ظاهرة الحراك الشعبي العفوي
إن أبرز ظاهرة للحراك هي الوحدة الوطنية ومفهوم المواطنة الحقيقي، وعفويته وسلميته وشبابيته، وهذا الحراك بهذا المفهوم دليل على تطور في الوعي السياسي تخطى القوى التقليدية السياسية والطائفية، وأثبت فشل الأنظمة السياسية، وعدم قدرتها على قراءة الواقع.
عندما ينتشر الفساد بسيطرة الطبقة الحاكمة وقواها السياسية ولا تتوافر للمواطن احتياجاته الأساسية يتحرك الناس، وبخاصة الشباب باستخدام الشارع ضد الطبقة الحاكمة وقواها التقليدية، وقد اشتعل الحراك الشعبي مؤخراً في عدد من الدول العربية، فبدأ بثورات الربيع العربي التي أُجهضت، وأخيراً بدأ الحراك بعيداً عن القوى السياسية والطائفية ضد الطبقة الحاكمة بنهج سلمي عفوي، فنزلت الجماهير إلى الشوارع في حراك سلمي عفوي أسقط كل الشعارات التقليدية للقوى السياسية والطائفية، والذي لا تفيد معه الحلول الترقيعية. لقد خرجت الجماهير بعشرات ومئات الآلاف لا بل بالملايين، ولها مطالب معيشية تطورت إلى سياسية في السودان والعراق ولبنان، وكان ولا يزال للمرأة دور في السودان ولبنان، والملاحظ أن موقف جيوش تلك الدول كان ولايزال على الحياد، ما عدا بعض قوى الأمن، لكنها لم تستطع وقف ذلك الحراك.
ويلاحظ أن الحراك كان عفوياً وشعبياً وشبابياً بعيداً عن القوى والأحزاب السياسية وشعاراتها، إذ وضع حداً للإثنية التي استشرت في تلك الدول بطرح مفهوم الوطنية، مخترقاً تاريخ تلك القوى التي تشكل الطبقة الحاكمة. إنه بالفعل تحرك جديد يبشر بمستقبل واعد، وبدون شك فإن القوى السياسية والطائفية لن تقف مكتوفة الأيدي تتفرج على ما يجري، ولكن بكل تأكيد، وضع هذا الحراك حداً لتدخلها واستغلالها. لقد تفشى الفساد في ربوع الوطن العربي، وقلنا إن ذلك سيؤدي إلى انهيار الدول لكن الأنظمة والقوى التي تدور في فلكها لم تدرك تلك الحقيقة حتى وقعت في قفص الاتهام، وإن أبرز ظاهرة لهذا الحراك هي الوحدة الوطنية ومفهوم المواطنة الحقيقي، والعفوية لهذا الحراك وسلميته وشبابيته، وهذا الحراك بهذا المفهوم دليل على تطور في الوعي السياسي تخطى القوى التقليدية السياسية والطائفية، وأثبت فشل الأنظمة السياسية، وعدم قدرتها على قراءة الواقع. وما هو مطلوب اليوم وغداً تغيير لا إصلاح، فهناك فرق بين المصطلحين لأن الحراك الشعبي العفوي قد أرسل رسالته، ولن يتراجع عنها، وأصبح الوطن العربي رغم تخبط بعض دوله ساحة لذلك الحراك الذي تخطط قوى الفساد والظلام لإجهاضه، لكن المستقبل لمصلحة هذا الحراك وليس لتلك القوى التي لم تفهم الدرس، أما عن وجود من يحرك ويقود هذه الجماهير فهذه ليست مشكلة لأنها قادرة على فعل ذلك، المهم أنها ضد الفساد، وبعيدة عن الطبقات الحاكمة وقواها الفاسدة، فهو تحرك شعبي عفوي يبشر بفجر جديد.