قدمت وزيرة الأشغال والإسكان جنان بوشهري استقالتها من منصبها في نهاية مناقشة المساءلة الموجهة إليها من النائب عمر الطبطبائي، وقالت الوزيرة: "من هذه المنصة أعلن تقديم استقالتي لأن مع الأسف أصبحت الشركات وأصحاب النفوذ أقوى من الحق، وأنها تقف برأس مرفوع في مواجهة أصحاب النفوذ وتفخر وتعتز بكل قرار اتخذته للحفاظ على حق الدولة". وقالت بعد أن رأت كثرة النواب الذين طالبوا بطرح الثقة بها، إنها تواجه استجواب المقاولين والشركات ونوابا رفضت طلبات منهم لرفع الحظر عن شركات موقوفة. هذا الكلام الذي أدلت به الوزيرة كلام خطير جدير بالمناقشة والتحليل، فهو يتضمن اتهامات خطيرة تدين الحكومة والمجلس، وخصوصاً العضو المستجوب ومن أيده بطرح الثقة بالوزيرة وهم أكثر من 20 عضواً.
وأكدت أنها تواجه استجواب المقاولين والشركات الفاسدة الذين أوقفتهم، وقد يعني هذا أن الفساد وأصحاب النفوذ أصبحوا أقوى من العدالة والديمقراطية. وشهد شاهد من أهلها، هذه شهادة من قلب الحكومة والمجلس تشهد بأن الباطل في دولتنا أصبح أقوى من الحق، وأن من يريد الإصلاح وحماية الدولة ومؤسساتها من المفسدين ستعصف به رياح الفساد العاتية، ولن يجد من يحميه من المفسدين. حتى النواب الذين انتخبهم الشعب للدفاع عن مصالحه ومصالح الدولة يقفون إلى جانب الشركات المحظورة التي أوقفتها الوزيرة بسبب مخالفاتها. طالبوها برفع الحظر عن تلك الشركات، ولما رفضت طلبهم دبروا لها هذا الاستجواب للإطاحة بها، وخير دليل على صدق ما تدعيه أننا لم نر أحدا من النواب، خصوصاً الذين وجهت لهم أصابع الاتهام، حاول الرد عليها، بل التزموا جميعا الصمت. يا لها من امرأة شجاعة ملهمة استطاعت أن تلخص أوضاع الفساد والمفسدين بكلمات موجزة راقية، لذلك دافع عنها من يحب العدالة ويكره الظلم أمثال أحمد الصراف وأحمد باقر، ويشرفني أن أقف إلى جانبهم. بقيت نقطة مهمة أثيرت في الاستجواب جديرة بالمناقشة وتتعلق بكثير من المشاريع المتأخرة أو المعطلة، ومعظمها مشاريع حيوية ومهمة كالمطار ومستشفيات وصرف صحي ومساكن للمواطنين ومشاريع الطرق، فعلى الوزير المختص أن يوضح أسباب التأخير في مجلس الوزراء ومجلس الأمة ويقترح الحلول. وقد يكون النظام الإداري للدولة من أهم أسباب تأخير تلك المشاريع، فمن المعروف أن لدينا نظاماً إدارياً مليئاً بالروتين والبيروقراطية المملين والكفيلين بإفشال أي مشروع، ولذلك نرى الديوان الأميري يتولى تنفيذ بعض المشاريع المهمة والحيوية لتلافي تلك العقبات، نتمنى أن نتمكن من الاستفادة من هذا الاستجواب حكومة ومجلساً وشعباً بصفتنا من يختار النواب، فهل نستطيع أن نحسن اختيار من يمثلنا؟
مقالات
استقالة وزيرة مرفوعة الرأس
27-11-2019