تكلفة استخدام المسجد!
منذ تفجر العمليات الأصولية الإرهابية، باغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، والحدث الإرهابي الأكبر الذي تلاه بعد سنوات، والمتمثل في تفجيرات 11 سبتمبر 2001 ، التي غيرت مجرى العالم مع المسلمين، وهناك دعوات ومطالبات بسحب السياسة من المسجد.وفي الكويت شهدنا انعكاسات سلبية كبيرة على الدولة والمجتمع، والحياة السياسية والبرلمانية، بسبب خلط الدين بالسياسة، ورغم المكاسب الكبيرة للسلطة بسبب إقحام السياسة في الدين فإنها استجابت للضغوط الدولية باتخاذ إجراءات تحد من تناول الشأن السياسي من على منابر المساجد.
لكن يبدو أن السلطة ما "تجوز" من عادتها تلك باستخدام منابر المساجد لدعم مواقفها السياسية، فأوعزت لخطباء المساجد بخطبة موحدة، الجمعة الماضية، تدعم مواقف السلطة، وتدعو خطباء المساجد لمعارضة التجمع لإبداء مواقف شعبية، وهو ما يخالف رأي المحكمة الدستورية التي تفصل في شأن أمور وقضايا الدولة المدنية التي يحكمها دستور دولة الكويت.وبذلك عدنا مرة أخرى لخلط الأمور ونمط الدولة العشائرية المتداخلة فيها الفتوى الشرعية بنصوص الدستور المدني، وخطورة ذلك في التأويلات الشرعية التي أدخلت دولاً في مشاكل إرهابية واستنزاف مواردها في إعادة تأهيل الشباب المنحرف بالأفكار المتشددة والإرهابية.أمر يجب أن تعيه السلطة وهو أن استخدام المسجد في السياسة ليس مكبساً تضغط عليه لتشعله، ثم تدعس عليه مرة أخرى لتغلقه، بل أصعب من ذلك بكثير، فاستخدام الدين في السياسة أمر خطير ما زالت دول كثيرة تدفع ثمنه أرواحاً وأموالاً باهظة.