ما تريد إيران إخفاءه عن العالم
غداة قطع الإنترنت في إيران، تُراجع باحثة في مجال حقوق الإنسان الفيديوهات المنتشرة، بحثاً عن أدلة على ارتكاب أعمال وحشية... الوضع صادم بمعنى الكلمة! تكثر المشاهد التي تطلق فيها قوى الأمن النار على الناس، فقد احتشد المحتجون الإيرانيون غداة قرار رفع أسعار الوقود بدرجة قياسية، وبعد ساعات على بدء الاحتجاجات، لجأت السُّلطات الإيرانية إلى استعمال القوة، لقمع تلك الأصوات، وعمدت إلى قطع الإنترنت أيضاً.توالت الأحداث بوتيرة متسارعة، خلال 24 ساعة، وغاب الناس عن شبكة الإنترنت، وما عادوا يستطيعون رؤية رسائلنا. مع ذلك، تحلَّى البعض بالشجاعة الكافية لإرسال فيديوهات عمَّا حصل، ومع عودة خدمة الإنترنت تدريجياً، تمكنت منظمة العفو الدولية من مشاهدة عشرات الفيديوهات المنتشرة.للسُّلطات الإيرانية تاريخ حافل في استعمال القوة المفرطة ضد المحتجين السلميين، لكننا شهدنا هذه المرة درجة غير مسبوقة من استخدام القوة القاتلة ضد متظاهرين عُزل، ويمكننا أن نعرض الآن مجموعة من اللقطات التي ترفض السُّلطات الإيرانية أن يشاهدها العالم، فقد انتشر أحد الفيديوهات مثلاً اعتباراً من 17 نوفمبر، وتظهر فيه قوى الأمن بطهران وهي تطلق النار مباشرة على الناس في آخر الشارع، وتثبت هذه المشاهد أن السُّلطات تستعمل الأسلحة بطريقة غير قانونية ضد المحتجين العُزل، كذلك تشير لافتة إلى أن المبنى الظاهر في الفيديو يعود إلى وزارة العدل، ويرتدي الأشخاص الذين انتشروا على سطح المبنى وراحوا يطلقون النار على الناس زياً موحداً، مما يشير إلى انتمائهم إلى قوى الأمن.
استناداً إلى أبحاثنا، تنجم معظم أعمال القتل عن استعمال الأسلحة ضد الناس، وفي أحد المشاهد يحمل رجل مسدساً، ويطلق النار على المتظاهرين، وهو لا يرتدي زياً موحداً لذا قد يظن مَن لا يعرفه أنه أحد المحتجين، لكنه مسؤول بملابس مدنية، ويسهل أن نستنتج هذه المعلومات، لأن قوى الأمن تقف بكل وضوح في هذا الطرف من الشارع، ويبدو أن السُّلطات لا تريد إخفاء هوية هؤلاء الأشخاص إذاً، وهذا ما يزيد المظاهر غير القانونية في الوضع القائم. في مشهد من مدينة شيراز نسمع الناس بكل وضوح وهم يطلقون شعارات ضد القائد الأعلى الحالي، صحيح أن الاحتجاجات الأخيرة ارتبطت بارتفاع أسعار الوقود المفاجئ، لكنها توسَّعت كي تشمل معارضة النزعات القمعية والاستبدادية السياسية.تعرَّض عدد كبير من المحتجين للإصابات تحت تأثير الضرب، لكن لا يقصد المصابون المستشفيات، خوفاً من أن تعتقلهم السُّلطات هناك، نُشِر تقرير واحد على الأقل مفاده أن الاستخبارات أجبرت إدارة أحد المستشفيات على إعطائها لائحة بأسماء المرضى الجدد، كذلك ذكرت تقارير مريعة أخرى أن السُّلطات تجبر العائلات على دفع المال لاستلام جثث أحبائها، وفي بعض الحالات، طُلِب من العائلات أن تدفع كلفة الرصاصة المستعملة لقتل أقاربها، وتشير هذه التقارير، إذا تأكدت صحتها، إلى استخدام مستوى غير مسبوق من الوحشية ضد العائلات التي عاشت أصلاً معاناة مريعة.في 20 نوفمبر، بثت القناة الحكومية اعترافات قسرية لامرأة معتقلة، ويسهل أن نتوقع في الأيام أو الأسابيع المقبلة نشر سلسلة من الاعترافات المتلفزة التي تم انتزاعها تحت التعذيب، أو أشكال أخرى من سوء المعاملة، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمط من القتل غير القانوني، ما لم تُحاسَب السُّلطات الإيرانية، ولضمان محاسبتها يجب أن يحصل خبراء دوليون من الأمم المتحدة على الإذن بدخول البلد، ومقابلة عائلات القتلى، وزيارة مراكز الاعتقال والمستشفيات والمقابر، وتكوين رؤية موضوعية عن الأحداث المريعة التي شهدتها إيران.* «راها البحريني»