انتهت المفاوضات بين أمير الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح، رحمه الله، والبنوك البريطانية الراغبة في فتح فرع لها بالكويت، بتوقيع اتفاقية، ليس مع البنك العثماني، الذي كان يفضِّله الشيخ أحمد، وليس مع البنك الشرقي، الذي كان حذراً جداً في التعامل مع الشيخ، بل إنه اعتذر عن عدم فتح فرع له في الكويت، بعد أن قدَّم له الشيخ أحمد شروطه مكتوبة، بل كان توقيع الاتفاقية مع البنك الإمبراطوري الإيراني، وهو بنك بريطاني يعمل في إيران. ويبدو أن البنك الإمبراطوري وافق على جميع شروط الشيخ أحمد، لذلك توجَّه التركيز في التفاوض إلى هذا البنك، الذي أصبح أول بنك يعمل في بلادنا الطيبة. تمَّت الموافقة بين الجانبين على فتح الفرع البنكي في 17 ديسمبر 1941م، وجرى توقيع اتفاقية من أربع صفحات في 18 ديسمبر. وسنستعرض بنود الاتفاقية لاحقاً، إن شاء الله. وقد أرسل المعتمد البريطاني في الكويت نسخة أصلية من الاتفاقية إلى الشيخ أحمد الجابر، وردَّ عليه الشيخ أحمد في 19 ديسمبر 1941م، برسالة يفيده فيها بتسلم النص الأصلي، ويشكره فيها على دوره المحوري في الوصول إلى اتفاق مع البنك الإمبراطوري الإيراني. وقد بدأ البنك نشاطه بالكويت في عام 1942م، وكانت البداية بمبلغ تم تحويله من الهند قدره 200 ألف روبية، لتجهيز مقر البنك، وتوظيف بعض الموظفين، وشراء أثاث وأدوات ومستلزمات أخرى.
ومن المفيد أن نبحث هنا أكثر، لنعرف مَنْ هم الموظفون الكويتيون الأوائل في هذا البنك، وكيف تم توظيفهم، وما وظائفهم. ففي الملف الذي عثرت عليه، وفيه هذه الوثائق التي أتناولها في هذه المقالات، لم أعثر على أسماء أو تفاصيل بهذا الخصوص، لكنني أتذكَّر أن العم عبدالله أحمد السميط، رحمه الله، كان من موظفي البنك الإمبراطوري، ثم انتقل للعمل مع بنك الكويت الوطني عند افتتاحه لاحقاً. ولا شك في أن هناك موظفين كويتيين آخرين ممن عملوا في البنك، وكانت لهم الريادة في العمل البنكي بالكويت، بل كان لهم الفضل في المساهمة بتأسيس نظام بنكي رائد وناجح في الكويت.أقدِّم لكم الآن نص أول رسالة، كما أعتقد، من البنك الإمبراطوري الإيراني، بعد توقيعه الاتفاقية مع الشيخ أحمد، وهي بخصوص طلب رخصة من حكومة الهند البريطانية للسماح بتصدير مبلغ 200 ألف روبية إلى الكويت، وتاريخها 4 أبريل 1942م، وقد وجهها البنك إلى المعتمد البريطاني في الكويت:"سنكون ممنونين لكم إذا قمتم بلطف بترتيب رخصة مع حكومة الهند للسماح بتصدير 200000 روبية (مئتي ألف) معدنية من بومبي إلى الكويت من خلال بنك الاحتياط الهندي. ونعتقد أن هذا الإجراء سيكون مشابهاً لطلب السيد جونسون في ديسمبر الماضي. إنه ليس في النية حالياً أن يتم تصدير المبلغ، ولكننا نرى أهمية إنهاء الإجراءات الرسمية ليكون المبلغ جاهزاً للتصدير في المستقبل".في المقال القادم، بعون الله تعالى، سنتناول تقريراً مفصلاً عن أداء البنك في مراحله الأولى، وبعض التفاصيل المرتبطة بالتجهيز وافتتاح فرع البنك في الكويت.
أخر كلام
وثيقة لها تاريخ: البنك الإمبراطوري الإيراني وقع أول اتفاقية بالكويت في 1941
29-11-2019