ذات ليلة فوجئت بأن كل فساد ومفسدين في الكويت قُضي عليهم، فوجدت الدنيا تعم خيراً وراحة بال، ولم أجد أي فقير أو محتاج، وأوضاعنا كلها خير وسلام واطمئنان، ونوابنا يطالبون بالإصلاح ويحاربون غلاء المعيشة، ومشاريعنا من تطور إلى تطور، وشوارعنا بلا حفر ولا حصى ولا تكسير. عشت ساعات من السعادة لما رأيته من التنمية والتعمير والمناطق السكنية النموذجية، فأخذت أتنقل من مسكن إلى آخر وأسافر في أرجاء مناطقنا بلا طائرة لأنني لا أحتاج للتحليق، فكل شيء من حولي كان متنفسا لي في الديرة، وكانت ليلة سياحية قضيتها أفضل من أوروبا وأميركا وغيرها من البلدان.
وكم تمنيت أن أقضي أيامي هكذا، لكنني اكتشفت أن ذلك كان مجرد حلم صحوت منه سريعا، فما إن تصفحت الجرائد وتابعت وسائل التواصل الاجتماعي، حتى صدمت مجددا بواقعنا، فوجدت الحصى يتطاير من حولي، والبدون مكانك راوح، وأزمة السكن مستمرة، والبطالة بازدياد، والعمالة الوافدة تسيطر على القطاعين الحكومي والخاص، ولا يزال جيب المواطن يدفع ضريبة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، وسيطرة المتنفذين على كل شيء، ولا يزال بعض النواب يغردون خارج السرب، وأعضاء في الحكومة لا يفقهون شيئا، والفساد هو سيد الموقف، والمفسدون اعتلوا بعض المناصب، وتعيينات البراشوت لا تزال نافذة، والتعليم مستمرا في تراجعه، والتنمية غائبة، والتصريحات مكررة، والتهديد والوعيد مبررا لبعض القياديين، والطفل المدلل مستمرا في عبثه. هذا حلم مواطن لم تكتمل سعادته بعد أن أيقظه منبه الدوام الذي أعلن له بدء يوم جديد مع زحمة الشوارع لحين وصوله إلى مقر عمله، فكم منا يرغب أن يحلم ليعيش لحظات تبعده عن واقعه المرير دون أن يخشى من ظروف الحياة القاسية، وكم منا يحلم أن يكون هناك تجمع في ساحة الإرادة لتقديم الشكر والإشادة بأداء السلطتين لنجاحهما في القضاء على مشاكلنا ومحاربة الفساد وتطهير الأجهزة الحكومية من المفسدين، ونواب استطاعوا أن يحققوا رغبات الناس عبر تشريعات وقوانين تعالج القصور، ووزراء التزموا بالقسم ومنعوا الواسطات وأعطوا كل ذي حق حقه والمحاسبة بلا تمييز، فهل يصبح الحلم حقيقة؟
مقالات - اضافات
شوشرة: الحلم
15-11-2019