالدرجة المرجوة، لأن القطاع لن يستطيع إنهاء خدمات أو الاستغناء عن موظفين، فضلا عن ان العمالة الوطنية من مهندسي بترول ينتظرون العمل في القطاع النفطي»، مشيرا الى أنه يرى ان يبقى الوضع كما هو عليه ما لم يكن هناك بديل آخر أفضل.

ولفت الى أنه من الطبيعي أن يكون هناك معوقات أمام تنفيذ الرؤية الاستراتيجية سواء كانت تلك المعوقات سوقية أو محلية او عالمية، مؤكدا ان ثقة عملاء مؤسسة البترول الكويتية فيها كبيرة جدا، وأن هناك اتزانا عاما في علاقاتها مع جميع دول العالم المنتجة والمستهلكة للنفط.

وشدد على ضرورة ان يكون هناك مشاركة من جميع موظفي النفط في البلاد، وأن يكونوا على علم ودراية بالرؤية حتى يكون الجميع أمام تحمل مسؤولياته تجاه تلك الرؤية، لافتا الى ان التحديات التي قد تواجه المؤسسة تتمثل في قطاعات الانتاج والتكرير والبتروكيمكال، لأن تلك القطاعات مجتمعة تمتلك رؤية مستقبلية بحلولها.

محددات السوق

وأضاف أن خطة زيادة الانتاج المزمعة لابد أن ترتبط مع ما يحدده السوق، واذا كان المستهدف هو الوصول بالإنتاج الى 4 ملايين برميل يوميا فإن ذلك لابد أن يأتي متسقا مع ما يحدث من تغيرات في الأسواق العالمية، فضلا عن البحث في حاجة البلاد الى مداخيل نفطية جديدة، موضحا ان القطاع النفطي المحلي يعول بشكل كبير في المستقبل على الانتاج البحري والمتوقع منه كميات كبيرة من النفط الخفيف المطلوب عالميا.

وأشار إلى أنه من المتعارف عليه أن الانتاج النفطي لديه حوكمة كبيرة في الإنتاج والاستكشاف، ويسير دائما ضمن خطط خمسية، لافتا الى انه رغم الانخفاض في اسعار الخام الذي أدى الى توقف أغلبية دول العالم من بناء منشآت نفطية جديدة فإن الكويت كانت من الدول القليلة التي استمرت في تشييد المنشآت النفطية لتؤكد التزامها بالخطة الاستراتيجية والرؤية الانتاجية التي تتبعها. واعتبرا ان ذلك كان فرصة جيدة حيث انعكس ذلك على الاسعار الخاصة بتشييد تلك المنشآت مقارنة بأوقات أخرى.

وذكر الكوح أن قطاع الغاز يعد ذا أهمية قصوى، ويدخل بقوة ضمن اهتمامات الدولة مدللا على ذلك بأن شركة نفط الكويت قامت بعمل عقود خاصة لمنشآت غازية من أجل إنتاج الغاز الجوراسي ودخول الغاز الى السوق بشكل سريع، موضحا أن الكويت لا يوجد بها كميات كبيرة من الغاز، والموجود منه على أعماق كبيرة، وهو ذو ضغط عال ودرجة حموضة عالية، لذا فإن إنتاجه وتكريره أمر يحتاج إلى جهود كبيرة.

طاقات بشرية

من ناحيته، قال الخبير النفطي كامل الحرمي، إنه قبل التحدث عن رؤية أو استراتيجية أو الخطط المستقبلية، هل نمتلك الطاقات البشرية والإدارة لتنفيذها؟؛ منوها إلى أن «الخطط والأهداف تأتي إلينا من الخارج»، لافتا إلى أن ضعف بعض الإدارات يؤدي إلى ضعف انتاجية الفرد.

وأضاف أن شركات النفط المحلية لم تحقق خططها نجاحا منذ تقديم أول استراتيجية، مشيرا الى ان تنفيذ تلك الخطط والرؤى يحتاج الى خبرات وكفاءات، موضحا أن وقت تنفيذ الاستراتيجية يكون أغلبية تلك الخبرات والكفاءات قد أحيلت للتقاعد، مما يعمل على تعطيل العمل، واصفا الخطط الاستراتيجية بأنها تظل حبراً على ورق ما لم يتم تفعيلها بشكل أكثر واقعية على الأرض، وإلا فستظل شعارات رنانة لا أكثر ولا أقل.

