ناصر زين الدين: قصائدي تحمل شوقاً للحياة
ديوانه «ما أجملك» يضم مشاهد مؤلمة من الحرب في سورية
لايجد القارئ لأشعار الفنان والشاعر السوري ناصر زين الدين مناصاً، للفرار من مآسي وأهوال ودموية الحرب في سورية، وكذا المتأمل للوحاته التشكيلية التي تحمل مشاهد إنسانية مؤلمة، لكن تجربة زين الدين لا تحدها الحرب، بل تتوسع لتشمل موضوعات وجدانية واجتماعية عدة، تجد ذلك في كل أعماله خاصة في ديوانه الصادر أخيراً بعنوان "ما أجملك".
وفي حواره مع "الجريدة" من القاهرة، يبحر الشاعر والفنان التشكيلي ناصر زين الدين في القصيدة واللوحة، قائلاً "تحمل قصائدي شوقاً للحياة بكل ما فيها، وهي مزيج من شعر التفعيلة والنثر، كما تحمل لوحاتي التشكيلية تنوعاً في الأفكار والألوان". وإليكم نص الحوار:
وفي حواره مع "الجريدة" من القاهرة، يبحر الشاعر والفنان التشكيلي ناصر زين الدين في القصيدة واللوحة، قائلاً "تحمل قصائدي شوقاً للحياة بكل ما فيها، وهي مزيج من شعر التفعيلة والنثر، كما تحمل لوحاتي التشكيلية تنوعاً في الأفكار والألوان". وإليكم نص الحوار:
● ماذا عن مجموعتك الشعرية الأخيرة ما أجملك؟- هي المجموعة الخامسة ضمن النتاج الشعري وتحمل التفاصيل الزاخرة بالمعاني الإنسانية في حياتنا المعيشة سواء في الجوانب الاجتماعية أو الوجدانية، كما تتفاعل القصائد مع ماحدث فى سورية من أهوال ومشاهد مؤلمة لتداعيات الحرب والديوان في مجمله يأتي استكمالاً لما عبرت عنه في أعمالي الشعرية السابقة "سأفتح باباً لعطرك أو للرياح"، "منازل وطيور"، "أمير العزلة"، "هلوسة الطين".
وفي مطلع ديوان "ما أجملك" أقول: عصيٌّ على الموت ما أجملك وما أوحش الدرب يسفحُ دمعيّ حائرة دون أن يحملك متيمة بك منذ الطفولة مفتونة بملامح وجهك حدَّ الجنون ، ومن قصائدي التي لامست ماحل في سورية في السنوات الأخيرة قصيدة "تعزية" أقول فيها:" من أعزي يا أحبائي بمن وزهور الروض أهديها إلى أي كفن ؟ من دمانا أرضنا قد خضبت أينا القاتل والمقتول من.
أفرش الألوان
● تجمع بين الشعر الفن التشكيلي كيف تواتيك الأفكار؟- هذا الجمع لم يكن متعمداً، بل كان بالفطرة وتحول حباً وولهاً بالفنون، عن طريق المحاولة الحثيثة للرسم والتصوير والكتابة، كانت متعة عندي أن أجلس على الأرض وأفرش الألوان من حولي، وأقوم بالرسم عدة ساعات، أو أن آخذ ديواناً من الشعر وأجلس في أحد زوايا بيتنا القديم، وأقرأه بصوت عالٍ، والأسرة كلها تستمع إلي، وكان هذا على حساب الدراسة الإعدادية والثانوية، كنت أحسّ أن سور المدرسة يضيق علي، وأود القول، إن هناك تلاقحاً وتواصلاً عميقاً بين صنوف الإبداع، فكل صنف ينضح ويتكئ على الآخر وتتشابه المواضوعات لأنها مستقاة من الواقع الاجتماعي والبيئة المعيشة نفسها، حتى أن عناصر كل فن ومقوماته قد تشبه الآخر، وكنت أشعر أن الفن والثقافة البصرية، يمكن لهما أن ترفد الشعر بالكثير، فتثريه بالصور والمشاهد الإنسانية العميقة، والشعر يشحذ العاطفة ويصعدها حين نقوم بإنجاز العمل الفني التصويري، كلاهما ينضحان من مخيلة واحدة، وينهلان من منابع مشتركة، غير أن مزاولة هذين الصنفين من الفنون يحتاج التزاماً مضاعفاً، في البحث والعمل الحثيث على تطوير التجارب واكتساب الخبرات والمهارات، وتصبح ملزماً أمام نتاجك أن تطوره وتصقل جمالياته، ومطالباً أمام من أحبك وعرفك بتقديم كل جديد.●... وأيهما يعبر عنك أكثر؟