انتفاضة لبنان والعراق تحول جديد
إن السمات البارزة للحراك في لبنان والعراق هي إزالة حاجز الخوف، والرفض الكامل للطبقة السياسية الحاكمة، وللنفوذ الإيراني، وسلمية ذلك الحراك، لكن المشكلة تكمن في أن القوى السياسية التقليدية في الدول العربية لم تدرك أبعاد التحول الجديد، فلا تزال تعيش على أمجادها، وماضيها التعيس، لكن إلى متى؟
لأول مرة تشهد الساحتان اللبنانية والعراقية رفضاً للنفوذ الإيراني، فهتافات المتظاهرين نددت بهذا النفوذ المباشر في العراق، وفي لبنان عن طريق حزب الله، لكن الجديد في الموضوع أن عدداً من الطائفة الشيعية في البلدين ضد ذلك النفوذ، فالبلدان قد سُلبت منهما سيادتهما واستقلالهما، وشاع الفساد فيهما، وفشل التابعون لإيران في إدارة شؤون البلدين، وساد الفقر والتخلف، والنهب لخيرات البلدين من القوة المتسلطة التابعة لإيران، وصبر الشعبان سنوات طويلة على الرغم من خيراتهما خصوصا العراق، واليوم خرج الشباب إلى الشوارع لإسقاط ذلك النفوذ والتدخل في شؤون البلدين بمظاهرات سلمية قدموا من خلالها التضحيات لا سيما في العراق. إن الحراك الذي بدأ في شهر أكتوبر في البلدين ستكون له نتائج مهمة، باسترجاع سيادتهما واستقلالهما، فقد أثبت هذا الحراك وعي الشباب وإيمانهم بالوحدة الوطنية رافضين الطبقات الحاكمة وقواها السياسية، وقد راهنت إيران على الطائفة الشيعية في البلدين، وها هي أعداد من قادتها الدينيين والقواعد تقف ضد الهيمنة والنفوذ الإيراني.
وسيكون حتماً للأحداث الأخيرة تأثير على إيران نفسها، فقد أثبت الشيعة العرب وطنيتهم وعروبتهم، فهتفوا ضد قادة الميليشيات وقادة إيران ومزقوا صورهم، وأحرقوا بعض مقارهم، والمستقبل بكل تأكيد ليس لمصلحة إيران، فقد انتهى النفوذ والتمدد خارج حدودها، وستبدأ مرحلة جديدة، إذ سيعاني النظام الإيراني مشكلات داخلية. لقد وضعت الانتفاضة في لبنان والعراق حداً للنفوذ الإيراني في البلدين، ودخل في الدول العربية لاحتواء ذلك الرفض، فهناك تحولات جديدة نتيجة لذلك، أولها جيل جديد بوعي جديد، وثانيها الإصرار على وضع حد للنفوذ الإيراني في البلدين وذلك لأن عدداً لا بأس به من الشيعة مع الانتفاضة، وضد النفوذ الإيراني في لبنان والعراق. إن عصر استعراض العضلات والتظاهر بالقوة قد هزمته مظاهرات واحتجاجات لبنانية وعراقية، وقالت لإيران كفى أربعين عاماً من العبث في مصير الشعب الإيراني والشعوب العربية، وإن مظاهرات الحراك في البلدين تبشر بعصر جديد، وهو تحول جذري علينا معرفة أبعاده. إن السمات البارزة للحراك في البلدين إزالة حاجز الخوف، والرفض الكامل للطبقة السياسية الحاكمة، وللنفوذ الإيراني، وسلمية ذلك الحراك، لكن المشكلة تكمن في أن القوى السياسية التقليدية في الدول العربية لم تدرك أبعاد التحول الجديد، فلا تزال تعيش على أمجادها وماضيها التعيس، لكن إلى متى؟