يقدر حجم الأصول المدارة من التأمينات الاجتماعية بنحو 70 مليار دولار (21 مليار د. ك). من هم المساهمون الذين يملكون صندوق استثمارات التأمينات، ومن يمثلهم في مجلس الإدارة؟ تختار الحكومة لوحدها 11 شخصاً/ هيئة يمثلون المساهمين جميعاً... لماذا؟ من هم المساهمون:1- المشتركون/ المتقاعدون (نسبة الدفع 11.5٪- ممثل 1 (الاتحاد العام للعمال).
2- رب العمل القطاع الخاص (نسبة الدفع 11.5٪- ممثل 1 (غرفة التجارة والصناعة).3- الحكومة (نسبة الدفع –10.5٪ - يمثلها 9 أشخاص وتشمل ديوان الخدمة المدنية/ وزارة الشؤون الاجتماعية/ وزارة الدفاع/ وزارة الداخلية/ وزير المالية/ المدير العام للتأمينات/ وأيضا 3 تعينهم الحكومة من ذوي الاختصاص والخبرة). وتفرض الجهات الرقابية مبادئ الحوكمة (القواعد السلوكية الحاكمة) على البنوك والشركات الاستثمارية، بينما لا تمارسها (حددت 11 قاعدة) نذكر منها: بناء هيكل متوازن لمجلس الإدارة، واختيار أشخاص من ذوي الكفاءة لعضوية مجالس الإدارة والإدارة التنفيذية، والإفصاح والشفافية بشكل دقيق وفي الوقت المناسب، وتعزيز وتحسين الأداء. بسبب غياب بعض نظم الحوكمة هناك آثار سلبية نتجت عنها خسائر بليغة (ما نشر بحدود 325 مليون د. ك). هذه أمثلة: 1- عدم عدالة التمثيل الصحيح للمساهمين. بما أن الحكومة (طرف واحد) هي التي تقوم فعليا بتشكيل ومراقبة ومحاسبة أداء الإدارة التنفيذية للتأمينات عن طريق مجلس الإدارة المشكل منها، (إذا استثنينا رقابة ديوان المحاسبة)، فهذا يؤدي حتما إلى منهجية خاطئة في تعزيز ضعف الرقابة الاستثمارية العامة وعدم تعرض المعينين للمحاسبة واستمرار النهج العام في عدم الفصل في الواجبات.2- تقوم الحكومة بعمل استثناءات مبهمة على قيمة المعاش التقاعدي النهائي لبعض الفئات بمعاشات كاملة، دون إعطاء الأسباب.3- ضعف الإفصاحات العامة والدقيقة فيما عدا:• إفصاحات بسبب قضايا جنائية تقدر في 3 حالات فقط بـ325 مليون دينار، (منها قضية المدير العام للتأمينات سابقا- 245 مليون دينار/ شركة أبراج الإماراتية- 35 مليون دينار/ شركة مان الإنكليزية لإدارة الأصول- 45 مليون دينار).• تقارير ديوان المحاسبة عن الخلل في الأداء العام للتأمينات (انخفاض أرباح التأمينات 2017/2018 بمقدار 427 مليونا، متراجعة 64٪ عن 2010).• إفصاحات ملزمة بسبب سوق الأوراق المالية. 4- عدم استقطاع اشتراكات من معاشات المتقاعدين لمواجهة التأمين الطبي لتعزيز ثقافة الادخار.5- تقوم الكويت بخفض سن التقاعد على عكس معظم الدول، التي ترفع سن التقاعد لإيجاد توازن ما بين الإنتاجية وقدرة صناديق المعاشات التقاعدية على مواجهة الالتزامات المالية في المستقبل. 6- عدم محاسبة مجالس الإدارة السابقة عن الخسائر/ عمليات الاحتيال. أمثلة عن الحوكمة 1. الإفصاحات بقياس أداء الصناديق السيادية لمعاشات المتقاعدين عالمياً.هناك تصنيف متوفر للأداء لدول العالم (مؤشر ملبورن مرسر في أستراليا) يقيس ويقارن كفاءة نظم مدخول التقاعد في العالم كنسبة مئوية من المعايير الرئيسة التالية (في 2019، من أصل 37 دولة لم تكن الكويت من ضمنهم، احتلت السعودية المركز 22). المقياس العام (هولندا 1)/ الكفاية والكفاءة (ألمانيا1)/ الاستدامة أو الاستمرارية (الدنمارك 1)/ النزاهة (فنلندا 1).2. معايير تنظيمية أخرى من قواعد نظم الحوكمة في العالم.1. في أميركا المفوض العام للتأمينات الاجتماعية يتبع رئيس أميركا مباشرة. وهناك مجلس استشاري يقوم بمراقبة أداء إدارة التأمينات الاجتماعية ويقدم تقريره للكونغرس الأميركي. يتكون المجلس الاستشاري من 7 أشخاص يعينون من قبل رئيس أميركا (3 أشخاص)/ مجلس الشيوخ/ مجلس النواب. في