تغييب البرلمان أكبر مدة ممكنة!
مضى على آخر جلسة تشريع لمجلس الأمة ما يزيد على ٧ أشهر. أكثر من نصف عام والبرلمان لا يمارس أي عمل تشريعي فعلي لخدمة البلد والمواطنين والمقيمين، وتُعطل جميع أعماله تقريباً، فيما الرواتب والامتيازات والسيارات وأطقم المستشارين ذوي الرواتب المخملية والطائرات ومكافآت السفر والاجتماعات... إلخ، كلها مستمرة بالصرف من أموال الشعب الكويتي.لا يوجد عمل برلماني في العالم يمارس فيه مثل ذلك، ففي إيطاليا وإسبانيا وبلجيكا ودول أخرى ربما يستغرق تشكيل الحكومة أكثر من عام، لكن يظل البرلمان يعمل ويشرِّع ويُقر ميزانيات عامة، ويُسائل ويعزل وزراء من مناصبهم، ويتولى غيرهم من نوابهم أو زملائهم الوزراء مهامهم.
ما يحدث في الكويت هو تلاعب، لتغييب سُلطة الشعب، الممثلة في مجلس الأمة، لأطول فترة ممكنة، مهما اختلفنا حول فاعليتها في الآونة الأخيرة، واستسلام النواب لهذا الوضع يُعد تواطؤاً وتنازلاً عن مهامهم، وهو ما يتطلب توقيع نواب على طلب رفع الأمر للمحكمة الدستورية لحسمه.سيتم ربما الأسبوع المقبل إعلان الحكومة العتيدة، وفي الجلسة المقبلة للبرلمان سيؤدي الوزراء القَسَم، ويطلبون عدم بحث أي تشريعات حتى إعداد برنامج عمل الحكومة الجديد، والذي سيكون غالباً نسخة من سوابقه منذ عودة الحياة البرلمانية في عام ١٩٩٢، وسيطلب أيضاً معظم الوزراء الجدد مُهلاً زمنية للاطلاع على التقارير المرفوعة للمجلس، وكذلك اجتماعات مع لجنة الأولويات النيابية لتحديد الأولويات، وحينه سنكون على مشارف شهر أبريل، ونتجهز للشهر الفضيل، وبعده سيستعد البرلمان لبحث الميزانية العامة للدولة، انتظاراً لإقفال البرلمان ٤ أشهر جديدة، وطبعاً سيمر الزمن، وتضيع الفرص الثمينة على الكويت. وبينما مَنْ حولنا يعملون ساعة بعد ساعة لتحقيق رؤاهم، اكتفينا نحن بوضع شعار "كويت جديدة" على وثائق الدولة ومواقعها الإلكترونية دون أن نعمل بجد من أجل تحقيقه.كل هذا الوقت الذي يُهدر من حياة المواطنين واستحقاقات الدولة، مَنْ المسؤول عنه؟ ولماذا يتم التغاضي عنه؟ وأيضاً لماذا يقبل رهط من النواب الوطنيين مساكنته وعدم التصدي له؟!