ذكرى صدور الدستور 11/11/1962
![محمد المقاطع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/21_1703694711.jpg)
إن إدراكنا لسر قوتنا بمرجعيتنا الدستورية ينبغي أن يكون حاضراً في كل الأوقات، وكلما تجددت الحوارات الوطنية للبحث عن مخارج للإشكاليات فينبغي ألا تنسينا خلافاتنا هذه الوثيقة التعاقديّة، وها نحن نشهد كيف أنها حُكِّمت في موضوع إسقاط عضوية بعض النواب، كما أنها سند في البحث عن العفو سواء كان عاماً أو خاصاً، لأنها سر قوتنا وسمة تميزنا عن بقية الأمم والدول والشعوب. وتكمن حيوية إدراكنا لذلك في أن يذكر بعضنا بعضاً بما يعنيه ذلك لنا جميعاً، خصوصاً أن شواهده التاريخية والوطنية حاضرة بيننا، ولقد بات التذكير بكل ذلك أكثر إلحاحاً ووجوباً هذه الأيام، فقد تغلغلت في بلدنا مظاهر وممارسات يهدف البعض، من خلالها، إلى اقتلاعنا من تلك الجذور الراسخة والثوابت المتأصلة، لتهميش مرجعيتنا الدستورية أو إفراغها من مضامينها، لأن هناك أطرافاً متضررة من توازنها وأحكامها، وتدرك عدم قدرتها على العيش في كنفها، وهذا البعض يعتبر البلد فرصة تجارية وضربة حظ سياسية فحاد عن الطريق وتنكر للثوابت، فصارت منطلقاته في العمل الوطني- بكل أسف- حساب مصالحه التي تتنكب عن مسارات المصلحة الوطنية، فنسي التوازن الدستوري المقصود، فسارع إلى تقديم الرأي الأناني والخاطئ، وشغلته خصوماته وتطلعاته ومصالحه عن الوطن، وزاد من حظوة هذا البعض وَهَنُ تكوين مجلس الأمة، وضعف الحكومة، ليكون ذلك مظهراً إضافياً في تراجع مسيرة الوطن، وقد تمت الاستفادة من الصراع السياسي ليعزز ذلك البعض مواقعه وتأثيره على مستويات عديدة. لكن ثقتنا كبيرة بالله وبقيادتنا السياسية التي أثبتت في كل الأحداث والوقائع حكمتها وحنكتها في تكريس الثوابت الوطنية والدستورية، وتجنيب البلد عوادي الأيام. إن مناسبة صدور الدستور تستحق أن تكون مناسبة لإعادة البهجة لأهل الكويت، ولعل طَي صفحات وأحداث الماضي القريب بات ضرورة لإحداث نقلة وطنية تعيد أولئك البعض لإدراك حقيقة الثوابت الدستورية التي حفظت البلد وحققت تميزه الفريد، ولعل المصالحة الوطنية، وتعزيز أجواء الحريات، وبتر بؤر الفساد، وفضح استخدام المال السياسي، وتعديل قانون الدوائر الانتخابية، والتعجيل بانتخابات جديدة لمجلس أمة يتواكب ومتطلبات المرحلة، كل ذلك أصبح استحقاقاً وطنياً ملحاً في ذكرى صدور الدستور.