مفاوضات إنشاء بنك في الكويت بدأت عام 1935م وأصبحت جدية عام 1936م
ذكرتُ في المقال السابق، أن البنك الشرقي (وهو بنك بريطاني)، خاطب الشيخ أحمد الجابر الصباح، رحمه الله، بتاريخ 23 سبتمبر 1936م، من خلال فرعه في البصرة، وأبلغه بأن موافقة شفوية من الشيخ أحمد لفتح فرع للبنك في الكويت وصلته عن طريق شخص اسمه أشرف شمس الدين. ورداً على هذه الرسالة، كتب الشيخ أحمد رسالة جوابية لمدير فرع البنك الشرقي في البصرة بتاريخ 27 سبتمبر 1936م، يؤكد فيها موافقته لفتح الفرع. وأشار الشيخ أحمد في رسالته، التي لم أعثر على نسختها العربية، بل عثرتُ على النسخة الإنكليزية، أنه رداً على رسالة البنك بتاريخ 23 سبتمبر، فإنه بناءً على المحادثات مع شمس الدين، التي أبدى خلالها رغبة البنك في فتح فرع بالكويت، فإن الكويت ليس لديها مانع من ذلك. كما طلب الشيخ أحمد من البنك أن يؤكد رغبته في فتح فرع بالكويت، لتتسنى مخاطبته بالشروط التي تراها الكويت مناسبة لذلك. وفعلاً في رسالة أخرى بتاريخ 30 سبتمبر من نفس العام، كتب البنك رسالة إلى الشيخ أحمد يؤكد فيها أن مجلس الإدارة في لندن وافق، من حيث المبدأ، على فتح فرع في الكويت، لكن يبقى القرار النهائي مرتبطاً بمدى الدعم الذي ستقدمه الكويت للبنك، خصوصاً الدعم الشخصي من سمو الأمير.
وطلب البنك من الشيخ أحمد أن يحدد الشروط التي يريدها من أجل عمل اتفاقية وبدء العمل في الكويت. وفي هذه الأثناء كان المقيم البريطاني في بوشهر يتابع هذه المراسلات، ويعرف بتفاصيلها من المعتمد البريطاني في الكويت، ومن الشيخ أحمد نفسه، فكتب رسالة إلى حكومته بتاريخ 6 أكتوبر 1936 يقول فيها إن الشيخ أحمد أبلغه بأن البنك الشرقي خاطبه بشأن فتح فرع له في الكويت، وأن الشيخ أحمد يميل إلى الموافقة بشروط محددة، أهمها موافقة الحكومة البريطانية. واقترح المقيم البريطاني على حكومته أن توافق على فتح فرع للبنك الشرقي في الكويت، وأن تسمح له بسؤال الشيخ أحمد عن شروطه تجاه ذلك، مشيراً إلى أنه من المهم أن يوافق البنك على تعيين مدير بريطاني على الدوام في الكويت. وفي تاريخ 8 أكتوبر، كتب المعتمد البريطاني بالكويت رسالة مطولة إلى المقيم في بوشهر، يوضح فيها موقفه من فتح فرع للبنك الشرقي في الكويت، حيث أكد أنه يتفق مع موقف المقيم البريطاني المتضمن في رسالة سابقة يعود تاريخها إلى 26 يونيو 1935م، والتي أوضح فيها أنه من الأفضل أن تستغل الحكومة البريطانية زيارة الشيخ أحمد لبريطانيا، لوضع الشروط بالاتفاق مع أحد البنوك تحت إشراف الحكومة البريطانية. كما أوضح أن البنك الشرقي هو البنك الأكثر حرصاً على فتح فرع في الكويت، رغم أنه كان متردداً جداً في السنوات الماضية. من خلال هذه المعلومات، يتبين لنا أن المفاوضات لإنشاء بنك في الكويت بدأت في عام 1935م، لكنها بدأت بجدية أكثر في نهاية عام 1936م. وللحديث بقية في الأسبوع المقبل، إن شاء الله.