ذوو الاحتياجات الخاصة وسوق العمل
لو قامت المؤسسات الخاصة في الكويت بتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة القادرين على أداء عملهم، وكذلك تشجيع النساء اللائي لديهن حرف معينة ويعملن في بيوتهن، فإن ذلك سيكون خيراً وتشجيعاً لهذه الفئات من المجتمع، وقد يساهم في تقدم هذه المؤسسات الخاصة والحكومية.
منذ فترة كنت في العاصمة الهندية دلهي عندما وصلنا إلى الفندق الذي سنسكن فيه، وبعد إتمام الإجراءات المعتادة بالتسجيل في الفندق، حمل أحد العاملين في الفندق حقائبنا إلى الغرفة، وفي المصعد وكعادتي أردت التحدث معه، وكان يجيبني بابتسامة فقط، استغربت وظننت أن تقاليد أو أعراف الفندق لا تسمح للعاملين بالتحدث مع الزبائن بل الابتسامة تكفي. في صباح اليوم التالي وعندما كنا نتناول وجبة الإفطار طلبت الشاي بالحليب على الطريقة الهندية، وحضر النادل بالشاي، وأحببت أن أتأكد من أنه أحضر المطلوب، فلم يجبني واكتفى بابتسامة شبيهة بالتي شاهدتها على زميله ليلة وصولنا الفندق، لكن هذا العامل أرفق الابتسامة بالإشارة إلى ملصق على قميصه، ويعني أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا يستطيع الكلام، فعرفت سر الصمت والابتسامة التي رأيتها على محياه، وكذلك على محيا صاحبه الأول.
بعد ذلك سألت أحد العاملين في المطعم عن عدد الأشخاص الذي يعملون بالفندق من ذوي الاحتياجات الخاصة، فأجاب بأن عددهم نحو ٢٢ شخصاً، وأعجبت بفكرة توظيف هذه الفئة من فئات المجتمع التي لا تُعطَى الفرصة الكافية للعمل بسبب إعاقتها، فقلت إنها المرة الأولى التي أرى فيها ذوي الاحتياجات الخاصة تتاح لهم الفرصة للعمل في فندق أو أي مؤسسة خاصة. استفسرت عما إذا كانوا يتقاضون الراتب نفسه أو أقل، فكان الجواب بأنهم يتسلمون راتبهم حالهم حال أقرانهم الأصحاء العاملين في الفندق، فسررت بهذا العمل، وأشدت بهذه الفكرة ذات الطابع الإنساني، وتمنيت لو أن هذه الفكرة تطبق عندنا في الكويت، وفي المطعم نفسه والفندق نفسه رأيت بعض الحرف الصغيرة، وهي معروضة في المطعم، وتوقعت لأول وهلة بأن ذلك يعتبر جزءاً من ديكورات المطعم، وكنت أتمنى أن أقتني بعضها، وسررت بأنها للبيع وعرفت أنها من إنتاج الأسر في القرى، وما عرضها في المطعم إلا لبيعها، ويذهب ريعها لهذه الأسر، والفندق يساهم بتشجيع النساء في هذه القرى عن طريق بيع هذه المنتجات للأسر التي لا تستطيع العمل خارج القرية، وأيضا هذه الفكره تنم عن إنسانية وتشجيع للمرأة التي لا تستطيع مغادرة منزلها ورعاية أطفالها أو لعدم أخذ فرصتها بالتعليم. أشدت بالمسؤولين في الفندق بهاتين الفكرتين، وهي تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة، ومساعدة النساء لبيع منتجاتهن من الحرف اليدوية، واشتريت بعض هذه المنتجات، وسررت من هذا الفندق الذي يساهم في خدمة المجتمع دون النظر إلى الربح التجاري، فلو قامت المؤسسات الخاصة في الكويت بتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة القادرين على أداء عملهم، وكذلك تشجيع النساء اللائي لديهن حرف معينة ويعملن في بيوتهن، فإن ذلك سيكون خيراً وتشجيعاً لهذه الفئات من المجتمع، وقد يساهم في تقدم هذه المؤسسات الخاصة والحكومية.