مَن سيقرأ تجمّع «الإرادة»؟!
الجماهير التي احتشدت في ساحة الإرادة مساء الأربعاء الماضي، والتي تجاوزت الآلاف تؤشر إلى أن الشارع الكويتي ربما بدأ حراكاً شعبياً جديداً سيشهد تطوراً لافتاً في الأسابيع المقبلة، وهو ما يوضّح أن حالة السيطرة والهدوء التي سادت في السنوات الثماني الماضية لن تدوم، في ظل المتغيرات التي تحدث في المنطقة، وجمود المشهد السياسي في الكويت على وضعه غير المُرضي للشعب، وحالات الفساد وتراجع الحريات، وتنمّر بعض رموز السلطة البرلمانية بخطابات مستفزة للكويتيين، وحالة اللامبالاة الحكومية تجاه تذمّر العامة من أدائها.رمزية الآلاف الذين تجمّعوا في "الإرادة" كبيرة في بلد حجم سكانه صغير مثل الكويت، ويجب على السُّلطة قراءته بتمعّن وعمق، حتى لا تخطئ في حساباتها، فمستوى المعيشة الجيد للكويتيين لا يعني أنهم غير معنيين بالسرقات الكبرى التي تنهب ثرواتهم، ووجود طبقة من ميسوري الحال لا ينفي حالات البطالة المتزايدة وارتفاع سن الزواج، بسبب غلاء السكن وتكلفة المعيشة الباهظة، كما أن البرلمان المقيّد بترتيبات وقبضة رموز برلمانية تتهم الناس بكلماتها طوال الوقت أنها تنسج المؤامرات ضدها، لا يحجب حالة تراجع الحريات في البلد، والقوانين السيئة التي تسجن المغردين وأصحاب الرأي لأسباب تافهة.
أسر الحكم القوية والمتمكنة تتابع أوضاع شعوبها ومتغيراتها، وتستقرئ المستقبل لسنوات طويلة مقبلة، وعندما ترى أن أوضاع مجتمعاتها جامدة ومتردية تُراجع سياساتها وتعيد خريطة تحالفاتها إذا كان ثمنها باهظاً عليها، كما تقدّم تنازلات لشعبها قبل أن يشتد الأمر تأزماً، وتزداد الفجوة بينها وبين شعوبها.في الكويت، رصيد أسرة الحكم كبير لدى الكويتيين، ولا توجد فجوة مع الشعب، بل اختلاف في وجهات النظر حول طريقة وأسلوب إدارة الشأن العام، لذا، فإن ترميم الأوضاع في البلاد أصبح مستحقاً وملحاً، ويتم عبر إصلاحات جدية وفورية تشمل الوضع الانتخابي والسياسي والمؤسسة البرلمانية، فلا يجوز أن تستمر حالة الجمود الحالية، وما يشوبها من فساد ومحسوبية وتداخل بين السلطات، ونفوذ أقطاب برلمانية في إدارة شؤون الدولة التنفيذية، لأن تراكم تلك الأمور سيؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه مستقبلاً.