«الرباعي الشرقي» أحيا أعمال الشوا في «موسيقى الاثنين»

احتفاء بأحد أبرز الموسيقيين العرب خلال الثلاثينيات في مركز جابر الأحمد الثقافي

نشر في 04-12-2019
آخر تحديث 04-12-2019 | 00:00
شهدت القاعة المستديرة في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي أمسية موسيقية استثنائية احتفاء بمبدع عربي ترك إرثاً موسيقياً كبيراً، هو عازف الكمان والمؤلف سامي الشوا.
وقدم «الرباعي الشرقي» أربع وصلات موسيقية ضمن فعاليات «موسيقى الاثنين» إحياء لذكرى مبدع ترجل عن مسرح الحياة، ولكن مازالت أعماله تتناقلها الأجيال.
انسابت الموسيقى من بين أنامل «الرباعي الشرقي» الذين أبدعوا عزفا على العود والكمان والقانون بمعية الرق، لتغزو موسيقاهم القلوب، وتعيدنا إلى زمن الفن الجميل، وتحديدا ثلاثينيات القرن الماضي ابان الفترة التي عاش فيها عازف الكمان والمؤلف الموسيقي سامي الشوا، احتفاء بمبدع ترك ارثا ثريا من الأعمال التي ازدانت بها المكتبة العربية.

وفي القاعة المستديرة وضمن فعاليات الموسم الثقافي لمركز الشيخ جابر الأحمد، أحيا الرباعي مصطفى سعيد على آلة العود، وأحمد الصالحي على آلة الكمان، وغسّان سحاب على القانون، وعلي الحوت على الرق، تلك الأمسية تحت مظلة «موسيقى الاثنين» أمام حضور كبير من جمهور عاشق للموسيقى حركه شغف التعرف على إرث مبدع عربي له بصمة هامة ستبقى أبد الدهر.

تأتي هذه المبادرة، لتعكس مدى اهتمام مركز جابر الثقافي بإعادة إحياء ذكرى المبدعين العرب والحفاظ على إرثهم الفني ونقله للأجيال الجديدة، لاسيما تلك النماذج التي ظلت اعمالها اسيرة الذكريات.

وفي هذا الحفل، يهدف الرباعي إلى تقديم بشرف الراست وسماعي البياتي لعازف الكمان والمؤلف الموسيقي سامي الشوّا، إضافة إلى عدد من القطع الموسيقية القديمة التي اشتهر الشوّا بأدائها وساهم في شيوعها، لتصبح تسجيلاته هي الصيغة الثابتة في المخيلة الموسيقية العربية، كما تضمنت الحفلة عددا من التقاسيم على مختلف الآلات الموسيقية وعلى مختلف الضروب الإيقاعية والمقامات الموسيقية.

أبرز الموسيقيين

وسامي الشوّا هو أحد أبرز الموسيقيين العرب ما بين 1906 وعقد الثلاثينيات من القرن الماضي، بإنتاج موسيقي يضاهي في انتشاره التسجيلات الغنائية لكبار المطربين من أمثال أم كلثوم وعبدالوهاب، وهو ما يتضح في مذكرات المؤرخ الفرنسي أليكسي شوتان عام 1932، التي ورد فيها: «أقام الموسيقي المصري الشهير سامي الشوا حفلة رائقة، عزف في أثنائها على الكمنجة وبرهن على لطافته ومهارته الساحرة للألباب مع تفوقه الكبير في الفن. والشوّا مشهورٌ شهرةً ذائعة ومحبوب لدى الجمهور المصري، هو وأم كلثوم، إذ يَعدُّهما المصريون افتخارا وطنيا».

عازف العود

وفي تمام السابعة بدأ الحفل مع كلمة لعازف العود مصطفى سعيد الذي قال: «أمسية اليوم عن عازف كمان وموسيقي استثنائي هو سامي الشوا الذي ولد في أواخر القرن الـ19 عام 1885 تقريبا في القاهرة، ورحل عن الحياة في العاصمة المصرية ايضا عام 1965، وهو ينتمي إلى عائلة موسيقية مشهورة من حلب، وجاء والده الى القاهرة بسبب النهضة التي كانت تشهدها خلال فترة الخديوي اسماعيل، وحرص على ان يمضي 6 أشهر في العاصمة المصرية و6 أشهر في الشام لدرجة انه امتلك منزلا في منطقة باب الشعرية».

وأضاف سعيد مستعرضا ابرز ملامح مشوار الشوا: «كان سامي الشوا موسيقيا عابرا للحدود، عزف جميع قوالب الموسيقى من أول الطبوع في المغرب العربي حتى فن الصوت في الخليج العربي والمقام العراقي وكان قادرا على عزف كل الأنماط ببراعة، فهو بالفعل موسيقي عربي بامتياز، لذلك تأتي أمسية اليوم للاحتفاء بهذا الرجل الاستثنائي، لأننا مع الأسف في منتصف القرن العشرين سادت ثقافة أن الموسيقى يجب ان تكون مصحوبة بالكلمات، ولكن قبل ذلك بـ50 عاما تقريبا كان للموسيقى حضورها الأخاذ، وكان المجتمع قادرا على الاستماع للموسيقى دون كلام، وكان الشوا خير مثال لمن يصل بموسيقاه للقلوب ويعبر بالانغام دون كلمات، وجاب العالم كله بآلة الكمان حاملا رسالة الموسيقى العربية».

أربع وصلات

ثم شهدت الأمسية أربع وصلات موسيقية، الأولى كانت من مقام البيات مع ايقاع المربع، ثم كانت الوصلة الثانية سماعي ثقيل من ألحان سامي الشوا، وكانت الوصلة الثالثة رقصة البدوية وهي من ألحان الشوا ايضا، وأخيرا الوصلة الرابعة بالختام مع موشح «بالذي أسكر» للسان الدين بن الخطيب، وتفاعل الحضور مع الوصلات الأربع، إذ لا صوت يعلو فوق صوت الموسيقى التي جاءت مفعمة بالمشاعر والاحاسيس، وأبحرت بنا إلى زمن كان للنغم معنى حقيقي، ويحمل رسائل تدخل الى القلوب دون استئذان، وحظي الرباعي الشرقي بدعم وتشجيع الحضور عقب كل وصلة، وكان واضحا مدى التناغم والانسجام بينهم في العزف والتعامل مع الآلات الشرقية التي تفيض عذوبة وإبداعا.

ويهتم الرباعي الشرقي بتقديم أعمال كلاسيكية عربية غنائية وموسيقية آلية، وكانت له مشاركات عديدة في برلين ولندن وإسطنبول. ويقدِّم الرباعي الشرقي القطع الموسيقية المتوارثة غير الشائعة في الأوساط الموسيقية الأكاديمية أو بين العامة، مع التركيز على القوالب الشرقية الأصيلة مثل البشرف والسماعي والتقاسيم المرتجلة.

مصطفى سعيد: الشوا موسيقي عابر للحدود جاب العالم بالكمان حاملاً رسالته الفنية
back to top