علمت "الجريدة"، من مصادرها، أن كبرى شركات المواد الغذائية في الكويت تدرس حالياً خيار سحب منتجاتها من الجمعيات التعاونية، بسبب التجاهل المستمر من وزارة التجارة والصناعة واتحاد الجمعيات لطلباتها بزيادة الأسعار، بما يتماشى مع حركة الأسعار العالمية وارتفاع أسعار المواد الخام وكلفة الإنتاج من جهة، على ضوء إعلان جهاز المنافسة عدم اختصاصه المبدئي بشأن ما يقوم به الاتحاد من ممارسات ضارة ومخالفة للمنافسة من جهة أخرى.إلا أن الجهاز أبدى لاحقا تفهّمه للمسألة، وطلب بدوره رأيا من إدارة الفتوى والتشريع لكي يحصّن قراره المزمع صدوره بوقف وحظر تلك الممارسات الضارة، والعمل على تعزيز روح المنافسة الحرة، والحرص على سيادة مبدأ تكافؤ الفرص بين المنافسين.
خيار الشركات بسحب ووقف بيع المنتجات يعد آخر خياراتها المجبرة، بعدما تدرجت منذ أكثر من 4 سنوات في استخدام جميع الوسائل الخاصة بطلباتها بالسماح لها بتعديل أسعارها، التي تراها مستحقة، حتى تتمكن من سد الخسائر التي تتعرّض لها، والتي تقدر وفق المصادر، بما لا يقل عن مليون دينار سنويا لكل شركة من هذه الشركات الكبرى، حيث إن السعر الذي يباع به العديد من منتجاتها حاليا بعد رفع الأسعار من بلد المنشأ لا يعادل تكلفته، وذلك حتى من دون إضافة أي تكاليف أخرى.
زيادة الأسعار
وترى الشركات أن السماح بزيادة الأسعار يوفر جو المنافسة بترك الخيار للمستهلك في الخيار من جهة، كما يحافظ على عنصر الجودة من جهة أخرى، وهذا الأمر معمول به بكل دول الخليج والدول التي تتبع نظام الاقتصاد الحر، والكويت منها، لاسيما أنها عضوة بمنظمة التجارة العالمية.وتؤكد المصادر أنها خاطبت الجهات المختصة، وعلى رأسها اتحاد الجمعيات ووزارتا التجارة والشؤون الاجتماعية، وجهاز حماية المنافسة أكثر من مرة بشأن إيجاد حلول لتلك المسألة، نظرا لما تتكبده من خسائر، التي تتعرض لها جراء ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج مع ثبات وتقييد الاتحاد سعر البيع منذ أكثر من 3 سنوات دون تغيير، علما بأن المتبع سابقا لدى تلك الجهات قيامها بدراسة أي طلبات والتأكد من استيفائها شروط الزيادة، وأهمها ارتفاع تكلفة التصنيع ومواد الخام، وهذا الأمر أصبح مرفوضا منها لدواعي تكسّب شعبوي.شكاوى قضائية
وبينما تجاهل اتحاد الجمعيات ووزارة التجارة الرد على طلباتها المتكررة، أعلنت وزارة الشؤون عدم اختصاصها بذلك، في وقت كان الرد الأكثر استغرابا بالنسبة لهذه الشركات من قبل جهاز حماية المنافسة.وأشارت المصادر الى أن هذا التجاهل دفع الشركات إلى تقديم شكوى إلى القضاء الكويتي، الذي يعد الملاذ الآمن للجميع، وهي منطورة الآن أمامه، آملين أن يتم إنصافهم بطلبهم.وعن سبب التفكير في خيار سحب المنتجات من الجمعيات، قالت المصادر إنه سيكون آخر خيار، وسبب ذلك تجاهل الطلبات المتكررة، فضلا عن التضييق علينا من بعض الجمعيات بإيعاز من الاتحاد، وإصدار تعاميم تحظر ذلك، عبر قيام هذه الجهات بمنع دخول منتجات جديدة مشهورة للجمعيات من دون وجود أي سبب او مبرر للرفض.وأوضحت تلك المصادر أن الهدف من هذه الخطوة هو وقف والتصدي لهذا التعسف، إضافة الى إرغام اتحاد الجمعيات ووزارة التجارة على ضرورة النظر في طلبات بعض الشركات المستحقة، أسوة بما قامت به سابقا إحدى شركات التبغ، حيث استجاب لها اتحاد الجمعيات برفع أسعار أحد أنواع السجائر، بعدما قامت بسحبها من السوق.حماية المنافسة
وتستغرب الشركات ما جاء في كتاب جهاز حماية المنافسة من رد بعدم الاختصاص، على الرغم من أن قانون حماية المنافسة رقم 10 لسنة 2007 في مادته الرابعة يحظر الاتفاقيات أو العقود أو الممارسات أو القرارات الضارة بالمنافسة الحرة، كما لا يجوز لأي جهة أن تفرض تثبيت الأسعار وحظر رفعها أو تخفيضها، كما أن القانون رقم 10 لسنة 1979 أعطى وزارة التجارة والصناعة فقط دون غيرها الحق في الإشراف على الاتجار فى السلع وتحديد أسعارها، شريطة أن تكون هناك مصلحة عامة تقتضي ذلك. وفقا لقانون حماية المنافسة، كما أوضحت المصادر، فإن ممارسات اتحاد الجمعيات التعاونية بإلزام وإجبار الشركات الموزعة على بيع المنتجات بأسعار يتحكم بها الاتحاد تقيد المنافسة، وتقضي على آليات السوق الحر التي تصب في مصلحة المستهلك وتمنع الاحتكار.القيود على الأسواق تقلّل فرص الاستثمار الأجنبي
قالت المصادر إنه مع الاتجاه الكويتي إلى فتح الأسواق والطموحات بتحول الكويت مركزا ماليا إقليميا للتجارة الحرة، فإن عملية وضع قيود على الأسواق، لا سيما فيما يخص الأسعار تقلل من تنافسية السوق الكويتي وجاذبيته للاستثمار الأجنبي المباشر.وأضافت أن ذلك من صميم مهام جهاز حماية المنافسة، مراعاة مع ما جاء بالمادة الثانية من قانون حماية المنافسة التي تنص على «أن حرية المنافسة مكفولة للجميع على النحو الذي لا يؤدي الى تقييد المنافسة الحرة، أو منعها أو الإضرار بها، وذلك وفق أحام الدستور وقوانين الدولة، ومن دون الإخلال بما تقضي به المعاهدات والاتفاقيات الدولية النافذة بالكويت».