فتح معرض «الفن في حضارة بلاد المسلمين» أبوابه للزوار في المركز الأمريكاني الثقافي بدار الآثار الإسلامية، بعد جولة عالمية امتدت 8 سنوات، وحطت رحالها أخيراً بوطنها الكويت لتستمر فعاليات المعرض حتى نهاية عام 2020.

وأقيم حفل افتتاح المعرض بحضور كبير للعديد من الجنسيات والجاليات العربية والأجنبية المهتمة بفنون الحضارة الإسلامية، تحت رعاية وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب محمد الجبري، وحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كامل العبدالجليل.

Ad

الإشعاع الثقافي

وبدأ حفل الافتتاح بكلمة ترحيب مدير إدارة المصادر الثقافية والفنية بدار الآثار الإسلامية دلال الفضلي بالحضور الذي اكتظ به قاعة الحفل وقاعات المعرض، مؤكدة دور الفن ودار الآثار الإسلامية في مسيرة ممتدة منذ 35 عاماً على نشر الإشعاع الثقافي بكافة أرجاء المعمورة.

وأوضحت الفضلي، أن المعرض يشمل قطعاً أثرية يعود تاريخها إلى بداية القرن الأول الهجري (السابع الميلادي) حتى نشوء الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية الصفوية في إيران والإمبراطورية المغولية في شبه القارة الهندية، ويضم أكثر من 200 قطعة فنية تاريخية متنوعة «تلهم القلب قبل العين»، ومن ضمنها مخطوط قرآني مزخرف بالذهب والفضة والألوان الساطعة ونص مكتوب على خلفية حمراء مظللة من القرن العاشر الهجري والعديد من التحف الرائعة من الفن الإسلامي.

حول العالم

وأضافت أن المعرض يستمر حتى نهاية عام 2020 في المركز الأمريكاني الثقافي ويفتح أبوابه يومياً ما عدا الأحد للزوار للاطلاع على أجمل التحف والآثار ضمن مجموعة الصباح الآثارية، مبينة أن المعرض المتنقل جال في بلدان عدة حول العالم منها إيطاليا والنمسا وكوريا الجنوبية ومملكة البحرين وتعتبر الكويت محطته الأخيرة.

وشكرت الفضلي الدعم الكريم من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الذي ظل داعماً لدار الآثار الإسلامية في هدفها لإثراء المشهد الثقافي في الكويت ليلقي بظلاله عربياً وعالمياً، لافتة إلى أن الشكر موصول لشركة نفط الكويت، وبيت التمويل الكويتي على دعمهما للمعرض وحركة الفن.

حدود الفن

من جانبه ، قال العبدالجليل في كلمته بمناسبة افتتاح المعرض، إن الفن هو أصدق أنباء التاريخ، وأحد علوم هندسة الروح والجسد ووعاء الحضارة وانعكاس للهوية الثقافية والمستوى الإبداعي للإنسان.

وقال إنه يشاطر الشيخة حصة الصباح المشرفة العامة لدار الآثار الإسلامية، ومن أصحاب مجموعة الصباح رأيها بصعوبة تعريف كلمة (فن) إلا إذا كانت مقترنة بنوع من أنواعه كالفن البصري أو التشكيلي أو السينمائي، مشيراً إلى تعقيب الشيخة حصة الصباح في تمهيد راق تضمنه كراس المعرض أن كلمة الفن غير موصوفة في العربية بمعنى أنه لا حدود له وهذا هو سر تلاقيه بنتاجات العقل الإنساني ونواياه.

وأكد أن مجال صناعة الثقافة في مجتمع معرفي لابد أن ينطوي على ملامح التحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للأمم، مما يرتقي بفنون الأوطان، وفي مقدمتها الفن الإسلامي، مثمناً دور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في استثمار التنمية الثقافية بكل جوانبها، وهي رسالة المجلس في دعم الحركات الثقافية المتغيرة عبر الزمن، مضيفاً أن معرض الفن في حضارة بلاد المسلمين أحد الأدوات التي يثبت من خلالها المجلس دعمه الشديد والمتواصل لعجلة الثقافة ودورها المتنامي.

