بعد ساعات من مواجهات قرب مقار حكومية في العاصمة بغداد، ووسط تخوف من الدخول في دوامة عنف، قتل 4 وأصيب العشرات أمس، عندما فتحت القوات الأمنية الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع لتفريق متظاهرين عند بوابات ميناء "أم قصر" الاستراتيجي في محافظة البصرة جنوبي بغداد في محاولة لإعادة تشغيله.وأفاد شهود عيون بانسحاب القوات الأمنية بعد إصرار المتظاهرين على مواصلة الاعتصام في مواقعهم وقطع الطرق أمام حركة الشاحنات الداخلة والخارجة من الميناء المطل على الخليج، والذي يمثل الشريان الرئيسي لواردات البلاد من الغذاء والدواء.
وسيطر المحتجون على آلية تابعة للفرقة المدرعة التاسعة للجيش بعد انسحاب القوات الأمنية إلى داخل الميناء المحاصر منذ أيام.في السياق، استأنف ميناء خور الزبير عملياً استقبال البواخر بعدما شهد إغلاقا من جانب المتظاهرين.
قطع طرق
في هذه الأثناء، تواصلت الاحتجاجات في عموم محافظات وسط وجنوب البلاد، رفضا للطبقة السياسية والفساد، لكن السلطات أكدت إعادة فتح أغلب الطرق في العاصمة أمام حركة المرور.وقطع متظاهرون طريقاً قرب جسر الطابقين باتجاه منطقة الجادرية في بغداد. وتواصل إغلاق جسر الأحرار وجسر بن حيان وطريق الكمالية وساحة كمال وساحة عدن ومحيطها لوجود متظاهرين.وذكر مصدر أمني، أن "الموقف في ساحة التحرير وجسر الجمهورية وسط بغداد جيد، إذ يتمركز المتظاهرون أسفل الجسر وأعلى المطعم التركي"، وذلك غداة محاولة المتظاهرين مهاجمة مكتب رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي. وأعلنت السلطات منع المسيرات بالقرب من المقرات الحكومية.إضراب وكفالة
وتجددت، أمس، التظاهرات الطلابية في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار. وواصل طلبة الكليات في المدينة إضرابهم عن الدوام الرسمي، معلنين العصيان المدني لليوم الثالث على التوالي.وأفادت تقارير بأن المتظاهرين أغلقوا أكثر من عشر مؤسسات حكومية.في السياق، ذكرت تقارير أن "قيادة شرطة ذي قار أعادت العمل بنظام الكفيل بالنسبة للوافدين إلى المحافظة، مما تسبب في ازدحامات شديدة عند النقاط الأمنية، وتظاهر أصحاب مركبات النقل الكبيرة في البطحاء لعدم السماح لهم بالدخول".السفارة الإيرانية
في غضون ذلك، نفى التلفزيون الرسمي الإيراني أن "تكون السفارة الإيرانية ببغداد قد تعرضت لهجوم من جانب محتجين عراقيين غاضبين". ونقل عن مسؤولين في السفارة أن "قوات خاصة من مكافحة الإرهاب تابعة للجيش العراقي، وكذلك قوات مكافحة الشغب موجودة أمام السفارة الإيرانية ببغداد".ونشر ناشطون عراقيون صوراً وفيديوهات تظهر حشوداً أمنية كثيفة قرب السفارة الإيرانية ببغداد قالوا إن بعضها لا يبدو تابعاً لقوات الأمن العراقية الرسمية.وجاء ذلك بعد 24 ساعة من سقوط 10 قتلى برصاص قوات الأمن في محيط قنصلية إيرانية بمدينة كربلاء وقرب مقر التلفزيون الحكومي في العاصمة. وأحصت وكالة الأنباء الفرنسية، أمس، سقوط 270 قتيلاً منذ انطلاق الاحتجاجات.قطع الإنترنت
من جهة ثانية، أقدمت السلطات العراقية من جديد ليل الاثنين ـــ الثلاثاء على قطع شبكة الإنترنت بالكامل في بغداد وجنوب البلاد مع دخول الاحتجاجات شهرها الثاني.وبعد إعادة الشبكة إلى العمل في ساعات الصباح عادت السلطات لتقطعها ظهر أمس، في خطوة وصفتها منظمات حقوقية بـ"أسوء القيود التي فرضتها الحكومة العراقية منذ بداية الاحتجاجات" مطلع أكتوبر الماضي.عبدالمهدي و«الفتح»
