استضاف «المقهى الثقافي»، ضمن فعاليات معرض الكتاب، ندوة عن «أدب الطفل» أدارتها الكاتبة أمل الرندي، وقدمت فيها د. وفاء الميزغني من تونس، والكاتب حسين المطوع من الكويت، ورقتين مهمتين بحضور الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة د. عيسى الأنصاري. ورحبت الرندي بالحضور، ووجهت باسم المجلس الشكر لضيوف المعرض، معتبرة أن أدب الطفل ونقده لا يحظى حتى الآن بالاهتمام الكافي في العالم العربي.

من جهتها، شكرت الميزغني الكويت على زيارتها الثانية لها، مشيدة بدورها الرائد ثقافيا وفي مجال الطفل على وجهه الخصوص، من خلال إصدارات مثل «العربي الصغير»، وبرامج مثل «افتح يا سمسم»، التي تربى عليها الجميع في العالم العربي.

Ad

وبعدئذ، تناولت الميزغني في ورقتها أوضاع الكتاب المخصص للطفل، موضحة الكثير من الإصدارات الخاصة به هي نتاج «حالة» أو مبادرات فردية لا نتاج مشاريع يتم التخطيط لها، ووضع أهداف للإنجاز، واستراتيجيات للتنفيذ وتقييم الأداء، وأن المشاركين في صناعة كتاب الطفل هم فئات كثيرة ومختلفة، منها المؤلف، والناشر، والقارئ من الأطفال على اختلاف مراحلهم، والمصمم، والرسام، وكذلك الإعلام ووزارات التربية، مشيرة إلى غياب التعاون والتنسيق بين كل هؤلاء.

إحصائيات

وتطرقت الميزغني إلى ضعف الاهتمام بأدب الطفل وقلة عدد دور النشر المهتمة به على مستوى العالم العربي، إذ لا تزيد على أربع دور أو خمس، إضافة إلى غياب الإحصاءات الخاصة بعدد الكتب المطبوع وغير ذلك.

وذكرت أنها طلبت من اتحاد الناشرين في تونس على سبيل المثال قائمة بعدد الكتب المطبوعة للطفل، فقيل لها إنه حوالي مئتي كتاب، وهو رقم متواضع جدا مقارنة بالأرقام في الغرب، وذكرت أن ثمة مشاكل تتعلق بسوء التوزيع، ومطالبة بعض الدور للكتاب بدفع مبالغ مقابل النشر، إضافة إلى عدم جاذبية تنفيذ وطباعة وإخراج الكتاب، مقارنة بالكتاب الأجنبي.

وعن غياب ترجمة الكتاب العربي، قالت إن هناك ضعفا بالحضور العربي في أدب الطفل عالميا، ومع أن الصورة إجمالا لا تبدو مزدهرة، فإن الميزغني أشادت بالعديد من المبادرات والجوائز التي تم إطلاقها في الإمارات والكويت وعدد آخر من الدول العربية، والتي شجعت على الاهتمام بصناعة النشر المتخصص في كتب الأطفال، وأيضا مبادرات تحدي القراءة في دبي وغيرها.

خريطة بانورامية

بدوره، قدم الكاتب حسين المطوع خريطة بانورامية وتنظيرية تتعلق بالأنساق الفكرية والاجتماعية لمفهوم أدب الطفل، ورأى أن مفهومي الأدب والطفولة من المفاهيم النسبية المتغيرة، فالطفولة بالنسبة للجيل الحالي تختلف كليا عن ثلاثة أجيال مضت، وأن أدب الطفل كان موجودا منذ قديم الزمان ومن قبل أن يوجد الاسم نفسه، متناولا عصور اليونان والرومان التي اهتمت ببعض النصوص الأدبية المتعلقة بتربية الصغار، وصولا إلى القرون الوسطى التي تضاعف فيها الاهتمام بأدب الطفل من خلال تعليم القصص الديني ورواية الخرافات مثل حكايات إيسوب، وإكسابهم كل ما يتعلق بالحرف والمهن. والأمر شبيه بذلك في العالم العربي في القرون الوسطى كما في تعليم القصص الديني.

ظهور المطبعة

واعتبر المحاضر أن ظهور المطبعة لعب دورا محوريا في تأسيس أدب الطفل ونشر وتداول كتبه، إذ تأسس آنذاك ما وصفه بالنقلة الفكرية الأولى في هذا المجال، ومن أبرز الأسماء فيها الفيلسوف جون لوك الذي اهتم بأدب الطفل، وبالجمع بين مفهومي المتعة والتعليم، كما أدخل الألعاب في تعليم الصغار.

وختم المطوع ورقته بتأكيد ما بدأ به كلامه، وهو أن مفهومَي «الأدب» و«الطفولة» متغيران، ولذلك فإن الإجابة عن سؤال ما هو أدب الطفل ليس بالأمر الهين، بل يتطلب الإصغاء إلى الأطفال أنفسهم وسماع وجهة نظرهم فيما يقدم لهم.

وتطرق المطوع أيضا إلى إشكالية اللغة العربية التي يُكتب بها هذا الأدب، واتساع الفجوة بينها وبين الأطفال الذين يتعاملون معها اليوم باعتبارها لغة ثانية أكثر من أنها اللغة الأم. وختم المحاضر ورقته بضرورة التفرقة ما بين «كتب الطفل» و«أدب الطفل»، فالأول يشمل مجالات متنوعة كتلك المتعلقة بتبسيط العلوم والمعارف، أما الأدب فهو خاص بالنصوص الإبداعية الموجهة لهذه المرحلة العمرية.