«المولد النبوي» والتكنولوجيا الحديثة
يستذكر المسلمون مولد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، خير استذكار وخير سيرة لرسول الهداية والقدوة في تطبيق الإسلام وأحكامه وسماحته، فتعجز العبارات وتضيق الكلمات عما يمكن أن يصف به المسلم مناسبة ذكرى مولد الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، فهو ليس مجرد مولد لإنسان حميد الخصال، إنما هي استذكار لمولد من أرسل رحمة للعالمين، فقال عز وجل في كتابه العزيز "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ". فسيرة الرسول العطرة قدوة للمسلم في صلاته وعبادته وفي حياته اليومية من رحمته وتسامحه، فجاء في قوله تبارك وتعالى "لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً"، واستذكاره ليس قصراً على يوم أو مناسبة لكن التذكرة تنفع المؤمن، ولعلها وسيلة حقيقية للتذكير برسالة الإسلام ورحمة رسول حين يعلمهم شعائر دينهم، وهي واحدة من أعظم دلائل رحمة الخالق بخلقه. وليس لهذه المناسبة العطرة طقوس معينة لدى المسلمين، فتجد أغلب دول العالم وخاصة الإسلامية تحرص على التذكير به وإلقاء الخطب الإسلامية، والتكنولوجيا ساعدت في ذلك، فتذاع الخطب والمواعظ المذكرة بسيرة الرسول في الإذاعة والتلفاز، وتخصص برامج حلقات خاصة للتذكير بهذه المناسبة، وحتى الأسر تحرص على أن تجتمع مع أبنائها وتذكرهم بها وتروي لهم أجزاء من سيرته وسنته. ولكن مع تطور التكنولوجيا الحديثة أصبح يغلب على هذه المناسبة التذكرة بعبارات وبطاقات الرسائل الإلكترونية خاصة على مستوى الأسرة الواحدة، وهي وإن كانت جميلة ومحمودة إلا أنها لا تغني بالتأكيد عن التواصل، فلابد في مناسبات جليلة كهذه من التذكير بالسنّة النبوية، التي ترتبط بصلاح دين وحال وأخلاق الأبناء أن يكون التذكير بالحوار المباشر، فالرسائل الإلكترونية مهما بلغ جمالها وقوة تأثيرها لا تصل إلى قوة تأثير الاجتماع بالأبناء والتحدث لهم مباشرة، فقراءة بسيطة من سنة الرسول لا شك أن تأثيرها أقوى، وكذلك لو بتطبيق جزء يسير من سنته ربما غفلت أو تقاعست عنها في أيام أخرى كالتواصل مع صلة الأرحام اقتداء لسنة النبي، وكذلك الصدقة وغيرها من سنة النبي التي لم تدع صغيرة ولا كبيرة إلا احتوتها. اللهم صلّ وسلم وبارك على خير البشر محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين.