ألهمت الكاتبة إيمي كادي عشرات الملايين من المشاهدين في جميع أنحاء العالم خلال محاضراتِها على منصَّة TED العالميَّة، بشأن «وضعيّات القوَّة» التي تهِبُ الفَرد سحراً وقُدرةً على تخطّي الفَشَل وتدفعه إلى انطلاقةٍ جديدة ملؤها الأمل والرجاء.
إيمي كادي، مَن هي؟
الدكتورة إيمي كادي عالمة نَفس اجتماعيَّة، ومؤلّفة ذائعة الصّيت، ومحاضرة في جامعة هارفرد، صاحبة جوائز عدَّة.بعدما نالت محاضراتها في السّلوك وامتلاك القوَّة بعنوان: «سحر الشخصيَّة»، طالبها الكثيرون بجمع تلك المحاضرات في كتاب. تضمَّن «سحر الشخصيَّة» عِلما وافرًا ينطوي على وضعيّاتٍ بسيطة وحِيَلٍ مساعدة تؤثّر في العقل وعلى الجسد، فيتعلَّم الإنسان كيفية استخدام تقنيّاتها بأسلوب سهل يتيح له التحرُّر من عقدة الخوف في لحظات الضغط الشديد، وتقديم أفضل أداء لديه. والتواصُل مع الآخرين.الحضور... كيف تتحلّى به؟
الحضور، حالة انسجام وقدرة على التعبير بثقة عن أفكارنا ومشاعرنا وقِيَمنا.ينبع الحضور من صدقك وثقتك بما تتفوَّه به حول مشاعرك ومعتقداتك وقُدُراتك. ولا يعني طبعًا التظاهر بأنَّك مؤهَّل، بل إنَّه يتعلَّق بالإيمان بقُدراتك حقًّا والكشف عنها، وإزالة كلّ ما يتعلَّق عن هويتك.عندما لا نؤمِن بقصصنا أو بما نقول، نصبح غير صادقين، ونخدع بطريقة ما أنفسَنا وسوانا. وهذا الخداع الذاتي كما يتضح، يمكن للآخرين ملاحظته، فيما تتراجع ثقتنا بنفسنا، وتصبح سلوكيّاتنا الكلاميَّة متنافرة.إنَّ الأمر لا يعني أن النّاس يقولون في سرّهم «إنَّه كاذب»، بل إنَّ ما يعتقدونه أنَّ هناك شيئا ما. لا أستطيع أن أضع ثقتي الخالصة بهذا الإنسان. وكما قال والت ويتمان: «إنَّنا نُقنِع سوانا بقوَّة حضورنا وحتى نُقنِع الآخرين علينا إقناع أنفسِنا أولًا».لا تعِظ بل استمِع:
يقول وليام يوري، وهو أحد مؤسّسي برنامج جامعة هارفارد للتفاوض، ومؤلّف كتاب: «الحصول على الموافقة»، الذي استمرّ ضمن قائمة الكتُب الأكثر مبيعا: «عندما نُصغي إلى أحدِهِم، فهذا أبلغ مظاهِر احترام الآخرين».ولكِن لماذا يصعب علينا الاستماع بصمت؟ الإجابة بسيطة. فعندما نلتقي بأحدهم لأول مرَّة، تتكوَّن لدينا خشية من ألّا نُؤخَذ على مَحمَل الجَد، وأنّنا سنبدو بمستوى أدنى. فنحن نتحدَّث أولا إذا، عن الإمساك بزمام الأمور، وإثبات أنفسنا ورغبتنا في إظهار ما نمتلكه من معرفة. إنّ الاستماع يمنح الآخرين الطمأنينة والراحة النفسيَّة بأن هناك مَن يُصغي إليهم بانتباهٍ كامِل. وعندما نتوقَّف عن الكلام والوعظ نكسب ثقة الناس ومحبتهم وصداقتهم.الشعور بعدم الاستحقاق:
