لبنان: مساعٍ لـ«صفقة حكومية» كاملة
يلف الغموض حقيقة ما يدور خلف كواليس الغرف المقفلة فيما يخص مسألة تشكيل الحكومة اللبنانية، فاللقاءات التي عقدت بعيداً عن الأضواء في المقار الرسمية ومواقع أخرى أُقفلت أبوابها بإحكام على مداولاتها حرصاً على النتائج المتوخاة، الأمر الذي فتح أبواب التسريبات وزاد حال البلبلة في الأجواء السياسية والإعلامية. وقالت مصادر متابعة، إن «عملية التفاهم على اسم الرئيس العتيد للحكومة أصبحت محكومة بمهل دقيقة، سقفها مطلع الأسبوع المقبل للحسم، على وقع المزيد من المصاعب والعقد التي مازالت قائمة، بما سيؤدي إلى تفعيل حركة المشاورات بين الثنائي الشيعي والحريري التي ستنشط خلال الساعات المقبلة على أساس التفاهم الذي جرى بين الثنائي وبعبدا، والذي فرمل الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة فأرجئت بناء على طلب منه». واعتبرت المصادر أن «السعي قائم لإنتاج صفقة متكاملة تضم في سلتها التكليف والتأليف وتوزيع الحصص وشكل الحكومة المفترض أولاً وأخيراً أن يرضى بها المتظاهرون ليخرجوا من الشوارع كما الخارج الذي سيقدم الدعم المادي للنهوض بالأوضاع الكارثية نقداً واقتصاداً، وهذا الرضى يفترض إسناد الحقائب المعنية بمؤتمر «سيدر» إلى اختصاصيين بعيداً عن المحاصصة وقاعدة التوزيع بين القوى السياسية، وحتى حق تسمية وزراء الاختصاص».
وأكدت أن «منطق حصرية الحقائب لطوائف أو لأحزاب كما المحاصصة وفرض القيود والشروط سقط في التشكيل، الذي يجب أن يعكس ارتياحاً في الشارع المنتفض الذي ينتظر السلطة في هذه المرحلة وله موقفه من كل المراحل الدستورية، فإن أحسنت السلطة عملية الإخراج دون أي تحدٍّ أو إثارة بطريقة استفزازية للشارع تنجح في الامتحان، وخلاف ذلك سيسقطها مجدداً في امتحان الثقة المفقودة غير القابلة للترميم». يأتي كل ذلك مع انعقاد الاجتماع المالي الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون، أمس الأول، في قصر بعبدا. وقالت مصادر متابعة إن «الاجتماع كما كان متوقعاً خيّب الآمال لأنه لم يرتق إلى مستوى الأزمات التي تحتاج الى إجراءات لا إلى توصيفات لا تفي بالغرض المطلوب، كما أن عدم مشاركة الرئيس الحريري وإرساله ممثلين عنه أعطى انطباعاً بأن ما يقوم به رئيس الجمهورية يبقى قاصراً، في ظل عدم تشكيل الحكومة التي تعتبر أولوية لدى جميع الأطراف».إلى ذلك، أكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب في حكومة تصريف الأعمال محمود قماطي، أمس، أنه «مادام أن التكليف الحكومي، كلما انطلق مرة بعد مرة، يتم إفشاله، فلن نتمكن من تحديد موعد لتشكيل الحكومة»، متسائلاً: «هل هناك نية جدية لتشكيل حكومة برئاسة شخص غير رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري؟» وأعلن قماطي أن «هناك نوافذ إيجابية للحل قد فتحت مع وصول الرسالة الدولية إلى مختلف الأفرقاء السياسيين، التي تجمع أكثر من طرف دولي»، مشدداً على أنه «لن يكون هناك شارع ضد شارع، لأن كل شارع هو شارعنا ونوافق على كل مطالبه المعيشية». وختم: «نتمسك بالحريري لرئاسة الحكومة لما يمثله على الساحة السنية، ولدوره في تحمل مسؤولية الأزمة الحاصلة اليوم».كان البديل الهزيل اجتماعاً فولكلورياً في قصر بعبدا لا يرقى إلى مستوى الأزمة وتحدياتها ليتمخض عنه بيان «منفصم عن الواقع» كما وصفته مصادر متقاطعة باعتباره يتحدث بالعموم والتعاميم التي لا تلامس أرض الواقع ولا تصيب جوهر الحلول المطلوبة أمس قبل اليوم. الأجدى أن يفتح قصر بعبدا أبوابه أمام الاستشارات النيابية الملزمة بدل الإمعان أكثر فأكثر في لعبة حرق الوقت والأعصاب لتحصيل مكاسب حكومية من هنا وتحصين مواقع سياسية من هناك بينما البلد تنهار مقدراته ومقومات صمود شعبه.