لبنان: الاحتجاجات تنتقل إلى المدارس والإدارات الرسمية
• عون: أحلنا 17 ملف فساد إلى التحقيق
• جعجع: نؤيد حكومة لا علاقة لها بالأكثرية النيابية
انتقل الحراك الاحتجاجي في لبنان الذي يدعو إلى التغيير، لمرحلة جديدة بعد فتح الطرقات. واعتصم الآلاف في معظم المناطق أمام إدارات الدولة ومؤسسات متهمة بالفساد، بينما شارك آلاف الطلاب في تظاهرات أمام مدارسهم.
بعدما أقدم الجيش اللبناني والقوى الأمنية على فتح الطرقات العامة الرئيسية، انتقلت الاحتجاجات من الشارع إلى المدارس، حيث شارك عدد كبير من طلاب المدارس الثانوية في اعتصامات احتجاجية أمام مدارسهم وطلاب الجامعات أمام جامعاتهم، وذلك بالتوازي مع تنفيذ المتظاهرين "الخطة" من خلال الاعتصامات الاحتجاجية أمام عدد من المؤسسات الرسمية والخاصة، بهدف الضغط على السلطة لتسريع الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس مكلف لتشكيل الحكومة الجديدة. يأتي ذلك في وقت لا تزال المشاورات الحكومية تراوح مع تعنّت بعض القوى السياسية، وتحديداً "حزب الله"، بألا تختلف التركيبة الحكومية الجديدة عن سابقاتها لجهة احترام التركيبة السياسية القائمة في البلد، التي استمدت شرعيتها من صناديق الاقتراع، مع احترام مطالب الحراك وتمثيله وزاريا، وهو أمر يرفضه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، المتمسك بمبدأ حكومة "التكنوقراط".
المدارس
احتشد عدد كبير من طلاب المدارس أمام مبنى وزارة التربية في "الأونيسكو" بيروت، مردّدين شعارات "الشعب يريد إسقاط النظام"، كما أقفلوا الطريق في المحلّة. ونفّذ تلامذة المدارس في جونية مسيرات احتجاجية في محيط مدرسهم للمطالبة بحقوقهم، ثم توجهوا إلى قصر العدل في السراي، وعمدوا إلى إقفال المدخل، مطلقين هتافات مؤيدة للحراك المدني.وفي صيدا، أقفلت ساحة تقاطع "إيليا" بجهاتها الـ4، حيث رفع علم لبناني كبير على مسربَيْ الأوتوستراد الشرقي من الشمال نحو الجنوب، باستثناء المسرب الذي فتحه الجيش أمام المواطنين باتجاه الجنوب وإلى داخل صيدا، في حين تجمّع الطلاب وسط الساحة. وقام بعض الطلّاب في جبيل بمسيرة في سوق جبيل، ردّدوا خلالها هتافات دعت إلى "تلبية مطالب الشعب اللبناني".ونظّم طلاب ثانويات ومدارس قرى الجديدة والفاكهة والزيتون ورأس بعلبك تظاهرة طلابية حاشدة حاملين الأعلام اللبنانية، ومطالبين بـ "مجانية التعليم وبدولة مدنية وقوية تقي مواطنيها شرّ الهجرة للخارج". كما تجمّع عددٌ من طلاب الجامعات والثانويات في "ساحة النور" بطرابلس، رافعين الأعلام اللبنانية وراية الجيش ولافتات تؤكد "استمرارهم في الحراك حتى تحقيق المطالب كافة". وفي النبطية، نظم عدد من طلاب "الجامعة اللبنانية – الدولية" - النبطية و"ثانوية الصباح الرسمية" و"ثانوية السيدة للراهبات الأنطونيات" و"المدرسة الإنجيلية" في، مسيرة جابت شوارع المدينة، وصولا إلى مصرف لبنان. كما نظم اعتصامان في بيروت؛ الأول مقابل قصر العدل، والثاني أمام مبنى الضريبة على القيمة المضافة.عون
وأبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون المدير الإقليمي لمجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا، ساروج كومارجاه، الذي استقبله قبل ظهر أمس في قصر بعبدا، أن "الحكومة العتيدة ستضم وزراء يتمتعون بالخبرة والكفاءة ومن ذوي السمعة الحسنة وبعيدين عن شبهات الفساد"، لافتا الى أن "التحقيقات التي ستتم مع مسؤولين حاليين وسابقين تدور حولهم علامات استفهام، لن تستثني أحدا من المتورطين". وقال عون خلال اللقاء إن "لبنان على مفترق طرق دقيق، خصوصا من الناحية الاقتصادية، وهو في أمسّ الحاجة الى حكومة منسجمة قادرة على الإنتاج ولا تعرقلها الصراعات السياسية والمناكفات، وتلقى الدعم المطلوب من الشعب"، مشيرا الى أن "المشاريع الإصلاحية التي اقترحها لاستكمال منظومة مكافحة الفساد، باتت في عهدة مجلس النواب، وأهمها رفع السرية المصرفية ورفع الحصانة عن المرتكبين واستعادة الأموال المنهوبة وإنشاء المحكمة الخاصة بالجرائم المالية".وأكد عون أنه "لن يتردد في طرح أي قانون إصلاحي يتناغم مع أولوية المرحلة المقبلة، علما بأن الملفات التي أحيلت إلى التحقيق، سيتم السير بها وعددها 17 ملفا تتعلق بالفساد، والمحاسبة ستشمل جميع المتورطين والمشتركين والمسهّلين".البنك الدولي
في موازاة ذلك، أعلن البنك الدولي، في بيان أمس، أن "الوضع في لبنان يصبح أكثر خطورة بمرور الوقت، وتحقيق التعافي ينطوي على تحديات أكبر"، متوقعا "ركودا في 2019 أكبر بكثير من التقدير السابق بأن يسجل الناتج المحلي الإجمالي معدّل -0.2%".ودعا البنك إلى "تشكيل حكومة سريعا تلبي توقعات جميع اللبنانيين"، منبها من "خطورة المرحلة". وختم: "للإسراع في إيجاد حلول بما فيها تشكيل الحكومة".جعجع
في السياق، أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في تصريح أمس، أن "القوات ليست مع أية حكومة لها علاقة بالسياسيين وبالأكثرية النيابية والوزارية"، لافتاً الى أنه "في مقابل تصميم الناس، بعض من في السلطة يحاول الالتفاف على مطالب الشعب". وشدد على أن "أي محاولة لتشكيل حكومة اختصاصيين تسميها هذه الأكثرية أمرٌ مرفوض وفخّ"، مضيفا: "نريد حكومة اختصاصيين مستقلين لا علاقة لهم بالأكثرية السياسية".جنبلاط
إلى ذلك، أعرب رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط عن أمله بأن يرى المتظاهرين في لبنان ينجحون، مؤكدا "إنني لستُ ملاكا، بل في نهاية حياتي السياسية، ويجب أن أقدّم رسالة أمل للجيل الجديد"، موضحا أن "خلال عمله في مجال السياسة منذ 40 عامًا، هذه هي المرة الأولى في تاريخ لبنان التي تحدث فيها مثل هكذا ثورة بعيدا عن الطائفية، وتمتدّ من شمال لبنان إلى جنوبه".وقال في حديث أمس: "أنا مذنب أيضا بالأزمة في لبنان، بدأت عملي السياسي تزامنا مع بداية الحرب اللبنانية، وكان عليّ أن أدافع عن الشعب، ولكن في نهاية مسيرتي السياسية أقول إن هناك حاجة إلى التغيير".