مليونية ببغداد تحاصر السياسيين... والجيش يتعهد بالحماية
• صالح: خليفة عبدالمهدي يجب أن ينال رضى المحتجين
• «سائرون»: اتفاق على حل البرلمان
شهد العراق، أمس، تظاهرة مليونية حاصرت مداخل المنطقة الخضراء التي تضم مقار حكومية ودبلوماسية، وسط إجراءات أمنية ورفض من النشطاء لدعوات أطلقت بهدف اقتحامها، وأعلنت كتلة "سائرون" اتفاق 130 نائباً على حل البرلمان، في وقت دعا الرئيس برهم صالح المتظاهرين والكتل السياسية لتسمية رئيس الوزراء الجديد.
رغم تحذير قادة في "الحشد الشعبي" من وقوع فوضى عارمة وأكبر عدد من القتلى، شهدت ساحة التحرير وسط بغداد تظاهرة مليونية ضد الطبقة السياسية شارك فيها أبناء المحافظات الجنوبية بكثافة، وحاصرت المنطقة الخضراء التي تضم مقر الحكومة ومقار دبلوماسية، وسط إجراءات أمنية شديدة ورفض من النشطاء لدعوات أطلقت بهدف اقتحامها.وأغلق المتظاهرون جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء لمنع أي محاولات عبور باتجاهها، لتأكيد سلمية الحركة الاحتجاجية التي انطلقت مطلع أكتوبر الماضي وسقط خلالها 475 قتيلا وآلاف الجرحى.وأكد المتظاهرون أنهم سيقومون بمنع أي محاولة لدخول "الخضراء"، والتي من شأنها إعطاء ذريعة للسلطة في قمع الاحتجاج السلمي المطالب بالحقوق والتغيير الشامل للنظام السياسي لا غير.
وشددوا على أنهم مصرون على سلمية مظاهراتهم واستمرار اعتصاماتهم في الساحات بالتزامن مع ذكرى الانتصار على تنظيم "داعش" وأنهم لن يقبلوا بمجازر جديدة، على غرار ما حدث الجمعة الماضية قرب جسر السنك. كما شهدت عدة محافظات بوسط وجنوب البلاد تظاهرات حاشدة، أمس، للمطالبة برحيل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة. وجاء ذلك بعد 10 أيام من استقالة حكومة عادل عبدالمهدي التي مثلت المطلب الرئيسي للاحتجاجات.
تعهد وتوقيف
وبالتزامن مع انطلاق التظاهرات الحاشدة، تعهد رئيس أركان الجيش الفريق أول الركن عثمان الغانمي، في بيان، بأن "الجيش والقوات الأمنية موجودة لحماية المتظاهرين في كل الساحات لحين تحقيق مطالبهم المشروعة التي كفلها الدستور".في السياق، أمر محافظ كربلاء نصيف الخطابي، أمس، بتوقيف أفراد أمن على خلفية اغتيال الناشط في الاحتجاجات المناهضة للحكومة فاهم الطائي، قبل يومين، أمام منزله، بمسدس كاتم للصوت، في منطقة البارودي التي وصفت بـ"الآمنة". وأفاد البيان، بأن الخطابي "أمر الأجهزة الأمنية بحجز كل الضباط والمنتسبين الذين تقع ضمن مسؤوليتهم المناطق التي حصلت فيها جريمة اغتيال الطائي، مع استكمال التحقيقات بالسرعة القصوى لكشف الجناة".حل البرلمان
في هذه الأثناء، أكد أمجد العقابي النائب عن تحالف "سائرون"، الذي يرعاه رجل الدين البارز مقتدى الصدر، أن أغلب الكتل السياسية متفقة على حل مجلس النواب والمضي بإجراء انتخابات مبكرة في حال تقصير الحكومة المقبلة.وقال العقابي إن "تحالف سائرون لم ولن يحضر اجتماعات رئيس الجمهورية برهم صالح، الذي يجري مشاورات بهدف اختيار خليفة لرئيس الوزراء المستقيل"، مشددا على أن "اختيار أي مرشح لرئاسة الوزراء من الكتل السياسية يعتبر هدماً للعملية السياسية بالكامل". لكن النائب الذي تصر كتلته على تكليف رئيس وزراء "تكنوقراط" مستقل لفت إلى أن "مفوضية الانتخابات لا تستطيع أن تحدد موعد للانتخابات في ظل الظرف الأمني الحالي. في موازاة ذلك، ذكر رئيس كتلة "بيارق الخير" محمد الخالدي أن 130 برلمانيا وقعوا "عريضة تضم مواصفات رئيس الوزراء المقبل وقدموها إلى رئيس الجمهورية".دعوة ومهلة
