في وقت لم تعلن شركة «أرامكو» السعودية بعد اسم أي مستثمر أجنبي كبير في بيعها المزمع للأسهم، قررت شركة الطاقة الحكومية الماليزية «بتروناس» عدم المشاركة.

ولم تتحقق حتى الآن توقعات بأن عملاء وحلفاء «أرامكو» حول العالم سيحصلون على حصص كبيرة في الشركة، إذ يبدو أن الإدراج سيكون معتمداً على مستثمرين محليين من الأفراد والمؤسسات.

Ad

وامتنعت أرامكو، التي أطلقت عملية بيع الأسهم في الثالث من نوفمبر الجاري، عن التعقيب لـ«رويترز» على عدم الإعلان حتى الآن عن أسماء أي مستثمرين رئيسيين في الإدراج.

والأسبوع الماضي، قالت لوك أويل، ثاني أكبر منتج للنفط في روسيا، إنها لن تكون من المستثمرين في الطرح العام الأولي الذي من المرجح أن يجعل «أرامكو» أكبر شركة في العالم من حيث القيمة.

ولـ «بتروناس» و«أرامكو» مشروع مشترك لمجمع للتكرير والبتروكيماويات بجنوب ماليزيا من المقرر أن يبدأ التشغيل التجاري هذا العام، وقالت «بتروناس» إنه طُلب منها الاستثمار في الطرح العام الأولي.

وقالت «بتروناس» في بيان عبر البريد الإلكتروني: «ترغب بتروناس في تأكيد أنها بعد الدراسة الواجبة، قررت عدم المشاركة في تنفيذ الطرح العام الأولي لأرامكو السعودية».

و«أرامكو» مورد رئيسي للنفط إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية، ولم تتضح بعد خططهم للطرح العام الأولي، لكن رئيس أكبر شركة تكرير في اليابان قال في وقت سابق هذا الشهر، إن من المستبعد أن تستثمر الشركات اليابانية فيه لأن من الصعب التأكد من القيمة الحقيقة لـ«أرامكو».

وتخطط «أرامكو» لبيع 1.5 في المئة من الشركة، وتتطلع لجمع ما يصل إلى 25.6 مليار دولار ومنح الشركة قيمة سوقية محتملة تتراوح بين 1.6 و1.7 تريليون دولار.

لكن الشركة ألغت حملات ترويجية للتسويق للإدراج خارج منطقة الخليج بسبب قلة الاهتمام من جانب المؤسسات الاستثمارية الأجنبية.

وأثار ذلك تساؤلات حول المدى الحقيقي لقدرة الإدراج على تنويع المصالح الاقتصادية للبلاد.

وقال تشارلز هوليس الدبلوماسي البريطاني السابق الذي عمل في السعودية والمدير بشركة فالانكس أسينت لاستشارات المعلومات «مجرد بيع حصة 1.5 في المئة في شركة نفط لن يحقق بشكل حقيقي قدراً هائلاً».

وقالت «أرامكو» السعودية في بيان لـ«رويترز»، إن إدراجها «خطوة مهمة في تسريع وتنويع النمو الاقتصادي للمملكة».

وأضافت أنه «سيزيد السيولة في سوق رأس المال السعودية ويرفع مكانتها كبورصة دولية مهمة».

طلبات اكتتاب

وقالت مجموعة سامبا المالية السعودية إن الطرح العام الأولي استقطب طلبات اكتتاب بنحو 73 مليار ريال «19.47 مليار دولار» من المؤسسات والأفراد حتى الآن.

وعلى الرغم من أنه لم تتخذ أي شركة أو صندوق حكومي كبير أي خطوة، فإن مصادر قالت لـ«رويترز»، إن محادثات تُجرى مع مستثمرين سياديين، بما في ذلك جهاز أبوظبي للاستثمار وصندوق جي.آي.سي السنغافوري وصناديق أخرى.

البنوك العالمية

في السياق نفسه، استبعدت السعودية البنوك العالمية من الأعمال الاستشارية للطرح العام الأولي لسهم شركة النفط العملاقة «أرامكو»، بعد أن اقتصرت عملية الطرح على السوق المحلية السعودية.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن مصادر مطلعة القول، إن بنكي جيه.بي مورغان تسيس، ومورغان ستانلي الأميركيين من بنوك الاستثمار العالمية الكبرى التي تم تهميشها في عملية طرح أسهم «أرامكو» التي تجري بالاعتماد على البنوك المحلية، مثل مجموعة سامبا المالية والبنك الأهلي التجاري إلى جانب فرع إتش.إس.بي.سي هولدنجز السعودي في تنفيذ أوامر اكتتاب المستثمرين.

وأضافت المصادر أن بنك أوف أميركا كورب وسيتي غروب وكريدي سويس غروب وغولدمان ساكس غروب، اضطرت إلى تنفيذ أوامر عملائها للاكتتاب في طرح «أرامكو» من خلال البنوك السعودية الثلاثة، مشيرة إلى أن البنوك الأجنبية لا تستطيع تقديم طلبات الاكتتاب في طرح «أرامكو» دون تصريح من الشركة السعودية.

يذكر أن أكثر من 20 بنك استثمار عالمياً شاركوا في تجهيز عملية طرح أسهم «أرامكو» بعد قرار السلطات السعودية تنفيذ عملية الطرح بعد تأجيله عدة مرات.

حددت السعودية تقييما لشركة «أرامكو» العملاقة للنفط والمملوكة للدولة عند ما يتراوح بين 1.6 و 1.71 تريليون دولار، وهو ما يقل كثيراً عن هدف تريليوني دولار الذي كان يسعى إليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ أن أثار في بادئ الأمر فكرة إجراء طرح عام أولي لأسهم الشركة في عام 2016.