كل 4 سنوات، يقوم المجلس الاستشاري بتعيين لجنة تقنية-علمية لتقديم التقرير السنوي لاجتماع عمومي. وتتكون اللجنة من 9 أشخاص من اختصاصي العلوم الاكتوارية (4)، والأكاديميين الاقتصاديين (3)، واثنين من الباحثين الأكاديميين المتخصصين في السياسات الحكومية العامة/ ديموغرافيا علم السكان.2. في بعض دول أوربا (هولندا)، PGGM ثاني اكبر صندوق لإدارة المعاشات تكون لجنة مجلس الإدارة للتدقيق مكونة من 7 ممثلين عن (2 من الموظفين، 2 من رب العمل، 3 مستقلين).3. بالمقارنة، تضع الدول الحد الأدنى من الضمان للمعاش التقاعدي وتضع قاعدة لوجود مصادر إضافية للمعاش التقاعدي عن طريق استخدام جزء من الاستقطاعات في المساهمة في صناديق استثمارية معتمدة وتحت إشراف هيئات حكومية خاصة (شركات تأمين/ مدراء الأصول). ويكون للمشترك حرية الاختيار في تحديد من يقوم بهذا الدور. هناك قطاع استثماري/ تأميني متخصص في هذه النوعية من الاستثمارات. في الكويت تهيمن الدولة على صناعة إدارة معاشات المتقاعدين. اقتراحات 1. يراعى وضع آلية عادلة لاختيار الجهات/ الأفراد من المشتركين وأرباب العمل ومن لديهم علاقة مباشرة والخبرة والتراخيص في مجال التأمين/ العلوم الاكتوارية/ إدارة الأصول/ السياسات العامة/ الاقتصاد. يراعى أن يتم اختيار ممثلين أكثر لمجلس الإدارة للتأمينات من المشتركين والمتقاعدين (بالإضافة الى الاتحاد العام للعمال)، من خلال جمعية المتقاعدين/ جمعيات النفع العام (كمثال الجمعية الاقتصادية وجمعية المحاسبين والمراجعين)، وينطبق ذلك على أرباب العمل، (بالإضافة إلى غرفة التجارة والصناعة) مثل اتحاد شركات التأمين/ اتحاد المصارف/ اتحاد شركات الاستثمار). يجب إعادة النظر في تركيبة ممثلي الحكومة في مجلس الإدارة، لعدم التخصص؛ مثل وزارة الدفاع ووزارة الداخلية. كما ينصح بأن تقوم بعض جمعيات النفع العام بمراقبة أداء التأمينات الاجتماعية (مثل الجمعية الاقتصادية) سنوياً، وذلك بالاشتراك مع المكاتب الاستشارية العالمية، من خلال مؤشرات للقياس.2. تغيير استراتيجية الجهات الحكومية/ التشريعية، لتغيير القوانين واللوائح التنفيذية لتشجيع مفهوم الادخار والمحافظة على الإنتاجية والمدخرات المستقبلية، برفع نسب مساهمة المشتركين من المعدلات الحالية، وذلك لتغطية الميزات الممنوحة لهم، وأن تقوم الدولة بتشجيع القطاع الخاص لتطوير صناعة التأمين على صناديق المعاشات وخلق صناعة متطورة تحت رقابة هيئات متخصصة في وجود نوع من الضمان الحكومي وتنسيق مع جهات رب العمل والمستفيدين. 3. الدعوة إلى نشر ثقافة التقاعد والترتيب الفعال للتنظيم مع الجهات ذات الصلة، والعمل على إنشاء معاهد متخصصة مستقلة للقيام بالأبحاث المختصة بالتقاعد، ويوكل إليها عمل الاستبيانات المستمرة بخصوص متطلبات/ مقترحات المستفيدين وتقديم التقييمات والتوصيات. كما يتم الدعوة إلى عمل مؤتمر وطني للمناقشة العامة وعمل ورشات العمل المتخصصة من قبل الباحثين والجهات ذات الصلة في مجال التامينات، وذلك لبحث الاتجاهات والسياسات الحالية ومدى فعاليتها وطرق تطويرها.يحتاج نظام الحوكمة الى تعديل فوري، لإدارة المخاطر وتحسين العائد، وإن عدم التنسيق مع المساهمين، وعدم وجود نظام عمل مؤسسي واقتصادي، وعدم تمكين الخبرات الفعالة في اتخاذ القرارات سوف تؤدي حتما الى المزيد من تدهور العلاقات والتصادم ما بين المساهمين الثلاثة ورفع المزيد من القضايا القانونية ضد "التأمينات"، والأكثر خطورة هو موضوع انتشار ثقافة الاستيلاء على أصول التأمينات من خلال قرارات وقوانين غير مؤسسية.* باحث في شؤون المتقاعدين
مقالات
الحوكمة في «التأمينات الاجتماعية»
11-12-2019