اغتصاب
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
ارفعوا اسم "أبومازن" من مقالة نادية، واختاروا اسم أي واحد من شخوص النظام العربي، فلن يختلف الأمر في النتيجة النهائية، نتنياهو سيواجه محاكمة واحتمال الحبس سنوات طويلة، في تهم استغلال منصبه وتكسب مبالغ وهدايا بسيطة (نسبياً) تعد رشوة واحتيالاً، ماذا عنا؟ هل يمكن أن نصفها بـ "مبالغ وهدايا بسيطة"؟!... يا ليت، "وكان المسامح كريم". هي لدينا مبالغ فلكية، وتتكرر دائماً كعادة مستحكمة مع أبطال النهب العام وذريتهم الكريمة. في نظامنا العربي لن نجد هنا مثل النائب العام الإسرائيلي، حين وقف بفخر، وقال: "إن التخويف والتهديدات لم يمنعاني عن القيام بواجبي، ولم ينجحا في التأثير على قراري"... يستحيل أن نجد لدينا مثله، ليس لصفات خاصة في شخصيته، بل لأن موقفه هذا نتيجة طبيعية لواقع المؤسسات، وسيادة حكم القانون بنظام الفصل بين السلطات واستقلالها، ومراقبة كل سلطة للأخرى، والتي تخضع كلها، في نهاية الأمر، لرقابة الرأي العام. لنا أن نتكلم كما نشاء عن دولة العصابات الصهيونية، لكن ليس لنا أن نتحدث، ولو همساً، عن أنظمة العصابات الحاكمة في معظم دول العالم العربي، هم في دولة العصابات يتحدثون بلغة واضحة وبوقائع محددة، بينما في عالمنا لا يمكن إلا أن نتحدث بلغة الرمز والتشفير والعموميات الهلامية، وحتى مع هذه، ليس هناك من سالمٍ في جسد الصحافة. "اغتصاب" هي الكلمة الوحيدة المشتركة بين صفات الحكم في إسرائيل وفي العالم العربي، عندهم تُستعمَل الكلمة لاغتصاب أرض الغير، وعندنا اغتصاب الشعوب، وابتلاع مستقبل الأجيال.