السيستاني يكبح «الحل الأمني» في «اتفاق سليماني»
ألقى التجاذب الأميركي ـــ الإيراني بظلاله على الساحة العراقية، في وقت زادت تصريحات المرجع الأعلى السيد علي السيستاني المؤيدة لحق المتظاهرين في التغيير، الضغط على الطبقة السياسية التي يبدو أنها متمسكة بالتفاهم الذي رعاه قائد «فيلق القدس» الإيراني اللواء قاسم سليماني، وينص على الإبقاء على رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي وإخماد الاحتجاجات.السيستاني الذي التقى أمس الأول مبعوثة الأمم المتحدة وجّه تحذيراً إضافياً للحكومة للإسراع بالإصلاحات، مما يعني أنه لم يرفع الغطاء عن عبدالمهدي، لكن تصريحاته الحازمة يبدو أنها كبحت الحل الأمني في «اتفاق سليماني»، إذ ظهر أمس تراجع ملموس في استخدام الرصاص الحي ضد المحتجين.وبعد تخلي واشنطن عن حذرها ومطالبتها بإجراء انتخابات مبكرة وتأكيدها أن العراقيين لن يسمحوا باستمرار تحكّم طهران في بلدهم، أكدت الرئاسة العراقية أن «الإصلاح المنشود هو قرار عراقي بامتياز، ويأتي استجابة لإرادة العراقيين، ولا يمكن أن يخضع لإملاءات خارجية، فأي تدخّل خارجي مرفوض».
ونقلت الصفحة الرسمية للرئاسة عن مصدر مسؤول أن «العراقيين يقررون وفق أولويات مصلحتهم الوطنية، وباحترام إرادة المرجعية الدينية، وضمن السياقات الدستوریة والقانونية، وبقرارهم الوطني المستقل».وشنت عدة أحزاب وشخصيات سياسية عراقية هجوماً لاذعاً على واشنطن غداة انتقاد البيت الأبيض «استنزاف طهران للموارد العراقية واستخدامها الميليشيات المسلحة ضد الاحتجاجات». وشددت كتلة «سائرون»، التي يرعاها رجل الدين مقتدى الصدر، على أن سيادة العراق واستقلالية قراره «من الثوابت الوطنية».وفي تصريح منفصل، أكد الصدر أنه لن يسكت إذا تمت الانتخابات المبكرة التي دعا لها تحت إشراف أميركي، وهدد بتظاهرات مليونية تنهي الوجود الأميركي بالعراق في حال «تدخلت واشنطن مرة أخرى»، مشدداً على أنه لن يسمح لأميركا بـ«ركوب الموج لتحويل العراق إلى سورية وإلى ساحة صراع أخرى».ودان رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم «كل أشكال التدخل الخارجي»، في وقت شدد رئيس «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي على ضرورة إجراء الإصلاحات التي يطالب بها المتظاهرون، بعيداً عن التدخلات الخارجية.ورأى الأمين العام لـ «عصائب أهل الحق»، الموالية لإيران، قيس الخزعلي، أن البيت الأبيض كشف أن «الدعوة للانتخابات المبكرة مشروع أميركي بالأساس، وسبق أن رفضته المرجعية الدينية»، في وقت اعتبر الناطق العسكري باسم كتائب «حزب الله» العراقية، جعفر الحسيني، أن «هناك أدلة ملموسة على سعي أميركا إلى زرع الفتنة بين الشعب والحشد والقوى الأمنية بعد خروج التظاهرات العفوية».في غضون ذلك، توافد الآلاف على ساحات التظاهر للمطالبة بإسقاط الحكومة وحل البرلمان وإجراء انتخابات وإصلاحات دستورية. وشهدت الساحات هدوءاً حذراً في العاصمة وعدة محافظات وسط وجنوب البلاد، ولم يسجل سماع إطلاق رصاص حي أو غازات مسيلة للدموع من جانب قوات الأمن بعد يوم من تأكيد السيستاني أن «المتظاهرين لا يمكن أن يرحلوا دون تحقيق مطالبهم». وبانتظار تظاهرة موحدة للمعلمين اليوم، انضمت عناصر أمنية للمرة الأولى إلى مسيرة احتجاجية في كربلاء.