«أوركسترا براغ الفيلهارموني» يأسر قلوب الجمهور

بـ 3 حفلات عنوانها الإبداع ضمن فعاليات الموسم الثقافي لمركز جابر الأحمد

نشر في 25-11-2019
آخر تحديث 25-11-2019 | 00:00
كان عشاق الموسيقى الكلاسيكية على موعد مع 3 ليال ساحرة آسرة للقلوب والوجدان، ضمن فعاليات الموسم الثقافي لمركز الشيخ جابر الأحمد، حيث توافد الجمهور على قاعة الشيخ جابر العلي من 19 إلى 21 الجاري، للاستمتاع بمقطوعات مميزة قدمها أوركسترا براغ الفيلهارموني، بواقع حفل مستقل كل ليلة ببرنامج مختلف يتضمن باقة متنوعة من المقطوعات الموسيقية سواء العالمية أو تلك التي أضفى عليها مبدعون كويتيون لمساتهم لتعزفها أنامل مجموعة من أمهر العازفين على مستوى العالم، تحت قيادة مدير الموسيقى وكبير قادة الأوركسترا الفرنسي إيمانويل فيوم، الذي قاد الحفلات الثلاث بتمكن وبمعية عازف الكمان القائد التشيكي يان فيشر وصوليست بيانو العالمي أندرو فون أوين من الولايات المتحدة.
في مساء الثلاثاء 19 نوفمبر، كانت جميع التفاصيل في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي تنبئ بحفل مختلف، بدءا من الكتيب الذي تضمن شرحا وافيا لبرامج الحفلات الثلاث، واستعراض السير الذاتية لأعضاء الأوركسترا، مرورا بالحضور من مختلف الجنسيات والشرائح العمرية الذين مضوا إلى الحفل مدفوعين بشغف الاستمتاع بأنماط موسيقية متنوعة، وأخيرا تلك الابتسامة التي ارتسمت على محيا جميع أعضاء الأوركسترا لاسيما المايسترو إيمانويل فيوم، بمجرد أن اعتلوا المسرح في الثامنة لتبادل التحية مع الحضور قبل بدء الحفل.

11 معزوفة

وتضمن برنامج الحفل 11 معزوفة موسيقية، حيث كانت البداية مع "أهل الهوى" لخالد نوري، التي لاقت استحسان الجمهور، فوقف طويلا تقديرا لأداء الأوركسترا، ولم يغفل المايسترو فيوم أن يتوجه بالتحية للفنان خالد نوري، فدعاه لأن يقف من مكانه في قلب المسرح تقديرا لمجهوده.

وتكررت اللفتة نفسها مع مقطوعة "طريق الذكريات" للفنان عبدالعزيز شبكوه، والتي وجدت طريقها للقلوب، لذلك لم يفوت المايسترو فيوم الفرصة أيضا ليوجه أنظار الجمهور لشبكوه الذي كان يجلس بين الصفوف.

ويمر الوقت سريعا قبل أن يغادر المايسترو فيوم المسرح، ويعود مجددا بمعية مفاجأة الحفل روان بهبهاني، الطفلة الصغيرة التي شاركت في العزف على البيانو لمقطوعة "جوزيف هايدن" كونشيرتو البيانو رقم 11 في سلم "ري كبير" فاستقبلها الحضور بحفاوة كبيرة ليمنحوها دفعة معنوية كبيرة انعكست على أداء الفتاة صاحبة الموهبة الكبيرة التي كتبت شهادة ميلادها فنيا عندما عزفت بتمكن فتسللت إلى القلوب لتترك فيها ذكرى ستدوم في انتظار ما ستكون عليه بعد سنوات.

الظهور الأول

أما المقطوعة الرابعة، في هذه الأمسية، فكانت لفولفغانغ أماديوس موتسارت "السيمفونية رقم 29 المصنفة 201"، بينما جاءت المعزوفة الخامسة لتشهد الظهور الأول لعازف البيانو العالمي أندرو فان أوين، وهي أيضا من روائع موتسارت "كونشيرتو البيانو رقم 21".

