شيء من الفلسفة... متى بدأت الفلسفة؟!

نشر في 12-11-2019
آخر تحديث 12-11-2019 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم حضارات العراق ومصر والفينيقيين والسبأيين القديمة تركت لنا الكثير من الآثار الدالة على عظمة معطياتها في عصورها الزاهرة، ولكن ليس فيها ما يشير إلى أن إنسان تلك الحضارات كان يُعنى بالفلسفة، لأن الكهنوت كان شغلهم الشاغل... لكن الفلسفة بمعناها الذي وصل إلينا بدأت بوادرها وتمنهجت بعد منتصف القرن الثالث قبل الميلاد يوم كان سقراط– الإغريقي– يعقد جلساته مع تلاميذه بين المعابد ويناقش السفسطائيين، ثم تطورت الفلسفة على يد تلميذه أفلاطون، وخطت خطوات أكثر بالتجارب العلمية على يد أرسطو، ثم حظيت الفلسفة باهتمام الدولة الرومانية التي برع فيها سينكا.

***

• ولكن ألم تكن هناك فلسفة قبل هؤلاء؟!..

بلى... ففي القرنين السادس والخامس قبل الميلاد شغل الإنسانَ الإغريقي الكثيرُ من التساؤلات عن مصدر الكون وسر الخلق وما هي مصادره، هل هو الماء؟ أم الهواء؟ أم الشمس؟... إلخ، حيث طُرِح الكثير من الآراء التي برز فيها الفيلسوف هيراقليطس الذي كان يعتقد أن الشمس تولد كل يوم، وأن غروبها يعني انطفاءها لكي تُشرق من جديد في فجر يومٍ ثانٍ إشارة الى التتابع والتوالي بين الحياة والموت، ويرى أن الشمس، التي تبدو للعين المجردة صغيرة الحجم، هي كبيرة، ومن أشعتها يتولد البخار في الهواء، وهذا البخار يؤثر على الكواكب الأخرى، وعندما ترتفع درجة الرطوبة في الهواء يكون الشتاء، وإذا انخفضت كان الصيف، والقمر يشبه "الدن"، وهذا الوعاء متحرك، وهذه الحركة هي التي تفسر لنا أشكاله المختلفة حين يبدو بدراً أو هلالاً أو يختفي تماماً.

***

• والأشياء على حد تعبير هيراقليطس تسيل، أي دائمة التغير أو في حالة سيولة دائمة... ومن أقواله المأثورة: لست أرى إلا التحول والتغير، ولا يخدعكم نظركم إن ظننتم أنكم تبصرون أرضاً ثابتة في بحر الكون... فالنهر الذي تنزلون فيه للمرة الثانية ليس هو النهر نفسه الذي نزلتم فيه أول مرة.

• والزمن في اعتقاد هيراقليطس هو العامل الأساسي للتغيير، وهذه الحركة مصدرها النار تكون أزلية مثل النار نفسها.

• والله بالنسبة لهيراقليطس هو الليل، والنهار، والشتاء، والصيف، والحرب، والسلم، والوفرة، والقلة، والجوع، والشبع.

وهذه المعاني غامضة، وقال هيراقليطس إنه لا يُفصح عن الفكر ولا يخفيه، ولكنه يشير إليه.

• هيراقليطس يعتقد بوجود بدء عقلي يحكم الوجود وهو القانون الإلهي الذي استمد منه جميع القوانين الطبيعية التي تحكم العالم.

وهذا القانون هو الذي يحقق النظام والانسجام بين الأشياء إنه (اللوغوس logos) أي العقل.

***

• يقول هيراقليطس: إن للوجود جوهراً واحداً، وإنه يتصف بالتعقل، والمعرفة الصحيحة عند الفيلسوف هي المعرفة الكلية والعامة، أما معرفة الجزئيات والأفراد فلا تؤدي إلى الحقيقة.

***

• فلولا هذا النفر من هؤلاء العباقرة لقبع الإنسان في كهوف الجهل والتخلف، ولم يصل الى ما وصل إليه من المعرفة والعلم والتحضر.

back to top