قبل البرلمان العراقي، أمس، استقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي أمس، وصوّت لمصلحة قبول الاستقالة التي جاءت في أعقاب احتجاجات بدأت مطلع أكتوبر الماضي، وتعد الأعنف في تاريخ البلاد الحديث.

وأعلن البرلمان الموافقة على الاستقالة «استنادا إلى المادة 75 من الدستور»، وذكر أنه سيطلب من رئيس الجمهورية برهم صالح تكليف الكتلة الأكبر لترشيح رئيس وزراء جديد. وقال نواب إن حكومة عبدالمهدي، بما في ذلك رئيس الوزراء نفسه، ستظل تباشر تصريف الأعمال لحين اختيار حكومة جديدة.

Ad

وقرر عبدالمهدي الاستقالة الجمعة الماضية، بعد دعوة وجهها المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، للبرلمان لبحث سحب دعمه لحكومته، لإنهاء العنف.

تنازل «سائرون»

ولاحقاً، أعلنت كتلة سائرون، «تنازلها عن حقها» في ترشيح رئيس الوزراء المقبل، باعتبارها «الكتلة البرلمانية الأكبر»، مشيرة إلى أنها أبلغت رئيس الجمهورية برهم صالح بقرارها.

وقال رئيس الكتلة النائب نبيل الطرفي إنه «انطلاقاً من توجيهات السيد مقتدى الصدر بإنهاء المحاصصة الحزبية والطائفية، يعلن تحالف سائرون تنازله عن هذا الحق للمتظاهرين».

بيان الصدر

وفي وقت سابق، أكد راعي كتلة «سائرون»، رجل الدين البارز مقتدى الصدر، براءته من المتظاهرين الذين يعمدون إلى الحرق والقتل وتعريض المدنيين والمقدسات والعلماء ومراقدهم للخطر جهلا أو عمدا، مؤكدا أنه لن يسمح بعودة الفاسدين بمسميات أخرى، وسيمنع كل الأحزاب والتيارات، كما منعنا التيار الصدري في السابق، من التدخل في تشكيل الحكومة.

وقال الصدر في محادثة مع المقرب منه صالح العراقي نشرها الأخير عبر «فيسبوك»، إن «كان بعض المتظاهرين من أتباعنا ولا يزالون يأتمرون بأمري، فإني لم ولن أقول لهم عودوا إلى منازلكم ولا تتظاهروا، فهو حقهم، بل وكم أتمنى أن أكون أحدهم وبينهم، ولكن غاية الأمر أنني آمرهم بعدم استعمال العنف مطلقا، بل يبقون على اعتصامهم وإضرابهم الجزئي إن شاؤوا».

وأضاف الصدر: يجب «التزام السلمية وإبعاد المحافظات المقدسة عن العنف والأذى، وخصوصاً بعد الاستقالة، ولن ننسى جهودهم الجبارة، بل سنطالب بالقصاص العادل ممن نالوا منهم، فشهداء الثورة شهداؤنا».

من جانب آخر، وغداة وصول تعزيزات أمنية الى محافظة النجف قادمة من بغداد، عقب دعوة محافظ النجف لؤي الياسري السلطات الأمنية المركزية إلى التدخل فورا لإيقاف نزيف الدم في المحافظة، قالت صفحة العراقي على «فيسبوك»، التي يعتقد على نطاق واسع أن الصدر يستخدمها باسم مستعار إن «النجف مقدسة لا للحرق، لا للعنف، سلمية إذا التزم الثوار بسلميتهم في النجف الأشرف، فعلى كل الأحزاب غلق مقارهم فيها فورا».

«الفتح» و«النصر»

في السياق، نفى مصدر في تحالف «الفتح»، ترشيح أي شخصية لمنصب رئيس الوزراء، في حين كشف رئيس «ائتلاف النصر» حيدر العبادي، عن مبادرة وطنية، تضمنت تشكيل حكومة جديدة بحلول منتصف الشهر الحالي، ببرنامج مؤقت بحدود زمنية ترأسها شخصية مستقلة، تتولى ضمان تمثيل المتظاهرين وإجراء تعديلات دستورية تمهّد لانتخابات بإشراف دولي.

حداد وانتشار

وقبل ساعات من انعقاد جلسة البرلمان، قُتل متظاهر بالرصاص في وسط بغداد، في حين شهدت أغلب محافظات وسط وجنوب البلاد مسيرات حداد على ضحايا الاحتجاجات، وتواصل الإضراب الجزئي بعدد من الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات. وانتشرت العشائر في محافظة ذي قار، ليل السبت - الأحد في أغلب الطرق الرئيسية الرابطة بين المحافظة والمحافظات المجاورة لتأمينها من دخول «أي جماعات مندسة».

ورغم عدم انخراط المحافظات السنية في الاحتجاجات، فقد نظم طلبة في جامعتي الموصل والفلوجة، وقفة حداد على «أرواح شهداء» محافظتي ذي قار والنجف، كما نظموا مسيرة تأييد لمطالب المتظاهرين.

ملاحقة وإعدام

في غضون ذلك، أمرت السلطة القضائية بالقبض على القائد العسكري الفريق جميل الشمري، في إطار التحقيق بقضية قتل المتظاهرين بالناصرية. وتضمن أمر السلطة القضائية منع الشمري من السفر. في موازاة ذلك، أصدرت السلطات القضائية مذكرات قبض بحق المعتدين على متظاهري النجف التي سقط بها 23 متظاهرا خلال مواجهات مع قوات الأمن وعناصر محسوبة على ميليشيات مسلحة يومي الخميس والجمعة الماضيين.

وفي تطور غير مسبوق، قضت محكمة، أمس، بإعدام ضابط في الشرطة أدين بقتل متظاهرين، في أول حكم من نوعه منذ انطلاق موجة احتجاجات في البلاد قبل نحو شهرين، قتل فيها أكثر من 420 شخصا.