«انتفاضة البنزين» تجتاح إيران... قتلى وقطع طرقات
اعتصام على «الطريقة اللبنانية» في أصفهان... والعراق يغلق منفذين حدوديين بطلب من طهران
روحاني يدافع عن قرار زيادة الأسعار: يساعد الفقراء
الأصوليون يسعون لإلغائه في البرلمان
● الحكومة: الثلوج وراء الازدحام
وفق ما كان يتوقع مراقبون، وصلت الاحتجاجات المستمرة في العراق ولبنان إلى طهران، فقد دفع قرار حكومة حسن روحاني بزيارة سعر البنزين، الإيرانيين إلى الاعتراض من خلال قطع الطرقات والاعتصامات، في وقت سقط قتلى.
بسرعة كبيرة، اتسعت الاحتجاجات التي اندلعت في إيران أمس الأول بسبب إقرار الحكومة زيارة ضخمة على أسعار الوقود، لتشمل عشرات المدن المهمة بدءاً من العاصمة طهران، في وقت أفيد بسقوط 4 قتلى على الأقل، بينهم اثنان في مدينة سيرجان، واثنان في مدينة المحمرة بمحافظة خوزستان (الأحواز) التي تسكنها أغلبية عربية.
تظاهرات الجمعة
وبدأت إيران الجمعة تقنين توزيع البنزين، ورفعت أسعاره بنسبة 50 في المئة أو أكثر، في خطوة جديدة تهدف إلى خفض الدعم المكلف الذي تسبب في زيادة استهلاك الوقود وتفشي عمليات التهريب.وأفادت الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط بأنه سيكون على كل شخص يملك بطاقة وقود دفع 15 ألف ريال (13 سنتًا) للتر لأول 60 لتراً من البنزين يتم شراؤها كل شهر. وسيُحسب كل لتر إضافي بـ 30 ألف ريال.وكان سعر لتر البنزين المدعوم من الدولة يبلغ 10 آلاف ريال (أقل من تسعة سنتات).وفور إعلان قرار الحكومة أمس الأول اندلعت تظاهرات في العديد من المدن أكبرها وأعنفها في مدينة سيرجان (وسط)، إلى جانب احتجاجات متفرقة جرت في مدن بينها مشهد وبيرجند والأهواز وعبادان وخرمشهر وماهشهر وشيراز وبندر عباس.
سبت طهران
وكان مقرراً تنظيم احتجاجات حاشدة أمس في طهران ومجمل المدن الإيرانية الكبرى، لكن أدى هطول الثلوج الغزيرة إلى بقاء الناس في منازلهم، وتحولت التظاهرات التي دُعي إليها في الساعة العاشرة صباحاً، إلى تجمعات واعتصامات محدودة قام خلالها السائقون بركن سياراتهم وسط بعض الشوارع لشل الحركة قبل أن تتطور.وعمد المحتجون، في طهران، إلى قطع «أوتوستراد همت»، و«أوتوستراد حكيم» عبر إطفاء محركات السيارات، بغية الاحتجاج على رفع أسعار الوقود. كما أغلقوا «أوتوستراد إمام علي»، أحد أکبر الطرق الرئیسیة في العاصمة.احتجاجات وقتلى
ونقلت وكالة الأنباء الطلابية (إيسنا) شبه الرسمية عن حاكم مدينة سيرجان بالإنابة محمد محمود آبادي قوله أمس: «للأسف قتل شخص»، مؤكداً أنه «مدني». وأشار إلى أنه لا يزال من غير الواضح إن كان «تم إطلاق النار عليه أم لا»، مضيفاً أن عدداً من الأشخاص أصيبوا بجروح خلال التظاهرات. وشدد آبادي على أنه «لم يُؤذَن لقوات الأمن بإطلاق النار، وسُمح لها فقط بإطلاق عيارات تحذيرية، وهو ما قامت به».وذكر أن بعض الأشخاص استغلوا «التجمّع الهادئ» الذي أقيم في سيرجان، وقاموا بـ «تخريب ممتلكات عامّة ومحطات وقود وأرادوا الوصول إلى خزّانات الوقود وإضرام النيران فيها».وقالت تقارير إن هناك 3 قتلى آخرين سقطوا، أحدهم في سيرجان، واثنان في مدينة المحمرة في خوزستان. وأطلقت قوات الأمن النار على المحتجين لتفريقهم في مدينة بوشهر جنوب إيران. وأشار التلفزيون الإيراني إلى أن مسلحين مجهولين أطلقوا النار عشوائياً في شوارع خرمشهر جنوبي البلاد، مفيداً بسقوط عدد من الجرحى.كذلك، شهدت مناطق شيراز، وسلطان آباد، عاصمة محافظة فارس جنوب إيران، إغلاقاً للطرق، حيث عمد بعض المحتجين إلى إحراق الإطارات. كما وقعت اشتباكات في مدينة كرمانشاه غرب إيران بين الأمن والمحتجين.وفي مدينة بهبهان، جنوب غربي إيران، أضرم محتجون النار في «المصرف الوطني»، بحسب ما أفادت مواقع إيرانية معارضة.العدوى العراقية - اللبنانية
وأطلق المتظاهرون شعارات تندد بالحكومة، وبعضها حتى كان داعماً للشاه ووالد الشاه. وفي مدينة أصفهان قام عدد من الشباب باتخاذ الاحتجاجات اللبنانية قدوة لهم حيث نزلوا إلى وسط الشوارع الكبرى ووضعوا كراسي وطاولات، ونصبوا مكبرات صوت تنشر الموسيقى الايرانية، وطلبوا من الناس الانضمام اليهم. ورفع بعض المحتجون لافتات كتب عليها «ما ينقصنا عن اللبنانيين لكي لا نتجرأ ونطالب بحقنا»، وهتف آخرون في مسيرتهم: «لا غزة لا لبنان... روحي فدا إيران».روحاني يدافع