في غضون ذلك، دعا الرئيس العراقي، في بيان بمناسبة ذكرى الانتصار على "داعش"، الكتل السياسية إلى التعاون من أجل "تسمية من نرتضيه ونتفق عليه لتكليفه برئاسة مجلس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة ضمن المدد والسياقات الدستورية".وأضاف صالح أن الحكومة الجديدة ستتكفل بـ"حل المشكلات وإعادة إعمار البلد والمؤسسات، وتنهض بما يطمح إليه الجميع"، مؤكداً "إننا جميعاً نعيش الآن يوميات تاريخ جديد، تاريخ يكتبه شبابنا وبناتنا في ساحات الاعتصامات والتظاهرات السلمية مطالبين بالعيش الكريم". وحث القوات الأمنية على جعل "الساحات والجسور نقاط تلاقٍ لا تقاطع"، قائلا: "لا تسمحوا للأعداء بأن يشوهوا تاريخنا وانتصاراتنا من خلال المندسين والمخربين".وفي وقت سابق، تلقى صالح اتصالا هاتفيا من نائب الرئيس الأميركي مايك بنس للتهنئة بالانتصار. وشدد صالح في الاتصال على ضرورة حل الأوضاع الحالية بعيداً عن "التدخلات الخارجية".وفي حين يسابق صالح الزمن مع قرب انتهاء المهلة الدستورية الممنوحة له لتكليف مرشح بتشكيل الحكومة، أفاد مصدر سياسي مطلع بأن صالح "تلقى جملة من المقترحات، إذ طالب وفد من المتظاهرين، التقى بهم الرئيس بعيداً عن الإعلام، بتشكيل حكومة مؤقتة لمدة عام، تحضر لانتخابات عامة، فيما ترفض بعض الكتل السياسية، ومنها الأكراد هذا المقترح، إذ شدّدوا على استحقاقهم الانتخابي في الوزارات، مطالبين بحقيبتي الخارجية والمالية في حكومة دائمة".يذكر أن كتلة "سائرون" أعلنت تنازلها عن تكليف رئيس الحكومة بوصفها الكتلة الأكبر، في حين يدور حديث عن رفض كتلة "الفتح"، حليفة طهران، التسليم بأن سائرون الكتلة الأكبر، مطالبة بحق تسمية رئيس الوزراء الجديد الذي يرى البعض أنه انتقل إلى رئيس الجمهورية.تحدي النفوذ
ويرى مراقبون أن التحدي الأكبر والأهم للمرشح القادم هو كيفية التعامل مع الصراع الأميركي - الإيراني الدائر في العراق والمنطقة، إذ إن الجانب الإيراني سيكون له تأثير كبير على اختيار المرشح، يقابله فيتو أميركي في حالة اختيار شخص لا يرونه صالحاً للمنصب أو موالياً بشكل كبير لإيران، وهذا يعني أن النفوذ الإيراني والأميركي سيكون حاضراً بقوة هذا الأسبوع بشكل مباشر أو غير مباشر.ويتوقع البعض أن تفرض واشنطن رؤيتها، في ظل محاصرة الاحتجاجات قادة الأحزاب والمليشيات المتحالفة مع طهران، ويرون أنها لن تكرر خطأ تمرير عبدالمهدي الذي انحاز بشكل واضح إلى إيران في جملة من القضايا، مثل دعم الحشد الشعبي وفتح المعبر الحدودي مع سورية وتوقيعه عقوداً ضخمة مع شركات صينية منافسة.على صعيد قريب، أعلن مسؤول عراقي، أمس، افتتاح "قاصة رصينة" التي أغلقت لسنوات، وذلك لإيداع مبالغ التبادل التجاري ودخول وخروج الشاحنات، عبر المنفذ الوحيد بين العراق وسورية، أمس.
توقيف أفراد أمن على خلفية اغتيال الطائي وإعادة السماح بعبور شاحنات إلى سورية