ويشكل أندرو فان حالة خاصة في التعامل مع البيانو، إذ يتوحد مع آلته فيعزف عليها ويفسح المجال للموسيقى لتتسلل إلى روحه فتتملكها فيغمض عينيه ويحلق إلى أفق الإبداع، ليغادر عقب الانتهاء من العزف وقد ترك انطباعا طيبا لدى الجمهور.

وكانت المقطوعة السادسة في الحفل الأول للموسيقار لودفيغ فان بيتهوفن، وهي من السيمفونية الهامسة المصنفة 67 الحركة الأولى "أليغرو كون بريو"، وبعد استراحة قصيرة يعود أعضاء أوركسترا براغ الفيلهارموني مجددا لمواجهة الجمهور، ويقدمون للفنان محمد الحمدان القصيدة السيمفونية رقم 1 "الزمان" ثم يعزفون افتتاحية روسلان ولودميلا لميخائيل غلينكا، ومنها إلى "كونشيرتو البيانو رقم 2" لسيرغي رحمانينوف بمشاركة صوليست البيانو أندور فان، ويختتم الأوركسترا الحفل بافتتاحية أوبريت فليدرماوس وتريتش تراتش بولكا ليوهان شتراوس الابن.

الحفل الثاني

وكانت انطلاقة الحفل الثاني، الأربعاء 20 نوفمبر، مغايرة، إذ شهدت بداية الأمسية مشاركة صوليست بيانو روان بهبهاني لتعزف بمعية أوركسترا براغ الفيلهارموني في عزف كونشيرتو البيانو رقم 11 في سلم "ري كبير"، المصنف 11، الحركة الأولى لجوزيف هادين.

وبدت روان أكثر ثقة وتمكنا، يليق بحجم موهبتها ويثير إعجاب كل من حضر الحفل، ثم جاءت المعزوفة الثانية ليوسف حلاة "بشرف الحجاز" بمشاركة صوليست قانون أيوب خضر حاجي الذي قدم فاصلا مميزا من العزف على واحدة من أعرق الآلات الموسيقية الشرقية.

وكانت واحدة من روائع فريدريك شوبان "فالس رقم 14" هي الاختيار الثالث للأوركسترا بقيادة إيمانويل فيوم ليظهر عازف البيانو العالمي أندرو فان أوين مع ختام الجزء الأول من الحفل في إحدى مقطوعات سيرغي رحمانينوف "كونشيرتو البيانو رقم 2".

وبعد الاستراحة، اعتلى أعضاء أوركسترا براغ الفيلهارموني مسرح قاعة جابر العلي، يحركهم حماس لا يقل عن ذلك الذي تملك الجمهور لمعرفة ما ستجود به الأوركسترا من مقطوعات، وكان لافتا ذلك الحضور المميز للفنانين الكويتيين في هذا الحفل سواء بمؤلفاتهم أو بمشاركتهم.

واستهل الأوركسترا الجزء الثاني من الحفل بمقطوعة للفنان عبدالله خلف "رحلة الغوص بحثا عن اللؤلؤ"، بمشاركة الإيقاع الكويتي فتحي وعبدالحميد صقر، ومنها إلى افتتاحية أوبرا "عروس بالمقايضة" لبدريخ سميتانا.

ومضى المايسترو فيوم في قيادة الأوركسترا مقدما من أعمال أنتونين دفورجاك السيمفونية رقم 8 قبل أن يختتم بثلاثة من أعمال بدريخ سميتانا وهي "بولكا لوزيا وسكيرتزو من سيمفونية الانتصار ورقصة الممثلين من أوبرا عروس بالمقايضة".

الحفل الثالث

تميز الحفل الثالث بموسيقى الأفلام، لاسيما تلك التي اشتهرت على نطاق عالمي، وشهد الحفل تقديم 12 مقطوعة متنوعة بدأتها الأوركسترا بالسيمفونية رقم 29 لفولفغانغ أماديوس موتسارت، ثم اتبعتها بمزمار غابريل لإنيوموريكوني من فيلم "المهمة الكبرى"، ثم موسيقى "نهر القمر" لهنري مانشيني، ومن فيلم "الطيب والشرس والقبيح" أبدعت الأوركسترا في عزف اللحن الرئيسي للفيلم، وهو من تأليف إنيو موريكوني، ليختتم الحفل في جزئه الأول بموسيقى "نهر مولداو".

