«إن بارادوكس»... عندما تتحرر السينما من سطوة الأماكن المغلقة

قصة نفسية إنسانية اعتمدت على عنصري التشويق والإثارة في سينما «ليلى غاليري»

نشر في 07-11-2019
آخر تحديث 07-11-2019 | 00:00
أقيم مساء أمس الأول العرض الخاص لفيلم "إن بارادوكس"، في سينما ليلى غاليري بالسالمية، وسط حضور فني وإعلامي كبير تقدمه الشيخ دعيج الخليفة، ومنتج الفيلم الفنان عبدالرحمن العقل، ومخرج العمل حمد الصراف، وبطله الفنان فيصل العميري، بمشاركة الفنان القدير جاسم النبهان، إلى جانب الفنان التونسي غانم زرللي، الذي حضر خصوصاً لمشاهدة العرض الأول.

وحضرت أيضاً نخبة من نجوم الساحة الفنية الذين توافدوا على السينما لمؤازرة فريق عمل "إن بارادوكس" منهم الفنان خالد البريكي، والفنانة زهرة الخرجي، والفنانة الإماراتية هدى الخطيب، والمخرج علي العلي.

وفيلم إن بارادوكس" تأليف وإخراج حمد الصراف، وبطولة فيصل العميري وجاسم النبهان من الكويت، فايز قزق وجفرا يونس وسامر إسماعيل من سورية، وغانم زرللي من تونس.

ويتحدث الفيلم الذي تقع أحداثه في ساعة ونصف الساعة عن قصة رجل يعاني ذكريات ليست له، ويتتبع الرموز ليفك لغز هذا الغموض، لكنه يواجه مصاعب تعرِّض حياته للخطر، كي يصل إلى اكتشاف يغيِّر مجرى حياته، كل ذلك بأطر وصيغ سينمائية تمثل المتعة والفرجة السينمائية، فماذا قدم الصراف مؤلفاً ومخرجاً والعميري ورفاقه في التمثيل؟

الإعلان الدعائي

سؤال شغلني منذ المرة الأولى التي شاهدت فيها الإعلان الدعائي للفيلم ربما لأنها أيضاً المرة الأولى التي يتحرر فيها مخرج من الأطر التقليدية ويترك للكاميرا العنان ليعتمد بصورة كبيرة على المشاهد الخارجية، وأزعم أن "إن بارادوكس" شكل تحدياً كبيراً بالنسبة لصنّاعه ومغامرة احتاجت جرأة وإمكانات فنية وتقنية كبيرة وهذا ما تحقق في العمل، قلما نجد مؤلفاً يكتب عملاً نفسياً يعتمد في حبكته على فكرة فانتازيا يكتنفها الغموض والإثارة تنتهي بمفاجأة كبيرة وأيضاً قلما يعتمد مؤلف على وضع مفاتيح لفهم المغزى من فيلمه بين حوارات الممثلين وهو ما فعله الصراف في عمله فكل حوار كان يهدف لشيء يجد المشاهد له تفسيراً لاحقاً.

لغة السينما

كما اعتمد الصراف على الصورة وهي لغة السينما بامتياز ساعده في ذلك عنصر التمثيل الذي كان على درجة كبيرة من الاحتراف، بدء من بطل العمل فيصل العميري الذي يذهب في "إن بارادوكس" إلى منطقة أخرى بأداء يمكن وصفه بالسهل الممتنع، إذ وضع العميري جل خبرته في هذا الدور الذي قدمه بصورة مختلفة تماماً عما اعتدنا عليه، مروراً بالفنان القدير جاسم النبهان وصولاً إلى جميع أبطال العمل من مختلف الدول العربية الفنان السوري القدير فايز قزق، الذي ظهر في مشهدين فقط ولكنهما مؤثران في سير الأحداث.

إسماعيل وزرللي

الأمر نفسه، ينطبق على الفنان السوري سامر إسماعيل والتونسي غانم زرللي اللذان شكلا ثنائياً مميزاً، أغلب أبطال الفيلم نجوم مسرح يهتمون بأدق تفاصيل الشخصيات ويجيدون التعبير بملامح الوجه والنظرة دون الحاجة للحديث، استطاع المخرج أن يوظف تلك الإمكانات الكبيرة معتمداً أيضاً على خبرة أغلبهم السينمائية، العميري بصدد تجربته الثالثة، أما فايز قزق فله باع طويل الأمر نفسه ينطبق على القدير جاسم النبهان، ولكن السؤال الذي طارد الصراف كمخرج هو لماذا هذا الخليط من اللهجات ؟ وما السبب في اختيار إيران لتصوير أحداث الفيلم؟

قصة شاب

إن حبكة "إن بارادوكس"، تعتمد على قصة شاب يؤنبه ضميره لشعوره بالمسؤولية المباشرة عن مقتل أبيه فيهرب من واقعه إلى عالم الأحلام حيث يختلق قصة بشخوصها وصراعاتها في عالم موازٍ وزمان مختلف لذلك أراد المؤلف المخرج أن تدور الأحداث في اللا زمان واللا مكان لنتابع رحلة هذا الشاب الذي سقط أسير ذكريات ليست له فيحاول الوصول إلى خاتم والده لعله يجد في ذلك الخلاص مما يؤرقه ليستفيق في نهاية المطاف على حقيقة أن حياته تعتمد على ذاكرته هو وليس أحد آخر تلك الجملة التي وضعها المؤلف على لسان الفنان فايز قزق واتضح المغزى منها في نهاية العمل.

سطوة الأماكن

إخراجياً، تحرر الصراف من سطوة الأماكن المغلقة والتصوير في المنازل والعمارات الشاهقة ذهبنا معه في رحلة إلى ربوع إيران حيث الطبيعة والجمال، واستدرجنا لتلك البلدة القديمة، وما تحمله من عبق الماضي وفق مبرر درامي وحبكة لا يختلف عليها اثنان، فالقصة كلها هي كابوس مزعج مر به بطل الفيلم نتيجة إحساسه بالمسؤولية عن وفاة والده على أيدي سارق اقتحم منزلهم، وفي هذا الكابوس كل شيء مباح أن يرى ذكريات ليست له، وأن يحدث اشخاص بلهجات مختلفة ، وأن يبحث عن خاتم وهمي لعله يجد فيه الخلاص الذي لا يكون إلا عبر قلبه النابض.

back to top