- الاثنان يعبران عني، فنحن نعيش عصر تداخل الأنواع الأدبية، ولكل صنف أدبي أو فني بنيته وعناصر تكوينه فالشعر موضوع ومضامين، إيقاع وموسيقى، بلاغة وتكثيف، صور وكنايات، بنية متماسكة للقصيدة، استهلال جميل، وخاتمة مدهشة، رؤية جديدة للأشياء ومعانٍ غير مكررة كثيراً في الإرث الشعري والأدبي بعمومه، واللوحة الفنية، ألوان وخطوط ، منظور وتكوين، موضوع، ظل ونور، أسلوب وخصوصية، تقنية ومهارات تنفيذ، إذاً لكل صنف فني عناصره وبنيته لكن تتقارب العناصر بينهما وتتشابه، فالصور الشعرية قد يقابلها المشهد التصويري، وتجاور الألوان ودلالتها التعبيرية، قد يقابلها لغة الشاعر ومدى تكثيفها، وكلاهما تغذيهما المخيلة ويصقلهما العقل، ويخضعان إلى نفس آليات التفكير ومهارات الأداء العقلي، وهذه المقارنة كما يعلم الكثير من المشتغلين في ميدان الشعر والفن تحتاج إلى العديد من الكتب النقدية لسبر أغوارها وقد كتب فيها الكثير، كما أن العديد من الفنانين على مدار التاريخ قد استوحوا أعمالهم الفنية من الشعر والمسرح والقص الديني، مئات اللوحات رُسمت من وحي "الإلياذة و الأوذيسة"، ومن الكتب المقدسة ، وعشرات الأعمال المهمة رسمت من وحي "الملهاة الإلهية – لدانتي"، ومن النتاج المسرحي والشعري العظيم لشكسبير مثلاً، كما أن الباحث سيجد العديد من القصائد قد استوحت مواضيعها من لوحات فنية مهمة.● رسوماتك لا تحمل معالم مكانية معينة هل تقصد ذلك؟- الناظر إلى مجمل تجربتي الفنية، سيجد أن بعض اللوحات قد اقتنصت العديد من المشاهد الأثرية، والمناظر الطبيعية وصورت من قرى محافظتي السويداء، ومن الأحياء الشامية، خصوصاً في السنين الأولى من عملي الفني، لكنها فيما بعد مالت إلى الانطباعية والتجريد فرسمتُ الزهور والأجساد، والطبيعة الصامتة، ثم مالت اللوحات إلى الذهنية والرمز، فرسمت من بوح قصائد محمود درويش، ومن واقعنا السوري خلال التسع سنوات الأخيرة ، ومن حين لآخر أعود إلى النهج الواقعي لأرسم لوحات ومشاهد من الأحياء التي أقصدها في السويداء أثناء إجازاتي، وقد يجد الناظر إلى مجمل تجربتي، تنوعاً كبيراً في الطروحات وفنيات العمل غير أن هناك خيطاً شفافاً يربط بين الأعمال على مدار كل تجربتي وأعتقد أن الأمر يحتاج إلى ناقد فني ليقيم الأعمال بمعزل عني ويلامس التغيرات التي حدثت على سيرورة الأعمال خلال مراحلي المتعددة، فأنا أرسم منذ خمسٍ وثلاثين عاما تقريباً.ملكات المبدع
● تتغير رؤية الإنسان للأشياء بتراكم تجاربه، هل يحدث ذلك مع أعمالك؟- بتراكم التجارب ترتقي ملكات المبدع، فيتطور نتاجه بشكل حتمي، وتزداد مهاراته في بناء عمله الفني أو الشعري، لذا فهو يعيد تقييم نتاجه دوماً ويتأمل صنيعهُ، والإبداع تخط وتجاوز للراهن، واستشراف للمستقبل وهكذا يكون نتاج المبدع الحقيقي، كي لا يراوح مكانه ولا يكرر نفسه وأنا قلق دوماً إزاء ماأكتبه وأرسمه، فما أنتجه أعود إليه مراراً، أشطبُ وأضيفُ وأعيد صياغة بعض النصوص، وأدقق في بنية العمل ولغته التعبيرية، وكذلك بالنسبة للوحة الفنية، وأتأخر في نشر القصيدة، أو إخراج العمل الفني للناس لأنني أحس بمسؤولية كبيرة إزاءهُ، فهو مرآة تعكس ذاتي وكائنٌ حيٌّ حمّلتهُ صفاتي وملامحي، وأدركُ أنني حين أقدم نتاجي للقراء والمشاهدين، فقد خرج من يدي وصار تحت رحمة ذائقة الآخرين وانطباعاتهم.نصوص نقدية
● ماذا عن مشروعاتك القادمة؟ - أعكف الآن على الإنتهاء من كتابي "فنان ولوحة من الإمارات" ويتناول تجربتي بالعمل كأستاذ تربية فنية في الإمارات، وهو يضاف إلى نصوصي النقدية التي نُشرت في مجلات سورية متعددة وكتاب نقدي بعنوان "سحر الفن"، الذي صدر عن دار "النايا -2011".خمس مجموعات شعرية
الشاعر والتشكيلي السوري ناصر زين الدين، مسجل عضو في اتحاد الأدباء العرب جمعية الشعر تخرج في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق 1990، حائز دبلوم دراسات التصوير الزيتي.له خمس مجموعات شعرية هي :"سأفتح بابا لعطرك أو للرياح"، "منازل و طيور"،" أمير العزلة"، "هلوسة الطين"،"سحر الفن "عمل نقدي فني"، "ما أجملك".
خيط شفاف يربط بين أشعاري ولوحاتي في تجربتي الإبداعية