ودافع الرئيس الإيراني حسن روحاني عن القرار بوصفه يصب في «مصلحة الشعب وطبقات المجتمع الفقيرة». وقال روحاني، خلال اجتماع للحكومة أمس الأول، إن «زيادة سعر النفط تتيح مساعدة فئات المجتمع التي تواجه صعوبات أي 75 في المئة من السكان»، مضيفا: «ينبغي ألا يتصور أحد أن الحكومة تقوم بذلك، لأنها تواجه صعوبات اقتصادية، لن يذهب ريال واحد إلى الخزينة العامة».في المقابل، أكد السياسي المحافظ أحمد توكلي، عبر «تويتر»، أن هذه الزيادة «ستنقل فقط عبء عدم كفاءة الحكومة إلى كاهل الشعب». بدوره، اعتبر الإصلاحي، مصطفى تاج زاده، أن زيادة سعر البنزين تزامناً مع تنامي التضخم والبطالة والعقوبات خيار سيئ، في حين كتب الصحافي علي أصغر شافيان، عبر «تويتر»، أن «سعر البنزين منخفض إلى درجة أن الأثرياء سيظلون يفيدون منه حتى مع الزيادة الجديدة».البرلمان ينقسم
وانقسم نواب مجلس الشورى بين موافق ومعارض لقرار الحكومة. وأكد أنصار الحكومة أن المجلس كان قد أعطى ترخيصاً مسبقاً للحكومة يسمح لها برفع أسعار الوقود بنسبة تعادل دول الخليج كل عام، في حين أن الأصوليون المعارضين للقرار اعتبروا أن الحكومة كان عليها أن تستشير المجلس، وأن المجلس الاقتصادي الأعلى الذي يتشكل من رؤساء الحكومة والسلطة القضائية والمجلس لا يحق له أن يسن القوانين، أو يتخذ قرارات بالنيابة عن نواب الشعب. وطالب المرجع الإيراني صافي كلبايكاني نواب البرلمان الإيراني بإلغاء قرار رفع أسعار الوقود. وبدأ نواب أصوليون جمع تواقيع النواب للتصويت على إلغاء القرار الأحد.اجتماع المجلس
ورغم موقف النواب، تمسك المجلس الاقتصادي الأعلى بالخطة، وبضرورة التعاون لتطبيقها، داعياً جميع أجهزة ومؤسسات البلاد إلى العمل على تنفيذها بالكامل وبنجاح. وشدد اجتماع المجلس على أن «هدف الخطة إيجاد العدالة الاجتماعية لـ 60 مليون إيراني من محدودي الدخل؛ ومحاربة تهريب الوقود، وتقليص الفساد؛ وإدارة استهلاك الوقود».ودعا رئيس البرلمان علي لاريجاني جميع الأجهزة الحكومية للتعاون لإنجاح الخطة، في وقت أكد المجتمعون على دفع العائدات المالية الناجمة عن القرار إلى الشرائح الضعيفة ابتداء من الأسبوع المقبل.ونقل عن نائب رئيس السلطة القضائية، الذي شارك في الاجتماع، تأكيده أن السلطة القضائية ستتعاون بالكامل لتطبيق الخطة، لكن أنصار رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي نقلوا أخباراً عن معارضته زيادة أسعار الوقود بهذا الشكل.الحدود مع العراق
وذكرت هيئة المنافذ الحدودية العراقية، أمس، أنها أغلقت منفذاً حدودياً آخر مع إيران بسبب الاحتجاجات في الجانب الإيراني. وأضافت الهيئة، في بيان، أن العراق أوقف حركة المسافرين باتجاه إيران عبر منفذ الشيب في محافظة ميسان، وذلك بعد ساعات من إجراء مشابه عند منفذ الشلامجة في البصرة، موضحة أن «ذلك جاء بناء على طلب السلطات الايرانية بسبب الاحتجاجات في الجانب الإيراني».وأشارت إلى أن وقف الحركة شمل المسافرين من العراق إلى إيران حصراً دون أن يشمل حركة التبادل التجاري أو حركة المسافرين المتجهين من إيران إلى العراق.الحكومة: الثلوج وراء الازدحام
كان لافتاً تذرع الحكومة الإيرانية بأن الثلوج كانت سبباً لازدحام السير في طهران والمدن الأخرى، في حين أن المحطات الإخبارية التابعة للمتشددين أصرت على أن السبب هو إيقاف الناس سياراتهم في وسط الشوارع لقطع الطرق اعتراضا على قرار زيادة أسعار البنزين.وألقى أنصار الحكومة بالتقصير على عمال بلدية طهران (التي هي تحت إشراف الاصلاحيين) في فتح طرقات المدينة، لكن علي أصغر عطايي مساعد رئيس بلدية طهران (الاصلاحي) شدد على أن اقفال شوارع طهران ليس بسبب الثلوج بل بسبب الاحتجاجات، وهذا ليس من شأن البلدية، ولا يجب على الحكومة أن تحمل تقصيرها في كل شاردة وواردة على الغير.