إلى ذلك، أعلن مكتب رئيس الوزراء أن الأخير عقد اجتماعاً بحضور رئيسي مجلس القضاء ومجلس النواب والقادة الأمنيين وبمشاركة نائب رئيس هيئة الحشد أبومهدي المهندس المقرب من طهران لبحث فرض الأمن وحماية المتظاهرين والممتلكات وضمان انتظام العمل والدوام وانسيابية حركة المواطنين.وغداة تقديم كتلة "سائرون"، الأكبر بالبرلمان والتي يرعاها رجل الدين البارز مقتدى الصدر، طلباً لاستجواب رئيس الحكومة تمهيداً لسحب الثقة منه على خلفية الأحداث الدامية التي تشهدها البلاد، أبدى زعيم كتلة "الفتح" المقرب من طهران هادي العامري تمسكاً بعبدالمهدي وطالبه بـ"عدم السماح بالفوضى". طالب العامري المتظاهرين بـ"استنكار عمليات غلق الطرق العامة والجسور وتعطيل المصالح الوطنية والمدارس" التي تشوه التظاهرات المطلبية.وأصدرت تحالف "الفتح" المنافس لـ"سائرون" بياناً هاجم فيه من يقوم بـ"خرق النظام العام والتعدي على ممتلكات الأمة باسم الاعتراض والعصيان والحقوق الاجتماعية".وشدد على مطالبة القائد العام للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية باتخاذ الإجراءات لحفظ الأمن ومحاسبة الخارجين على القانون.العبادي
في المقابل، دعا زعيم "ائتلاف النصر" رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، رئيس الوزراء إلى الاستجابة لمطالب الشعب فوراً.وقال العبادي في رد على سؤال حول ما إذا كان يتوجب على رئيس الحكومة الاستقالة، إنه "يأمل أن يستمع عبدالمهدي إلى الناس في الشارع ويقوم بأمر ما سريعاً وإلا فإنه سيكون قد فات الأوان إذا أخر قراره".ولدى سؤاله عن التدخل الايراني رأى العبادي أن العراقيين يجب أن يكونوا ضد أي تدخل خارجي من أي جهة.بريطانيا
وعلى صعيد ردود الأفعال الدولية، وصفت السفارة البريطانية في بغداد العنف ضد المتظاهرين بأنه "أمر غير مقبول"، داعيةً الحكومة العراقية إلى التأكد من أن جميع القوات الأمنية "تحمي المتظاهرين وتتصرف بصورة مناسبة".مستشار خامنئي: عبدالمهدي «ثوري»
عبر علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية، عن دعم طهران لبقاء رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي في رئاسة الحكومة، واصفاً إياه بأنه "خادم للشعب ذو خلفية ثورية".واتهم ولايتي، في مقابلة مع قناة "فرنس 24"، المتظاهرين الذين هاجموا قنصلية بلاده في كربلاء بإثارة الفوضى مجدداً القول: "أميركا وإسرائيل وبعض دول المنطقة تحاول التسلل إلى العراق ولبنان لتقويض المطالب المشروعة للشعبين العراقي واللبناني"، معتبراً أن "خروج الاحتجاجات عن طابع السلمية في العراق ولبنان سيكون ذريعة لتدخل الآخرين".
أطول علم
شارك آلاف العراقيين في مسيرة بمحافظة كربلاء رفعت أطول علم عراقي، حسب ما أعلن منظمو المبادرة. وجابت المسيرة مختلف شوارع المدينة، أمس وأمس الأول، بينما أشار منظمون إلى أن طول العلم بلغ أكثر من ١٠٠ متر وعرضه خمسة أمتار.حملة تنظيف
منذ الصباح الباكر، شارك عشرات المتظاهرين من الشبان والشابات العراقيين بحملة تنظيف نفق يودي إلى "ساحة التحرير" مركز الاحتجاجات في قلب العاصمة. وشارك العشرات في إزالة النفايات وغسل الأدراج الخاصة بالنفق المغلق منذ سنوات والذي يستغله المتظاهرون حالياً.تبرع بخوذة
أطلقت طالبات في إحدى مدارس محافظة الديوانية، أمس، حملة لجمع التبرعات من أجل شراء خوذ رأس لحماية متظاهري ساحة التحرير ببغداد من القنابل المسيلة للدموع التي تطلقها السلطات الأمنية.وباتت أعداد كبيرة من المتظاهرين في ساحة التحرير يرتدون خوذاً مدنية تشبه إلى حد بعيد تلك التي يرتديها الجيش وتباع في العراق في متاجر متخصة ببيع العتاد العسكري ولوازمه.«فيسبوك» يقود إلى السجن بالأنبار
أكد ناشطون في محافظة الأنبار، أمس، ما أعلنته منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية بوقوع اعتقالات نفذتها السلطات المحلية في المحافظة التي تسكنها أغلبية سنية بحق ناشطين أعلنوا دعمهم للحراك في بغداد والمحافظات الجنوبية التي تسكنها أغلبية شيعية على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال ناشطون، إن الحملة بدأت باعتقال الناشط سمير الفرج، في 27 أكتوبر الماضي، عقب كتابته منشوراً عبر صفحته في فيسبوك، يدعم فيه تظاهرات بغداد، على الرغم من عدم دعوته إلى تظاهرات في الأنبار.