قدرة تكريرية

من جانبه، قال نائب مدير البرامج الأكاديمية في الكلية الدولية الأميركية د. عواد النصافي، إن «النفقات الرأسمالية لمؤسسة البترول الكويتية حتى عام 2040 ستبلغ نحو 508 مليارات دولار»؛ منوها إلى أن القدرة التكريرية حالياً تبلغ 700 ألف برميل يوميا، ويتوقع أن ترتفع إلى 800 ألف برميل يوميا عند تشغيل الوقود البيئي، وبالانتهاء من مصفاة الزور الجديدة ستضيف طاقة تكريرة تتجاوز 600 ألف برميل يوميا، لتصبح الطاقة التكريرية 1400 برميل يوميا في 2020.

وأضاف أن هذه القدرة التكريرية لن تحقق رؤية 2040 إلا من خلال إنشاء مصفاة جديدة بخلاف الوضع الحالي، لذلك أعلنت المؤسسة تحديثات للرؤية النفطية 2040.

ولفت إلى أن هذا التحديث في الرؤية كان متوقعا، لأن الأسعار الحالية والوضع الاقتصادي العالمي لا يشجع على توسيع الإنتاج وزيادته، موضحا أن التحديثات الطارئة على الخطة كانت خطوة في الطريق الصحيح.

وأشار إلى أن الفارق بين معدلات الإنتاج باستراتيجية 2040 المعلنة، والمحدّثة يرجع السبب الرئيسي فيها إلى التزام الكويت بحصتها المحددة في اتفاق تخفيض الإنتاج في منظمة «أوبك»، ليتناسب مع التطورات الاقتصادية والجيوسياسية، للحفاظ على توازن السوق النفطي، وما تفرضه متغيرات السوق العالمي.

قدرة تنافسية

وذكر أن تقليص الشركات والاندماجات فيما بينها يوفر في التكاليف، ويعزز القدرة التنافسية العالمية لمؤسسة البترول، كما يساعد في زيادة التكامل بين مختلف نشاطات القطاع النفطي لتحقيق القيمة المضافة.

وشدد النصافي على أن من اهم مرتكزات الاستراتيجية تعزيز الصناعات النفطية، لتجنب آثار تذبذب أسعار النفط العالمية، والتوسع في مجالات الصناعات النفطية مثل التركيز على قطاع البتروكيماويات، الذي يظل عاملا أساسيا لتعظيم القيمة المضافة للعمليات الشاملة، كما انه يكون أقل عرضة لتقلب أسعار النفط الخام.

وأضاف انه من الملاحظ أن قطاع البتروكيماويات يمثل أقل الاستثمارات في المنطقة بشكل عام، مقارنة بالاستثمارات في القطاعات النفطية والغاز؛ موضحا أن الغاز والنفط سيمثل 50 في المئة من مزيج الطاقة العالمي.

ولفت إلى أن الطلب على الكهرباء يزداد سنويا، وهو يعتمد على الصناعة النفطية، إلا أنه مع وجود طرق تكنولوجية جديدة وتركيز الاعتماد على الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة يجعل تحديث الاستراتيجية النفطية ضرورة ملحة، حيث تسعى كثير من الدول في مشاريع توليد الطاقة الجديدة إلى استخدام الطاقة المتجددة كما هو حاصل في الصين والولايات المتحدة.

إدارة المكامن

أكد النصافي أن من أهم التحديات التي تواجهها الصناعة النفطية أن الإنتاج من بعض المكامن يتدرج من المرحلة الأولية إلى الثانوية، مما يتطلب التعامل مع هذا التغير في إدارة وإنتاج المكامن النفطية؛ مشيرا إلى أن تطوير وإنتاج النفط الثقيل في شمال الكويت يشكّل تحدياً جدياً لشركة نفط الكويت، بالإضافة الى تطوير مكامن الغاز في الشمال والحفر البحري.

وأضاف، انه من أهم التحديات أيضا المياه المصاحبة للانتاج ومعالجتها حسب المعايير البيئية، وقدرة مراكز التجميع على التعامل مع المياه المنتجة.

المعوقات أمام تحديث الرؤية أمر ثانوي مقارنة بثقة عملاء مؤسسة البترول الكبيرة في أدائها ... الكوح

رؤية القطاع النفطي وتحديث الاستراتيجية ستظل شعارات رنانة ما لم يتم تنفيذها على أرض الواقع ....الحرمي

مرتكزات الاستراتيجية لابد أن تتبنى مبدأ تعزيز الصناعات النفطية لتجنب آثار تذبذب أسعار النفط العالمية .... النصافي

رغم انخفاض اسعار الخام وتوقف أغلبية دول العالم عن بناء منشآت نفطية جديدة فإن الكويت كانت من الدول القليلة التي استمرت في تشييدها

تقليص الشركات والاندماجات فيما بينها يوفر التكاليف ويعزز القدرة التنافسية العالمية لمؤسسة البترول
back to top