بعد 9 أشهر من الاحتجاجات ضد السلطة، دُعي الجزائريون للتصويت غداً، في انتخابات رئاسية يرفضونها، في وقت يُنظر إلى الاقتراع على أنه وسيلة لتجديد النظام.وبالتزامن، قضت محكمة، أمس، بحبس رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال بتهم تبديد أموال عمومية، ومنح امتيازات غير مستحقة، وسوء استغلال الوظيفة في قضية تركيب السيارات.
ولم يتم نشر أي استطلاعات للرأي، لكنّ المراقبين يتوقعون امتناعًا واسعًا عن التصويت في بلد عُرف بتدني نسبة المشاركة في ظل نظام سياسي لم يتغيّر منذ عقود.وبينما لا تظهر الحركة الاحتجاجية الشعبية أي علامات على التراجع، يُنتظر أن يكون الاقتراع "إخفاقا تامًا" فيما يتعلق بنسبة المشاركة، وفقًا للمؤرخة كريمة ديرش، المتخصصة في المنطقة المغاربية المعاصرة.وبدت مراكز الاقتراع خارج البلاد، المفتوحة منذ يوم السبت، شبه خالية، فيما كان القليل من الناخبين هدفا لهتافات مهينة من معارضي الانتخابات.ومنذ 22 فبراير، تشهد الجزائر حراكاً شعبياً غير مسبوق، أرغم في أبريل الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة بعد 20 عامًا في الحكم، وحالياً يطالب المحتجون بتفكيك "النظام" السياسي الحاكم منذ الاستقلال عام 1962.ومنذ استقالة بوتفليقة باتت قيادة الجيش تدير البلاد عمليا، في وقت اعتاد الجيش، العمود الفقري للنظام، تاريخيا على العمل من وراء الكواليس.وتصرّ قيادة الجيش على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للخروج من الأزمة السياسية والمؤسساتية التي تعصف بالبلاد. مقابل رفض تام لأي حديث عن مسار "انتقالي" مثلما اقترحت المعارضة والمجتمع المدني لإصلاح النظام وتغيير الدستور الذي أضفى الشرعية على إطالة أمد حكم عبدالعزيز بوتفليقة.وفي غياب المرشحين، تم إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في الرابع من يوليو، ليبقى على رأس الجزائر منذ ذلك الحين رئيس موقت قليل الظهور هو عبدالقادر بن صالح انتهت ولايته القانونية منذ 5 أشهر، وحكومة تصريف أعمال عيّنها بوتفليقة قبل يومين من استقالته، برئاسة نور الدين بدوي، أحد الموالين له.ونفّذ المرشحون الخمسة (عبدالعزيز بلعيد، وعلي بن فليس، وعبدالقادر بن قرينة، وعز الدين ميهوبي، وعبدالمجيد تبون) حملة انتخابية - انتهت منتصف ليل الأحد - متوترة وشديدة التعقيد، في ظل مناخ من القمع المتصاعد.ويُعتبر المرشحون جميعهم أبناء "النظام"، لدورهم خلال رئاسة بوتفليقة، فبينهما رئيسا وزراء ووزيران في حكوماته.وبعد 20 عاما اعتادوا فيها على انتخابات يشوبها التزوير، لم تُقنع تأكيدات السلطة - التي لا تزال في أيدي مقربين من الرئيس السابق - بشأن "شفافية" و"مصداقية" التصويت، على الرغم من تعديل بسيط لقانون الانتخابات الذي ينقل صلاحيات تنظيم الانتخابات من وزارة الداخلية إلى "سلطة مستقلة". من ناحية أخرى، أصدرت محكمة سيدي محمد، أمس، حكما بالحبس لـ 15 و12 عاما على التوالي لرئيسي الوزراء السابقين أويحيى وسلال، وتغريم كليهما بمليون دينار جزائري (حوالي 8500 دولار) لذات التهم، مع منع أويحيى من حقوقه المدنية والسياسية، ومصادرة كل العائدات والأملاك المكتسبة بطرق غير مشروعة.كما أصدرت المحكمة أيضا حكما غيابيا في حق وزير الصناعة الأسبق عبدالسلام بوشوارب، الذي صدرت في حقه مذكرة توقيف دولية بـ 20 سنة حبسا نافذا، في حين حكمت بـ 10 سنوات حبسا نافذا ضد وزير الصناعة الأسبق يوسف يوسفي، ومحجوب بدة، وبخمس سنوات حبسا ضد والية بومرداس السابقة نورية يمينة زرهوني، في حين برأت وزير النقل والأشغال العمومية الأسبق عبدالغني زعلان.وفي القضية نفسها أصدرت المحكمة أحكاما مدة 7 سنوات حبسا نافذا في حق رجلي الأعمال علي حداد وأحمد معزوز، و6 سنوات حبسا وغرامة بقيمة 6 ملايين دينار جزائري (51 الف دولار) ضد رجل الأعمال حسان العرباوي، و3 سنوات حبسا نافذا لرجل الأعمال محمد بايري، و5 سنوات حبسا للمتهم أمين تيرة، و3 سنوات حبسا لعبود عاشور، وعامين حبسا لكل من محمود شايد وحاج سعيد.كما أدين نجل الوزير الأول الأسبق فارس سلال بالحبس النافذ مدة 3 سنوات، في حين تمت تبرئة مديرة الصناعة لولاية بومرداس.
دوليات
الجزائريون يختارون خليفة بوتفليقة في أجواء انقسام
11-12-2019