في ظل غياب أي أفق لحل سياسي ينهي أزمة الاحتجاجات الدامية التي اندلعت مطلع أكتوبر الماضي، شهدت مدينة البصرة العراقية أحداثاً متسارعة ومشتعلة أمس، وأغلق محتجون طرقا رئيسية وجسورا بها، واشتبكوا مع قوات مكافحة الشغب.وأعلنت شرطة البصرة رفع الطوارئ إلى الحالة القصوى لمواجهة إغلاق المحتجين الطرق الرئيسية، بهدف منع الموظفين من الذهاب إلى أعمالهم، لفرض إضراب عن العمل في المؤسسات الحكومية.
وشهدت المدينة الجنوبية عملية كر وفر بين المتظاهرين ورجال الأمن، حيث يغلق المتظاهرون الطرق الرئيسية، وبعدها تقوم قوات الأمن بفتحها، ثم يعود المتظاهرون مرة أخرى لإغلاقها وإشعال الإطارات، خصوصا باتجاه ميناء أم قصر، وبعض حقول النفط.وأفادت مفوضية حقوق الإنسان العراقية بسقوط 3 قتلى برصاص الأمن في بلدة أم قصر قرب المرفق الحيوي لاستيراد المواد الغذائية والأدوية المطل على الخليج.وشهدت مختلف مناطق محافظة البصرة احتجاجات أسفرت عن حرق عدد من المقار التابعة للأحزاب والحركات السياسية والدوائر الرسمية.
بغداد والناصرية
وقتل 7 متظاهرين في بغداد والناصرية مركز محافظة ذي قار، وجرح العشرات خلال مواجهات مع قوات الأمن.وسقط 4 قتلى في بغداد خلال تصدي القوات الأمنية لحشود حاولت محاصرة البنك المركزي في المنطقة الخضراء، قرب المنطقة الواقعة بين شارع الرشيد وجسر الأحرار.وسجلت ساعات الصباح وفود أعداد كبيرة من طلبة المدارس والجامعات إلى ساحة التحرير المركزية وسط العاصمة، رغم تحذيرات وزارة التربية للطلبة والمعلمين.وفي الناصرية التي تعد، مع الديوانية، رأس الحربة في موجة الاحتجاجات في الجنوب، قتل ثلاثة متظاهرين بالرصاص في مواجهات مع القوات الأمنية ليل السبت- الأحد.واتسعت رقعة الاحتجاجات في الناصرية لتشمل حرق مبنى الوقف الشيعي، وإقفال طرق مؤدية إلى مقر شركة نفط ذي قار، وحقل كطيعة النفطي.وقام المتظاهرون بحرق الإطارات المطاطية وقطع الجسور الخمسة التي تعبر نهر الفرات للربط بين شطري المدينة.ودعت شرطة ذي قار المتظاهرين إلى الالتزام بالسلمية والتهدئة والابتعاد عن إشعال الحرائق والمساس بالممتلكات العامة والخاصة.وشهدت مدينة كربلاء، مواجهات ليل السبت- الأحد بين قوى الأمن والمتظاهرين.وتبادل الطرفان قنابل المولوتوف الحارقة، بينما اتهم محتجون قوات الأمن باستخدام الرصاص الحي خلال الليل.وقتل نحو 350 شخصاً، أغلبيتهم متظاهرون، منذ بدء موجة الاحتجاجات ضد حكومة عادل عبدالمهدي والطبقة السياسية.تصاعد ودفاع
وتصاعد العصيان المدني خصوصا في المدارس بالعاصمة ووسط وجنوب البلاد، غداة قرار من وزارة التربية هدف إلى إعادة فتح المدارس التي انضم طلابها إلى التظاهرات بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة.في المقابل، ذكرت وزارة الصحة أن التحقيقات أثبتت عدم وجود أي مادة سامة في الغاز المسيل للدموع الذي تستخدمه قوات الأمن.ودافع الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة رئيس الحكومة عن تعامل الأمن مع الأحداث، وقال إن «هناك عصابات تستغل التظاهرات لمحاولة تدمير وحرق مؤسسات الدولة، هذه العصابات تحاول تدمير وحرق المنشآت النفطية واملاك المواطنين. سيتم التصدي لهذه العصابات بحزم ومسؤولية ومنع التخريب».في السياق، كشفت هيئة النزاهة عن إصدار محكمة جنح الرصافة حكماً غيابياً بالحبس مدة ثلاث سنوات بحق أمين بغداد السابق؛ لإلحاقه ضرراً بالمال العام.من جانب آخر، كشف مصدر برلماني، أن قانون الانتخابات يتضمن ملاحظات كثيرة يرغب النواب في تعديلها ومناقشتها، مشيرا إلى أن التصويت عليه سيكون ديسمبر المقبل.إغلاق وإنذار
في غضون ذلك، أوقفت الحكومة العراقية 9 قنوات تلفزيونية محلية ودولية عن العمل، بالإضافة إلى إنذار 5 قنوات أخرى، بسبب تغطيتها للتظاهرات. وأعلن مرصد الحريات الصحافية في العراق أمس، أنه «سيتم إغلاق قنوات: دجلة، والشرقية، وإن آر تي كردية، والرشيد، والفلوجة، وهنا بغداد، والعربية الحدث، والحرة، وقناة إيه إن بي؛ لخرقها مواد لائحة قواعد الترخيص الإعلامي».كما سيتم «توجيه الإنذار لقنوات: سكاي نيوز عربية، والسومرية، وآسيا، ورووداو، وأور، لتوخي الدقة في التعاطي مع التظاهرات والالتزام بمواد لائحة قواعد البث الإعلامي».الخزعلي
وغداة زيارة مفاجئة قام بها نائب الرئيس الأميركي مايك بنس للعراق لتفقد قوات بلاده بقاعدة عين أسد، واكتفى خلالها بإجراء اتصال برئيس الحكومة العراقية، اتهم الأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، إسرائيل والولايات المتحدة بلعب دور واضح في «قتل المتظاهرين والقوات الأمنية العراقية خلال الاحتجاجات»، داعياً إلى ضرورة إجراء تحقيق يشمل «من سهل ومن أعطى الأمر». واعتبر أن التقرير الحكومي عن أحداث الاحتجاجات «لم يجب عن أسئلة مهمة تتعلق بالطرف الثالث» المتهم بقنص المتظاهرين. وأقر الخزعلي بـ»وجود مشاكل في النظام السياسي جعلت الشعب ينتفض، لكن مطالب المتظاهرين لا تمنع من تدخل إرادات أجنبية لاستغلال المطالب المحقة».سجون ومعبر
على صعيد منفصل، كشف مصدر مسؤول، أن الحكومة العراقية بصدد إعادة تأهيل «سجن أبوغريب» وإجراء توسعة لسجون التاجي والحوت وبابل، بهدف استيعاب سجناء تنظيم «داعش» الموجودين في سورية من العراقيين والأجانب.وقال المصدر إن «الحكومة العراقية قررت إلغاء خططٍ سابقة لهدم سجن أبوغريب المغلق حالياً، واستثماره في مجمعات سكنية»، مبيناً أنه «تقرر إعادة تأهيل هذا السجن، وإدخال عمليات توسعة وتحصينات مشددة عليه».من جهة ثانية، أعلن محافظ إيلام الإيرانية قاسم سليماني دشتكي، أمس، إعادة فتح معبر مهران الحدودي أمام زوار العتبات المقدسة في العراق.