يعد ملف الأدوات المالية الجديدة والمشتقات الحديثة من أغرب الملفات بسبب طول الوقت في شأن الحديث والتشريع عنه دون أن يرى النور بشكل عملي رغم جاهزية كل الأطراف.

يكفي أن إلغاء الأجل والبيوع تم في 2016 أي قبل أكثر من ثلاث سنوات، وبعدئذ تم الحديث عن ضوابط "صانع السوق"، وحتى اليوم بالرغم من الموافقات وصدور عشرات الضوابط والمواد القانونية، لم يخرج للنور رغم اجراء التجارب الفنية والاختبارات اللازمة تقنيا.

Ad

ربما ما يؤرق شركات الاستثمار تجاه تلك الملفات هو عامل الوقت، الذي يمثل كلفة كبيرة عليها عندما يمتد مثلا الحصول على ترخيص لأداة ما ودخولها حيز التنفيذ أكثر من عامين.

واللافت والمثير أن الأسواق المالية العالمية تعج بعشرات الأدوات المالية والمشتقات، وبالتالي لن يعاد اكتشاف أو تصميم أداة مغايرة أو مختلفة حتى يهدر هذا الوقت.

وإزاء ذلك، ترى شركات مالية واستثمارية تعمل في اكثر من سوق عالمي ضرورة مراعاة ما يلي: اذا كان يراد للسوق المالي تنافسية وجاذبية اكبر خصصوا، وإن الرهان على سرعة التطور، ولا بد من الآتي:

1- ضرورة التوقف عن اصدار التشريعات والضوابط والقوانين بشكل مستمر والالتفات قليلا نحو مراقبة الالتزام بها وتطبيقها واستيعابها أولا، خصصوا وإن التشريعات والقوانين والتعديلات والملاحق التي صدرت كافية وباتت اكبر من حجم وقدرة السوق، ولم يتم تنفيذها أو استيعابها الاستيعاب الكامل حتى يتم الانتقال الى ما يليها، وخير مثال صانع السوق، فبالرغم من وجود تشريع كامل وخاص ينظم هذا الملف حتى الآن لم يرَ النور من دون سبب معروف، رغم انه ملف بسيط جدا وأداة خلاصتها الفنية أنها صندوق يوفر عرضا وطلبا وسيولة في السوق، فهل تحتاج أداة بهذه المواصفات إلى مئات الضوابط وأكثر من ثلاثة أعوام حتى تدخل حيز التنفيذ.

2- يؤكد المراقبون بحكم التجارب أن التطبيق العملي هو أفضل اختبار، للتعرف على أي مثالب أو ثغرات، لذلك مطلوب سرعة تحرير الرخصة الممنوحة لإحدى الشركات اليوم قبل الغد حتى يتم افساح المجال لشركات اخرى، لبدء مشوار تحقيق التنوع في السوق.

3- مراعاة عامل الوقت بالنسبة لشركات الاستثمار، خصوصا أن طبيعة اعمالها مرتبطة بعوامل كثيرة ومتغيرات سريعة سواء منها ما تشهده الأسواق العالمية والخليجية وأسواق النفط، وكلها ذات تأثير على السوق، اضافة الى اسعار الفائدة ومتغيراتها، وكلفة الانتظار بعد انجاز البنى التحتية وتدريب وتأهيل الكفاءات التي ستعمل على تشغيل وادارة ومتابعة الأدوات الجديدة.

4- كثرة التعقيدات تدفع الشركات للنفور والإعراض عن المشاركة في أي ادوات جديدة، وخير مثال هو اعتراض وتحفظ بعض شركات الوساطة على مشاركتها في البيع على المكشوف بسبب عمولات تخصها وكذلك صانع السوق حتى الآن رغم الضوابط التي تم اعتمادها وفوقها ضوابط وتعليمات اخرى، والتساؤل الذي يطرح نفسه: لماذا لا يتم طرح الضوابط دفعة واحدة وتطبيقها، وبعد التطبيق يتم تقييم التجربة، وأي تعديل يمكن ان يتم تدريجيا بدلا من التوقف الكلي، خصوصا أن تجربة البورصة في الترقيات والوصول الى هذا التطور خير مثال، إذ حققت سلسلة نجاحات وترقيات تدريجيا، وكل انجاز يتم البناء عليه لإنجاز جديد.

5- من مثالب هدر الوقت ان اتفاقات الشركات الاستثمارية والمالية مع بعض الجهات تتغير، فمثلا الاتفاق مع شركة ما للقيام بدور صانع سوق على اسهمها، أو الاتفاق مع بنك للحصول على تمويل، أو الحصول على مقر اضافي، أو التعاقد مع مستشار تكنولوجي وغيرها من الخدمات المساندة، تتغير اكلافها مع طول الدورة المستندية، التي يجب ألا يكون لها مكان في تعاملات اسواق المال التي تتغير لحظيا .

6- مطلوب تحفيز اكبر للشركات بحيث يكون في السوق اكثر من اداة مالية حديثة وتقدم من اكثر من شركة، كما كان الحال في تقديم الأجل من اكثر من 17 مزود للخدمة، وكذلك العدد الكبير من الصناديق المتنوعة ما بين استثمار وعقار تقليدي واسلامي ومدرة للدخل.

7- تطبيق حقيقي لمفهوم الشراكة بين شركات الاستثمار، التي هي فعلا شريك استراتيجي في التطوير والارتقاء بالسوق المالي لهيئة الأسواق كجهة رقابية لا يمكن تطبيق أي أداة أو ملف في السوق إلا بموافقتها، خصوصا بعد النضج الذي وصلت إليه البورصة من جهة الترقيات على مؤشرات عالمية، والتي معها باتت هناك مسؤوليات اكبر تتخطى نطاق المستثمر المحلي.

«صانع السوق» مفهوم بسيط فلماذا التعقيد؟

بحسب المفهوم المعروف عالميا، فإن «صانع السوق» هو جهة مرخصة من الجهات الرقابية تهدف لتوفير السيولة (عرض وطلب) لكنه ليس وسيطا.

ولدى «صانع السوق» القدرة على تداول ورقة مالية ما، وتحمل مخاطرة الاحتفاظ بحجم معين من الأسهم كمخزون لديه، أو بيع تلك الورقة التي يعمل كصانع سوق لها من المخزون المتاح لديه.

ويقوم صانع السوق بالعمل باستمرار على عرض سعر لسهم معين هو متخصص فيه، أو أكثر، بهدف تحقيق طلب وعرض «سيولة» على ذلك السهم أو تلك الورقة.

وعلى عكس الشائع بين كثير من المتداولين بالأسواق المحلية، فإنه ليس من مهام «صانع السوق» التأثير على سعر السهم صعودا وهبوطا أو دفعه في اتجاه معين، لأن عمله يقتصر على تلبية الطلب والعرض وتقليص الفجوة بينهما، ويحصل على أرباحه من خلال الفرق بين أسعار العروض والطلبات التي ينفذها.