العراق: «ذي قار» خارج السيطرة بعد مجزرة الناصرية

الأحزاب تبحث عن مفاوضين للتهدئة... وخشية جدية من اقتتال أهلي

نشر في 29-11-2019
آخر تحديث 29-11-2019 | 00:12
مواجهات بين المتظاهرين والأمن في بغداد أمس (رويترز)
مواجهات بين المتظاهرين والأمن في بغداد أمس (رويترز)
تصاعدت وتيرة العنف الذي بدأت احتجاجات العراق تدخله منذ أيام، إلى درجة فقدت فيها النجف، وهي العاصمة الدينية لشيعة العالم، طابعها السلمي الذي تمسكت به منذ مطلع الشهر الماضي، إذ أحرق محتجون أجزاءً من القنصلية الإيرانية هناك، ومباني دينية أخرى، مما ينذر بأن العراق بات قاب قوسين أو أدنى من حرب أهلية خطيرة.

وبعد هدوء نسبي في البصرة منذ ليل الأربعاء ـــ الخميس، شهدت محافظة ذي قار الجنوبية المحاذية أخطر تصعيد أمني منذ شهرين، حين اتسعت المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن وعناصر مجهولة من المسلحين، لتترك ما لا يقل عن ثلاثين قتيلاً ومئة جريح.

وقالت تقارير محلية إن مسلحي العشائر انتشروا في مناطق المحافظة بعد الليلة الدامية في غياب ملحوظ لقوات الأمن، مما جعل «ذي قار» في حكم الساقطة عسكرياً، حسب وصفها.

ويحذر مراقبون منذ أيام من تسلل الملل إلى حركة الاحتجاج التي يبدو أنها تتجه نحو عنف مسلح أحياناً، رغم تمسك معظم المتظاهرين، عبر بياناتهم، بسلمية الاحتجاج، وذلك بعد تباطؤ الحكومة في تلبية المطالب، وخصوصاً إقرار معايير جديدة لانتخابات مبكرة تجريها حكومة انتقالية، وتصاعد التدخل الإيراني حسب قناعة الرأي العام العراقي وتقارير ووثائق نشرت أخيراً.

وتعرضت قنصلية إيران في البصرة العام الماضي للحرق، كما حاول المحتجون إحراق قنصلية إيران في كربلاء، وعبثاً حاولوا الاقتراب من السفارة الإيرانية في بغداد، التي لا يفصلها عن مركز الاحتجاجات في ساحة التحرير سوى نهر دجلة، لكنهم نجحوا في إحراق قنصلية إيران في النجف، مما أدى إلى انسحاب البعثة الدبلوماسية إلى مكان آمن، وإثارة ردود فعل واسعة.

وحاولت الفصائل المقربة من طهران الحديث عن تهديد مسلح يواجه بيت المرجع الأعلى السيستاني الذي لا يبعد عن القنصلية مسافة كبيرة، فضلاً عن انتشار إشاعات عن نية المتظاهرين محاصرة مكاتب المراجع العليا والحوزات، وعلى أثرها انتشرت في النجف عدة ميليشيات، من بينها «لواء العباس» المقرب من المرجعية، إلى جانب أخرى محسوبة على طهران، بذريعة حماية السيستاني، غير أن المتظاهرين أصدروا بيانات عديدة تؤكد احترامهم للمرجع الديني، وأنهم يعتبرون الطابع السلمي للمظاهرات جزءاً من قوتها وشرعيتها، مع تشديدهم على أنهم لن يمسوا المدارس الشرعية.

في هذه الأثناء دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر حكومة عادل عبدالمهدي إلى الاستقالة فورا حقنًا للدماء، في حين تبذل أطراف سياسية جهوداً كبيرة، لمحاولة بدء مفاوضات مع ممثلي حركة الاحتجاج. وقالت مصادر سياسية رفيعة في بغداد وأربيل إن الحكومة تخشى حصول اقتتال داخلي بين الأطراف الشيعية إذا لم تتم تهدئة العنف، وسط اتهامات واسعة لإيران بالتدخل في القرار الأمني أكثر فأكثر، وإثارة غضب المتظاهرين، إثر التصاعد اليومي في عدد الضحايا غير المسبوق خلال عشرة أعوام من الاحتجاجات المتواصلة في العراق.

back to top