لا حصانة في الجرم المشهود
أستغرب من ردة فعل البعض المنصدم بما فعله عضو مجلس الأمة مع دورية الشرطة، وتجرئه على رجل الأمن وآلية للدولة، لأن هذه الأفعال متكررة منذ التسعينيات بشكل لافت، وتعامل الدولة معها متفاوت بالشدة أو التساهل بقدر قرب النائب من السُلطة أو بعده عنها. من المعلوم أن عضو مجلس الأمة لا يحظى بأي حصانة في حالة الجرم المشهود، والجرم المشهود ثابت في حالة تهريب مقبوض عليه من سيارة عسكرية، وفي بعض الدول لمس سيارة الشرطة أو محاولة اقتحامها تؤدي لإطلاق النار على المعتدي في أماكن غير مميتة إذا لم يكن يحمل سلاحاً.
حالة التنمر والتعدي على ممثلي القانون ممن يفترض منه أن يحمي دستور وقوانين وهيبة الدولة ليست حالة سببية، بل هي انعكاس لما يحدث في البرلمان من تطويع كل ما تريده الحكومة ومراكز القوى من التفاف على الاستجوابات ودفن التوصيات وضعف المحاسبة واستخدام الحكومة لنواب المعاملات والواسطات لدعمها.كما أن تساهل السلطة و"تطنيشها" اجتماعات الانتخابات الفرعية، وتنامي الدعوات العرقية والطائفية توصل رسائل إلى نواب ووجهاء وتجمعات معينة بأن لهم امتيازات معينة وحصانة من القانون، طالما كانوا مقربين وداعمين لها.مرور هذه الممارسات المشينة، وعدم القدرة على محاسبة مرتكبيها بسبب الحصانة النيابية، و"فزعة" بعض النواب لبعضهم البعض في مثل هذه الحالات، لها انعكاسات خطيرة، وستوصل رسالة خاطئة للشباب وقطاعات كبيرة من المجتمع، تؤدي إلى مشاجرات عنيفة وطعن وقتل شاهدناها من قبل في الأماكن العامة لأسباب تافهة، تدفعها حالات من التهور وظنون البعض بأنه يمكن ألا يحاسب على جريمته بسبب انتماء معين، لذا فإن الدولة مطالبة بأن تثبت هيبتها بالقانون في مواجهة مثل هذه التجاوزات، وعلى مجلس الأمة أن يتعامل بصرامة عبر رفع الحصانة بشكل فوري وسريع عن النواب الذين يرتكبون مثل هذه الممارسات، فور توفر الأدلة والتحقيقات التي تثبت مثل تلك التجاوزات المشينة.