الحضارة الإسلامية

وأضاف العبدالجليل، أن للحضارة الإسلامية التي يجسد المعرض جانباً مضيئاً منها دوراً فعالاً في التواصل بين الشعوب في بقاع جغرافية ممتده في العصور الوسطى والحديثة، مؤكداً أن أهمية وميزة المعرض في تناوله الامتداد الجغرافي للحضارة الإسلامية التي وصلت لبقاع بعيدة عن المركز كإسبانيا والصين وجانب الامتداد الزمني الذي يفوق الـ 14 قرناً من الزمان.

واستطرد أن انتشار الرسالة الدينية للإسلام والتوسع المتلاحق ساهم بتلاقي المسلمين مع شعوب مختلفة دينيا وحضارة وثقافة فكان الاحتكاك والانفتاح الإسلامي على إمبراطوريات عظمى كبيزنطة في الغرب والساسان في الشرق ما أدى إلى تطور الفنون ونضجها والتي تعكسها مقتنيات هذا المعرض الفريدة والمتميزة.

وأوضح أن الحضارة الإسلامية خلقت قاعدة من التواصل والحوار الحضاري بين الشعوب عن طريق التأثر والتأثير في الفنون الأوروبية والشرقية أيضا، ما نتج عنه إرث فني ومعماري ملهم، وهو ما يكشف عنه هذا المعرض في جنباته المختلفة بما يحويه من قطع تاريخية شاهدة على عصور تألق الحضارة الإسلامية.

تهم التشدد

وأشار العبدالجليل إلى أن المعرض يسلط الضوء على تجليات الفن الإسلامي وتنوعاته وخاماته كالأحجار والخشب والزجاج والنسيج والخط والزخرفة والمشغولات المعدنية والجواهر والحلي بحيث تظهر الأحاسيس غير المرئية وتسخير الطبيعة وعناصرها وإعادة صياغتها وتركيبها، وهو ما يثبت النفس الحضاري للاسلام البعيد كل البعد عما يلصق به ظلما تهم التشدد تجاه الفنون بشكل عام.

وأفاد أن الحضارة الإسلامية ألهمت العالم وكانت ولا تزال مبنية على قيم مستنيرة استطاع من خلالها المسلمون إثبات وجودهم وتجسيد التعاليم السمحة التي جاء بها دينهم العظيم والذي يرسم صورة الوجود من زاوية التصور الاسلامي الرفيع والتعبير الجميل عن الحياة من خلال تصوراته.

وذكر أن قيم الحضارة الإسلامية ساعدت المسلمين على إثبات وجودهم وتجسيد التعاليم السمحاء التي جاء بها ديننا العظيم والذي يرسم صورة الوجود من زاوية التصور الإسلامي الرفيع والتعبير الجمالي عن الحياة ومكوناتها.

مجموعة الصباح

وثمن العبدالجليل الدور الكبير والحضاري لدار الآثار الإسلامية ومجموعة الصباح على ما تقوم به من جهود مضنية ومهمة لتقديم فنون بلاد المسلمين للجمهور الكويتي والعالمي وذلك منذ تأسيسها عام 1983 معتبراً أن هذا المعرض شاهد من بين مئات الشواهد على دأبها لنشر الثقافة والتنوير والترفية من خلال مواسمها الثقافية.

واختتم المؤتمر الصحافي بجولة تفقدية بأجنحة المعرض بصحبة أمين عام مجموعة الصباح الآثارية سلام قاوقجي ومساعدها مطلق الجريد، عبر خلالها الحضور وفي مقدمتهم الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كامل العبدالجليل عن سعادتهم وفخرهم بما يشاهدونه من تحف نادرة وقطع آثارية غاية في الروعة والرقي، إضافة إلى الرعاية والعناية التي توليها دار الآثار الإسلامية بين جدرانها لهذه التحف الأثرية الثمينة.