وكانت السعودية قد فتحت باب الاكتتاب في الطرح العام الأولي لأسهم أرامكو يوم الأحد الماضي، إذ تم طرح 1.5 في المئة من أسهم الشركة للبيع، وهو أقل كثيراً من التوقعات.

ويبلغ النطاق السعري 30 ريالاً (8 دولارات) إلى 32 ريالاً للسهم الواحد، وسوف تعلن أرامكو عن السعر النهائي والتقييم في 5 ديسمبر المقبل.

التغير المناخي

من جانب آخر، حذر تقرير استشاري فرنسي من تداعيات التغير المناخي على نشاط شركة النفط السعودية العملاقة «أرامكو» على المدى الطويل، مع ارتفاع منسوب سطح البحر وارتفاع درجات الحرارة وهو ما يهدد عدداً من مشروعات بنيتها التحتية وإنتاجيتها وقد يصل الحال إلى توقف بعض مشروعاتها.

وبحسب التقرير الذي أعدته شركة «كاليندر» الاستشارية ومقرها العاصمة الفرنسية باريس، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر يمثل أكبر خطر على أنشطة شركة «أرامكو» وقد يؤدي إلى غرق بعض مصافي النفط الساحلية التابعة لها خلال العقود القليلة المقبلة، وهو ما يزيد صعوبة تشغيل هذه المنشآت.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن تيبولت لاكوند الرئيس التنفيذي لشركة «كاليندر» القول، إن الجزء الجنوبي من منطقة ينبع السعودية قد يتعرض للغمر خلال السنوات العشر المقبلة، مضيفاً أن «أرامكو تدرك تداعيات ظاهرة التغير المناخي لكن موقفها منها غامض، فهل هناك أمر يفتقده الناس (في الشركة)؟ عليهم تقييم المخاطر المحتملة، ولا اعتقد أنهم يفعلون ذلك» الآن.

مخاوف المستثمرين

وأشارت بلومبرغ إلى أن هذا التقرير يثير المزيد من الشكوك حول عملية الطرح العام الأولي لأسهم الشركة المملوكة للدولة السعودية التي تم تنفيذها في السوق المحلية السعودية وليس في أسواق المال الدولية كما كان منتظراً من قبل، في ظل مخاوف المستثمرين من التقييم الحقيقي للشركة وأسلوب حوكمتها. كما يعيد التقرير التذكير بالمخاطر التي تواجهها الدول الكبرى المصدرة للنفط، نتيجة التغير المناخي مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في الدول الغربية على استمرار السماح بالانبعاثات الغازية الناتجة عن استخدام مصادر الطاقة التقليدية وفي القلب منها النفط.

وبحسب الشركة الاستشارية الفرنسية فمن المحتمل أن يرتفع منسوب المياه في بحر العرب، إذ يوجد جزء كبير من منشآت البنية التحتية النفطية السعودية، بمقدار 13 سنتيمتراً بحلول 2023 ونتيجة لذلك، فإن بعض المنشآت مثل مصفاة نفط ينبع وميناء رأس التنورة، قد تتعرض للغرق وتلف المعدات.

من ناحيتها ذكرت شركة «أرامكو» أنها لا تستطيع التعليق على الحوادث المرتبطة بالمناخ لكن «لكي نصل إلى مستقبل فيه انبعاثات كربونية بسيطة، نعتقد أنه من الضروري تلبية كل من الطلب العالمي على الطاقة، وتقليل الانبعاثات».

نطاق التصحر

وفي نشرة الطرح العام الأولي، اعترفت «أرامكو» بأن الخوف من التغير المناخي قد يؤدي إلى تراجع الطلب العالمي على مصادر الطاقة الكربونية التقليدية ومنتجاتها، مع زيادة احتمالات مقاضاة الشركة العملاقة والشركات التابعة لها.

وعلى المدى المتوسط، فإن اتساع نطاق التصحر في المملكة العربية السعودية نتيجة التغير المناخي يمثل أكبر تهديد لأنشطة أرامكو، وأن منشآت التكرير والمعالجة ستكون الأشد عرضة للمخاطر.

ومع زيادة الطلب على المياه التي تعتبر عنصراً أساسياً لتشغيل مصافي التكرير، ستتوسع المملكة في الاعتماد على محطات تحلية مياه البحر. ويتجاوز استهلاك السعودية من المياه حالياً الطاقة الإنتاجية للمحطات، كما أن ملايين الأشخاص سيواجهون خطر العطش إذا ما توقفت محطات التحلية عن العمل لأي سبب من الأسباب.

درجة الحرارة

الجانب الآخر لظاهرة التغير المناخي يتمثل في ارتفاع درجة الحرارة، إذ ارتفع متوسط درجة الحرارة في السعودية بمقدار نصف درجة مئوية كل عشر سنوات خلال الفترة من 1985 إلى 2010 ومن المتوقع استمرار هذه الظاهرة وربما اشتداد حدتها خلال العقود المقبلة.

ومن المتوقع أن تكون الزيادة في درجة الحرارة أشد وضوحاً في المناطق الساحلية الغنية بالنفط التي تعمل فيها شركة «أرامكو»، مثل حقول الغوار والخريص وشيبه.

كما أن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يؤثر سلبا على نشاط مصافي التكرير وهو ما سيؤثر على عائدات أرامكو وقدرتها على معالجة النفط الخام. كما سيتأثر إنتاج أرامكو من الغاز الطبيعي نتيجة ارتفاع درجة الحرارة.