نشعر أحيانا بالشكوك حول إمكانيّاتنا، وأنّنا لا نستحق ما يقدّم لنا، فنفكّر: أخشى أن يكتشف الأشخاص الذين يهمّوني أنّني لا أمتلك القُدُرات التي يعتقدون أنّني امتلكها. واعتقد أحيانا أن نجاحي في حياتي أو وظيفتي كان نتيجة حظ.- عندما أنجح في شيء ما وألقى التقدير على إنجازاتي، تراودني شكوك في إمكانية الاستمرار في تكرار هذا النجاح.- كثيرا ما أُقارِن قُدُراتي مع مَن حولي وأعتقد أنّهم قد يكونون أكثر ذكاءً منّي.- إذا تلقّيت قدرًا كبيرًا من الثناء والتقدير على شيءٍ أنجَزته، فإنّني أميل إلى التقليل من أهميَّته.إنَّ هذا الشعور هو احتيال يسلبنا قوَّتنا ويخنق حضورنا ويُشتّت أفكارنا ويجعلنا نشعر بالعجز، ومن الخطأ الامتثال إليه والسَّير في دروبه. فعندما يحكم علينا الآخرون بالنجاح وينعمون علينا بالمديح نتيجة أفكارنا الجيّدة أو إنجازاتنا الناجحة، لماذا نبخس حقنا في التمتُّع بما أحرزناه؟ ولماذا نُقَيّم أنفسنا بمقاييس عاطفيَّة خاطئة؟ إنَّ نتائج أعمالنا أو تصرُّفاتنا هي التي تحكم ما إذا كانت تلك التصرُّفات أو الأعمال صائبة أم خاطئة.الغناء والابتسام طريق معبَّدة نحو السَّعادة:
كان وليام جيمس الأب الروحيّ لعِلم النَّفس الأميركيّ وأحد أشهر الفلاسفة على الإطلاق، وقد ساعدت أفكاره في تشكيل ما يدرسه علماء النَّفس اليوم، وهزت نظريَّته الاختصاصيّين حين قال: «أنا لا أُغنّي لأنّي سعيد، بل أنا سعيد لأنّي أُغنّي». وهكذا الابتسام عندما يرتسم على قسماتِ محيّاك، فإنَّه يجعلُك مسرورًا.تؤكّد هذه الفكرة المحفّزة أنَّ التجارب الجسديَّة هي التي تُسبّب العواطف، وليس العكس. ووفقًا لجيمس، فإنّنا نختبر أو نؤدّي إحساسًا مادّيًّا أو فعلًا ما بأجسادنا. وهذا ما يجعلنا نشعر بطريقة معيَّنة. وقد كتب عام 1884 يقول: «العاطفة غير المجسَّدة هي مجرَّد سراب». وبعد نحو مئة عام نشر عالِم النَّفس جيمس ليرد نتائج دراسة كان قد أجراها لقياس ما إذا كان السلوك الجسدي التعبيري يمكن أن يخلق تجربة عاطفيَّة، فتبيّن له أن التجهُّم في الوجه يجعلنا قانطين، والابتسام يجعلنا منفرجين.قصص واقعيَّة:
يمتاز كتاب «سحر الشخصيَّة» لمؤلّفَته إيمي كادي بالبراعة والحسّ العاطفيّ، ويعجُّ بقصصٍ واقعيَّة عن أُناسٍ تعلَّموا كيفيَّة الصمود من خلال اللحظات العصيبة التي روَّعتهم.سيتعلَّم كلُّ قارئ كيفيَّة التعامُل مع أصعب التحديات بثقة كبيرة، وتخطّيها بارتياحٍ بدلًا من الأسف.أمّا خاتمة الكتاب فتكمن في جملة بليغة قالها ويليام جيمس يومًا:«لتصبح الآن الشخص الذي ستكون عليه في المستقبل».