كلفة السلام وكلفة القطيعة
![د. ندى سليمان المطوع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/388_1685038963.jpg)
وفي السياق ذاته أشير اليوم إلى شخصية من أبرز محللي السياسة الدولية، تلك الشخصية وصفت بالثعلب، هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة منذ 1973 حتى 1977 ومستشار نيكسون الذي بقي واستمر في عمله حتى بعد سقوط رئيسه في فضيحة ووترغيت، ويعتبر كيسنجر مهندساً لسياسة الانفراج في فترة الحرب الباردة والخروج من الأزمة والانفتاح على الصين، ورغم تهجم الصحف العربية على زياراته للشرق الأوسط فإنه اعتبر رجل الدبلوماسية المكوكية بسبب رحلاته المتكرره آنذاك لإيجاد حلول لأزمة الشرق الأوسط. كتاباته تناولت السياسة خلال الأزمة، أي أزمة الحرب الباردة، وحاول تطبيق مفاهيم جديدة في السياسة الخارجية، ومنها الواقعية الجديدة في إدارة السياسة الخارجية مسلطا الأضواء على ميزان القوى واختلاله بل التلاعب به ليبقى تحت سيطرة الدول العظمى. ويذهب كيسنجر من خلال كتاباته إلى تشبيه المشهد الدولي بالحلبة وسط جري الجميع، ولن يتحقق التوازن إلا بسلطة مركزية، وتناول أيضا أهمية استقلالية السياسة الخارجية عن الشأن الداخلي والحاجة إلى إعادة إنتاج القانون الأساسي لكونغرس فيينا أو النظر فيه.اللافت للنظر هو إشارة كيسنجر إلى "كلفة" تحسين العلاقات مع الاتحاد السوفياتي و"كلفة" القطيعة، طارحا تساؤلات عدة حول المبالغ والجهود التي استنزفت خلال القطيعة في فترة الحرب الباردة في صراع الأقطاب، ومواجهة من تختلف معه الولايات المتحدة أيديولوجيا كالاتحاد السوفياتي ومن بعده الصين التي كانت محط الأنظار، حيث طالب باستراتيجية الانفتاح على الشرق بشكل عام والصين بشكل خاص، وهي نقطة مهمة في يومنا هذا لمعرفة ما دعا إليه ثعلب السياسة بشأن كلفة القطيعة وكلفة السلام.وما سبق أخي القارئ كان لمحة عن أحد ثعالب السياسة الخارجية وسط مفاهيم جديدة للعلاقات الدولية وإعادة تقييم المواقف، بالإضافة إلى احتساب كلفة الصراع والقطيعة، واستبدالها بسيناريو السلام. وللحديث بقية.كلمة أخيرة: حارة الأمان في الطرق السريعة اليوم أصبحت حلبة سباق، فما إن تسير دورية أو سيارة إسعاف حتى تنطلق السيارات خلفها، فإلى متى؟