بغداد تنتظر جمعة ساخنة على وقع «انقلابَين»
تراشق لا ينقطع بين حلفاء إيران وأنصار الاحتجاجات
لم تهدأ الاشتباكات قرب جسور بغداد الخمسة على نهر دجلة، بين المحتجين وقوات مكافحة الشغب ومسلحين مجهولين، لليوم الرابع على التوالي، ضمن حركة التظاهرات الواسعة منذ مطلع أكتوبر الماضي، وسط تصاعد في عمليات الخطف والاغتيالات، واستمرار سقوط القتلى في محاولات الحكومة لفض اعتصامات قرب المواقع الحساسة، إذ لم تنجح إلا في تفريق المتظاهرين أمام ميناء أم قصر الرئيسي في البصرة أمس، بعد سقوط العشرات من الضحايا.وبينما يتوقع أن يشهد اليوم الجمعة تحشيداً كبيراً في الاحتجاجات التي تحظى بتأييد شعبي واسع، وبوادر تعاطف دولي يدين استخدام القوة المفرطة معها، تواصل التراشق بين حلفاء إيران في العراق والتيارات المدنية المطالبة بوقف التدخل الإيراني في البلاد.وتنشغل الأوساط السياسية بمحاولة توقع التطورات المحتملة إثر تزايد تدخل الميليشيات المقربة من إيران في القرار الأمني والسياسي، إلى درجة أن بعض الأطراف السياسية تتحدث عن «انقلاب» حصل ضد الرئاسات الثلاث، حصر القرار بيد حلفاء جنرال حرس الثورة الإيراني قاسم سليماني، الذين يتحدثون بدورهم عن انقلاب مضاد ينفذه حلفاء واشنطن عبر دعم حركة الاحتجاج.
يأتي ذلك في وقت تتواصل ردود الأفعال في الأوساط السياسية على اتهام وجهه، عبر التلميح، زعيم ميليشيا العصائب المقربة من طهران، قيس الخزعلي، لرئيس الجمهورية الكردي برهم صالح بالتحالف مع قادة أمن كبار «للانقلاب» على الحكم، وهو ما رد عليه رئيس إقليم كردستان نجرفان بارزاني، أمس الأول، بأن هذا الاتهام الخطير بحاجة إلى دليل. وانحازت أطراف كثيرة، منها رئيس الجمهورية، إلى مطلب أساسي يتداوله المحتجون، يفرض تعديل قانون الانتخابات وإجراء اقتراع مبكر بإشراف دولي يمنع التلاعب الواسع الذي يرجح أنه حصل في انتخابات 2018 ومنح الميليشيات تمثيلاً واسعاً مباغتاً في البرلمان العراقي. واعترف رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، في بيان مكتوب، بعد غيابه أياماً عن الظهور التلفزيوني، بأن التظاهرات «صوت الشعب الهادر»، مؤكداً نجاح حركة الاحتجاج في تحريك عجلة الإصلاح، وضرورة التغيير في آليات الاقتراع العام، لكنه قال إنه لن يستقيل إلا بتوفر التوافق السياسي، داعياً الجمهور إلى تقبل إصلاحات بطيئة يراها أفضل من الفراغ السياسي أو الانفلات الأمني.ويرفض المحتجون تدخل أي جهة سياسية أو دينية في حراكهم، منتقدين محاولات مقتدى الصدر، المقرب سياسياً من حركات الاحتجاج، وكذلك مواقف المرجع الأعلى السيستاني، الذي دعا إلى سلمية التظاهرات، محذراً من وقوع انفلات في بلد يشهد وضعاً أمنياً غير مستقر.وغاب الصدر عن البلاد بعد إدلائه بتصريحات شديدة اللهجة ضد الفصائل المسلحة، وتقول مصادر إنه يناقش مع الإيرانيين إطلاق النار غير المسبوق ضد المتظاهرين، مما أوقع نحو 12 ألف جريح 270 قتيلاً، إلى جانب خطف واعتقال أعداد كبيرة.وخرج الآلاف من منتسبي إدارة المراقد الدينية، التي يشرف عليها المرجع الأعلى، في تظاهرات حاشدة في النجف وكربلاء أمس، رافعين شعاراً رئيسياً يطالب بكشف المسلحين الذين يطلقون النار على المتظاهرين، وهو مطلب أساسي أكده المرجع الديني مطلع الشهر الماضي ولم يحظَ باستجابة مقنعة من الحكومة.وعادت الحياة بصعوبة، أمس، إلى شوارع بغداد وسط تذبذب حاد في خدمات الاتصالات والإنترنت، وجمود في حركة الاقتصاد، وارتباك سياسي قل نظيره نجم عن أوسع حركة احتجاج غاضبة تشهدها البلاد منذ سقوط نظام صدام حسين، وتركزت شعاراتها على إدانة الصفقات الفاسدة التي تعرقل تحسن الإدارة في العراق، الذي يمثل ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك.