مكافحة الفساد
بعد عودتي من أداء صلاة الجمعة أدرت مؤشر المذياع الى إذاعة الكويت وإذا بخطيب الجمعة يتحدث في آخر الخطبة عن مكافحة الفساد، وكان هذا الموضوع حديث الناس في كل التجمعات والدواوين وأجهزة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في الكويت، ولأنني مهتم بهذا الموضوع أردت أن أستمع لهذه الخطبة، فذهبت إلى موقع وزارة الأوقاف وأنصتّ لهذه الخطبة المعبرة والمفيدة. الخطبة كانت في يوم الجمعة الموافق ٦/ ١٢/ ٢٠١٩، وكان خطيب الجمعة هو السيد فريد عمادي وكيل وزارة الأوقاف، أعجبتني الخطبة بمحتواها لأنها جاءت من مسؤول في وزارة الأوقاف، وتبث من أجهزة الإعلام الرسمية الإذاعة والتلفزيون. في هذه الخطبة المعبرة الكثير من النهي عن الوقوع بالفساد، وجاء في القرآن سور تحذر من الوقوع في الفساد وعاقبة المفسدين، وما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من ارتكاب الفساد وعواقبه. ولأن موضوع مكافحة الفساد مطلب شعبي فإنني أوجز بعض ما جاء في خطبة الجمعة، حيث بين الخطيب أن "مكافحة الفساد ومحاربته واجب شرعي، وهي مسؤولية الجميع على اختلاف مناصبهم ومواقعهم، وأن الفساد من أعظم المنكرات وأن من شعائر الإسلام إنكار المنكر والنهي عنه".
ويضيف خطيب الجمعة قائلا: "لقد جاء الإسلام بالإصلاح وهدف إليه في شرائعه وأحكامه، كافة كما حارب الفساد بمختلف مجالاته وأنواعه، فحارب فساد العقائد والأخلاق، وحارب فساد العادات والتشريعات والأعمال". وعدد خطيب الجمعة أبرز مظاهر الفساد، وهي "الرشوة، ومحاباة الأقارب، والتطاول على المال العام"، فـ"حين يطلب موظف عام يتسلم كامل رواتبه شرط أن يؤدي أعماله بإخلاص وأمانة، ويقوم هذا الموظف باستغلال وظيفته ويطلب رشوة لإنهاء هذه المعاملة وهذا أحد أنواع الفساد"، "وحين يحابي الموظف أقاربه أو أصدقاءه على حساب الآخرين كأن ينهي معاملاتهم ويقدمهم على غيرهم من الناس فهذا أيضا فساد". والذي يتمعن في قراءة الآيات الكريمة في المصحف الشريف يجد أن هناك كثيراً من الآيات التي تنهى عن الفساد وتبين سوره، ففي سورة المائدة يقول سبحانه وتعالى: "وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"، وفي سورة البقرة يقول سبحانه وتعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ". وقوله: "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ"، وقوله "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"، وقوله أيضا: "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ". سورة القصص. وهناك أيضا ًعدد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تنهى عن الفساد وتحذر من عاقبة المفسدين، فرسولنا الكريم يقول: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"، وفي حديث آخر يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: "لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به". كل هذه الآيات والأحاديث أوردها خطيب صلاة الجمعة وكيل وزارة الأوقاف السيد فريد عمادي الذي بين أضرار الفساد على المجتمع من ناحية اقتصادية وسياسية واجتماعية، وهنا أوجزها كما وردت بالخطبة المفيدة. يقول الخطيب "فالأضرار الاقتصادية هي تضييع للأموال وتبديد للثروات العامة وانتشار الفقر والبطالة وتعطيل للتنمية"، أما أضرارها السياسية فتتمثل بالانتقاص من سيطرة الدولة وإضعاف هيبتها، أما أضرارها الاجتماعية فمنها إفساد التعليم (شهادات مزورة) وتردي الخدمات الصحية (الذي لا يعمل بضمير أو يسرق الأدوية وغيرها)، وأيضاً ضياع حقوق الناس بسبب إجراءات قد تكون غير صحيحة. ومما ورد فيها أن "من آثار الفساد الاجتماعية انهيار الخلق كالصدق والأمانة وما يرافقها من انتشار الكذب والحيل والخيانة"، كل ذلك ورد في الخطبة المعبرة والمفيدة والتي كانت بعنوان (مكافحة الفساد)، فجزى الله خيراً وزارة الأوقاف وكذلك وكيل الوزارة السيد فريد عمادي الذي ألقى الخطبة. وقد لاحظت أن بعض المساجد لم تتطرق لهذه الخطبة حسب ما أفادني به بعض الأصدقاء الذين كانوا يصلون في مساجد أخرى، وحبذا لو أن وزارة الأوقاف تعمم هذه الخطب الجيدة على المدارس ليتعلم الطلبة كيفية مكافحة الفساد وأضراره على حياتهم ومستقبلهم ومجتمعهم، وتحية لوزارة الإعلام على نقل خطب الجمعة بواسطة الإذاعة والتلفزيون.