دخل معطى جديد على المشهد الحكومي في لبنان تمثل في حسم دار الفتوى هوية رئيس الحكومة، الذي تريد أن يُكلّف، أي رئيس حكومة تصريف الأعمال الحريري، في موقف لا مفر من التعامل معه، وأخذه في الاعتبار لدى القوى السياسية الأساسية في البلاد.لكن المشلكة ليست فقط بين القوى السياسية، فالحراك الشعبي في الشارع يرفض رفضاً قاطعاً تسمية الحريري ويطالب بحكومة تكنوقراط بالكامل.
وقالت مصادر سياسية إن "أهل الحكم متمسكون بذهنية المحاصصة وتقاسم الجبنة، وإن معادلة التأليف قبل التكليف، التي أعاقت التشكيل رغم مرور أكثر من شهر على استقالة الحريري، مستمرة، وسيبقى يسود عملية استيلاد الحكومة في الفترة المقبلة. وبما أن الأسلوب لم يتغيّر، فعلى الأرجح النتيجة لن تتغير: أي أنه لا حكومة في المدى المنظور". وأضافت المصادر: "يبدو واضحا أن الحريري بقي وحيدا على الساحة، رغم انه لا يزال يردد انه يفضل احدا غيره، لأن لديه تصوراً لتشكيل حكومة من اخصائيين لتجاوز الازمة الاقتصادية، فيما الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر يريدون حكومة تكنوسياسية، وهو الأمر الذي لا يتلاقى مع تطلعاته لتأليف فريق عمل وزاري لفترة زمنية محددة يتفق عليها لمواجهة التحديات الموزعة بين معيشية ومالية ونقدية واقتصادية". وتابعت: "حركة التفاوض قد تعود بين الحريري والثنائي الشيعي من أجل التفاهم معه على تولي رئاسة الحكومة". وختمت: "الحريري لن يقبل بالتكليف اذا فُرضت عليه قيود واسماء وتوزيعات معلّبة، وبات معروفاً انه يريد أن يرأس حكومة تكنوقراط صافية. ويفترض ان يكون الثنائي الشيعي بات مدركا ان الضغط على الحريري لن ينفع، ولن يكون الا مضيعة مكلفة للوقت". ورأى عضو المجلس المركزي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق في لقاء سياسي، أمس، أن "البلد لا يحتمل إلغاء ولا كسر أحد، بل يحتمل الذهاب إلى تكليف رئيس حكومة يحظى بموافقة الكتل النيابية الأساسية، لأنه لا يمكن الذهاب برئيس ترفضه أكبر كتلة سنية أو مسيحية، وهذا غير واقع، وهو وصفة تؤدي إلى وقوع المشاكل". وأكد قاووق أن "رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يخالف الدستور أبدا في تأخير الاستشارات النيابية الملزمة، بل كان يمارس أعلى مستوى من الحرص على الوحدة الوطنية لإنقاذ البلد من خلال حصول التوافق بين الجميع، وهو يتهم ظلما بالفساد، وصحيح أنه يترأس جلسة مجلس الوزراء ولكن ليس لديه صلاحيات الحكومة". في السياق، تعقد مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان اجتماعا في باريس يوم غد على مستوى الأمناء العامين لوزارات الخارجية برئاسة مشتركة فرنسية أممية، وفي حضور أمين عام الجامعة العربية أحمد أبوالغيط، لمناقشة الوضع في لبنان وسبل دعمه.هذا الاجتماع الذي سيعقد في وزارة الخارجية الفرنسية، تشارك في الجلسة الاولى منه الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا وإيطاليا، اضافة الى البنك الدولي ومؤسسات مالية عربية وغربية. أما الجلسة الثانية، فتشارك فيها مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اللتان أكدتا حضورهما، ولبنان الذي يقدم وفده عرضا مفصلا عن واقع الحال وتشخيصا دقيقا للأزمة، بما يمهد لتقديم المزيد من المساعدات في مؤتمر المجموعة المتوقع أن يعقد بعد تشكيل الحكومة. وأشارت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان، أمس، الى أن "المؤتمر ستتخلله دعوة المجتمع الدولي إلى تشكيل حكومة لبنانية فاعلة وذات مصداقية".وفي إطار حملتها لمكافحة كارتيلات النفط وإدخال الدولة اللبنانية على سوق البنزين، كما قالت، أجرت وزيرة الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ندى البستاني مناقصة استيراد البنزين على الهواء مباشرةً أمس.وقالت بستاني بعد فضّ العروض: "سنبيع البنزين المستورد بالليرة اللبنانية، وسندرس كيف سيتفاعل السوق مع هذه التجربة"، مشيرة إلى أن هذه "الخطوة هي لتأكيد توافر البنزين في السوق"، لافتةً إلى انه "من المفترض خلال 15 يوماً أن تتوافر أول باخرة في لبنان، والدولة اللبنانية لديها 10% بالسوق المحلي".
دوليات
لبنان: لا حكومة في المدى المنظور
10-12-2019