أظهر استطلاع جديد للرأي العام اللبناني، أُجري في نوفمبر الماضي، أن نظرة أغلبية كبيرة من الشيعة في البلاد لا تزال إيجابية تجاه "حزب الله" وإيران، الراعية له، رغم أن الاحتجاجات المتواصلة في لبنان منذ 17 أكتوبر الماضي، ضمت العديد من المشاركين الشيعة للمرة الأولى. ويثير ذلك الواقع تساؤلات حيال تكهنات بشأن إمكانية أن يواجه الحزب فجأة خطر خسارة قاعدته الانتخابية الرئيسية.
وأظهرت النتائج، أن موقف 75% من السكان الشيعة بلبنان، اليوم، "إيجابي للغاية"، تجاه "حزب الله"، في تراجع بسيط عن نسبة 77% المسجلة أواخر 2018، و83% أواخر 2017، في وقت تمنح نسبة 15% من الشيعة الحزب تصنيفاً "إيجابياً بعض الشيء". ويقول ديفيد بولوك، من "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، وهو الذي طلب من شركة مختصة إجراء الاستطلاع وقدم قراءة في نتائجه، إن هناك احتمالاً أن يتردد بعض المستجوبين من الشيعة في إعطاء إجابات دقيقة.فضلًا عن ذلك، لا تزال نسبة 70% من شيعة لبنان تعتقد أنه من "المهم للغاية" الحفاظ على علاقات جيدة مع إيران، في تراجع بسيط جداً عن العامين المنصرمين. وتقول نسبة 22% إن هذه العلاقات "مهمة إلى حدّ ما"، كما أن لدى 73% من الشيعة رأياً "إيجابياً للغاية" بشأن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، ولدى 17% منهم رأياً "إيجابياً نوعاً ما" حياله.وفي تناقض صارخ، عبّر 51% من المسلمين السُّنة في لبنان عن موقف "سلبي للغاية" من "حزب الله"، في زيادة بنسبة 10 نقاط على العام الفائت، كما أن 38% منهم لهم رأي "سلبي بعض الشيء". في المقابل، يعتبر خُمس اللبنانيين السنّة فقط أن الحفاظ على علاقات جيدة مع إيران "مهم إلى حدّ ما"، في وقت تعبّر هذه المجموعة الضئيلة عن موقف "إيجابي بعض الشيء" إزاء خامنئي.أما المسيحيون في لبنان، فهم في الوسط كما كانت عليه الحال أخيراً، لكن نظرتهم حيال "حزب الله" قد تبدّلت بشكل كبير نحو الأسوأ من العام الفائت، إذ أصبح 33% منهم فقط يعبّرون عن "نظرة إيجابية بعض الشيء" حيال الحزب، مقابل 82% أواخر عام 2018. وعلى نحو مماثل، يعتبر 33% من مسيحيي لبنان أن العلاقات الجيدة مع إيران مهمة، وبالكاد تعبّر نسبة 17% عن رأي إيجابي حيال خامنئي.ووفق النتائج، يُعتبر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أيضاً شخصية مستقطبة في أوساط المذاهب اللبنانية، فحوالي ثلثيْ السنّة يعربون عن نظرة إيجابية تجاهه؛ لكن في أوساط الشيعة تنخفض هذه النسبة إلى 4% فقط. ومجدداً، يقف المسيحيون في الوسط، غير أنهم يميلون أكثر إلى السنّة، إذ إن نظرة 47% منهم إيجابية حيال إردوغان.غير أنه على صعيد المشاكل الداخلية التي كانت السبب خلف الاحتجاجات الشعبية الراهنة، فإن مطالب الطوائف الثلاث الرئيسية موحدة عملياً، فنسبة 90% أو أكثر حتى من كل مجموعة تقول إن الحكومة مقصرة بشكل كبير في حل مشكلات خفض مستوى الفساد في الحياة الاقتصادية والسياسية، والتعامل مع المشاكل الاقتصادية المتنامية ومشقات الحياة اليومية للناس، ومشاركة أعباء الضرائب، وغيرها من الموجبات تجاه الحكومة بطريقة عادلة.كذلك، تراجعت المواقف المؤيدة للولايات المتحدة نوعاً ما خلال السنتين الماضيتين، فنحو 43% من السنّة يرون أن العلاقات الجيدة مع واشنطن "مهمة بعض الشيء"، في انخفاض بنحو 10 نقاط منذ أواخر 2017. وفي أوساط المسيحيين، انخفضت هذه النسبة أيضاً بنحو 10 نقاط لتبلغ 37%، في وقت يشارك 17% فقط من الشيعة الرأي نفسه.في المقابل، تقول نسب أعلى بكثير في كل طائفة إنه من المهم إقامة علاقات جيدة مع روسيا أو حتى مع سورية. ووفق النتائج، يحظى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتأييد في أوساط الطوائف الرئيسية الثلاث في لبنان يتخطى إلى حدّ كبير نظيره الأميركي دونالد ترامب. وبينما طُلب من المستطلعين الاختيار بشكل خاص بين الأولويات الأربع لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة، كان الخيار الأبرز في كل طائفة "عدم التدخل في المنطقة على الإطلاق أو الانسحاب من معظمها على الأقل". وصوّت لهذا الخيار 71% من شيعة لبنان، و48% من السنّة، ونسبة كبيرة من مسيحيي البلاد وصلت إلى 43%.
أخبار الأولى
دعم شيعة لبنان لحزب الله يتراجع... لكن ببطء
06-12-2019