وعاد الأوركسترا بعد الاستراحة أكثر حماسة، ليقدم من مقطوعات صمويل باربر "أداجيو للوتريات"، ومن أعمال موتسارت "افتتاحية أوبرا زواج فيغارو"، ومن أرشيف موتسارت ايضا "كونشيرتو البيانو رقم 21"، ويختار المايسترو إيمانويل فيوم من أعمال بيتهوفن "السيمفونية السابعة" قبل أن يعود مع العازفين مجددا لأعمال موتسارت لينتقي منها أوبرا الناي السحري ويختتم حفله الثالث بمعزوفة من أوبرا كافالييري لبييتروماسكانيي وافتتاحية أوبرا "طائر العقعق اللصص" لجواكينو روسيني.

جولات عالمية وحفلات على أشهر المسارح

أُسس أوركسترا براغ الفيلهارموني عام 1994 بمبادرة من قائد الأوركسترا التشيكي ييري بيلوهلافيك تحت اسم أوركسترا الحجرة الفيلهارموني في براغ، وهو يعتبر اليوم واحدا من أشهر فرق الأوركسترا ليس فقط في التشيك وإنما على مستوى العالم، وهو ما تؤكده الدعوات التي يتلقاها الأوركسترا للمشاركة في تسجيل الموسيقى لأكبر العلامات التجارية الدولية، إضافة إلى جولاته العالمية وحفلاته على أكبر وأشهر المسارح.

وفي الفترة بين 1994 و2005 قاد الأوركسترا مؤسسه المايسترو ذائع الصيت ييري بيلوهلافيك الذي أصبح لاحقا المدير الموسيقي، ومنذ الموسم الفني 2015 – 2016 تولى الفرنسي إيمانويل فيوم منصب مدير الموسيقى وكبير قادة الأوركسترا، ليضيف المزيد من التحديات بإدخال المؤلفات الفرنسية والأعمال السيمفونية الكبيرة ضمن برنامج معزوفات الأوركسترا، وفي عام 2017 وتحت قيادة المايسترو الفرنسي إيمانويل فيوم قام أوركسترا براغ بجولة ناجحة في جميع أرجاء الولايات المتحدة.

ويعتبر أوركسترا براغ الفيلهارموني شريكا دائما في حفلات مطربي الأوبرا المعروفين، ويعزف بمصاحبة كبار قادة الأوركسترا، ومنهم بلاسيدو دومينغز، آنا نتريبكو، ديانا دامراو، أنجيلا جيورجيو، وآخرين.

كما يدعى الأوركسترا بصفة دورية للمهرجانات الموسيقية العالمية، حيث يشارك في حفلات ضمن برنامجه في أكبر المسارح، ومن بينها "بي بي برومز" و"ميتو يستمبور ميوزكا" و"ربيع براغ" و"دار أوبرا مسقط" ودار أوبرا طوكيو" و"باريس وسان فرانسيسكو" وغيرها.

ومنذ تأسيسه، سجل الأوركسترا أكثر من 80 أسطوانة، أصدرتها أكبر شركات التسجيلات الموسيقية في براغ والعالم، بينها "دويتش غرامافون" و"ديكا" و"سوبر برافون" و"emi" و"وارنر كلاسيك" و"هارمونيا موندي".

وحصل عدد من تلك التسجيلات على جوائز مثل جائزة التسجيل الذهبي من كندا عام 2000، وجائزة "هارموني" 2001، و"دياباسون دور" في سبتمبر 2007، وفي عام 2016 رشح تسجيل الأوركسترا من التينور الأميركي برايان هيمل لجائزة الأوبرا العالمية، وأيضا أسطوانة "بوهيميان رابسودي" مع عازف الترومبيت المجري غابور بولدوتشزكي لجوائز الموسيقى الكلاسيكية العالمية icma.

روان بهبهاني عازفة البيانو الصغيرة العمر الكبيرة الموهبة كتبت شهادة ميلادها فنياً في الحفل الأول

المايسترو إيمانويل فيوم قاد الأمسيات الثلاث بتمكن ولم يغفل توجيه التحية لنوري وشبكوه

العازف العالمي أندرو فان أوين حالة استثنائية في التعامل مع البيانو وترك انطباعاً طيباً لدى الجمهور
back to top