استضافت فعالية "حديث الاثنين"، التي تقام أسبوعيا ضمن البرنامج الثقافي لمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، محاضرة بعنوان "نفحات من سيرة المُبطّط الكبِدي"، قدمها الشاعر والمؤرخ وزير التربية الأسبق د. يعقوب الغنيم، وحاوره أستاذ اللغة العربية د. عبدالله القتم، في القاعة المستديرة بالمركز.

واستهلت المحاضرة ببداية استثنائية كانت بعزف على آلة العود وغناء من أداء مدير مركز جابر الثقافي فيصل خاجة عن شخصية المحاضرة "المُبطّط الكبِدي"، والتي نالت استحسان الحضور وإعجابهم.

Ad

ثم قدم خاجة الضيفين، وبدأت المحاضرة بقول د. القتم: "الحديث عن الشخصيات الكاريكاتيرية أو المضحكة في الأدب العربي متعدد، مثل شخصية جحا، لكن هل لدينا شخصية غير جحا؟ نعم هناك شخصيات متعددة لكنها لا تصل إلى مستوى جحا، وفي الكويت ظهرت لدينا شخصية جديدة هي المُبطّط الكبِدي".

وأضاف: "لا أعرف لماذا اختار إبراهيم الشطي هذا الاسم، هل هناك أحد بط جبده، واقترح له أن يخترع شخصية، والذي صاغ هذه الفكرة أو هذه الشخصية د. الغنيم، وهو غني عن التعريف فهو شاعر، وكاتب، وملم بتاريخ الكويت أو تاريخ العرب، ونظم شعره منذ أن كان في المرحلة الثانوية، وبعد ذلك استمر معه هذا الحراك الشعري، لكن لم يقتصر على الشعر فقط، إنما كتب كتبا كثيرة، زادت على الثلاثين كتابا، في أمور كثيرة، وخاصة في التاريخ الكويتي والحياة الاجتماعية بالكويت".

أما فكرة "المُبطّط الكبِدي" فهي جديدة، ولم يتطرق إليها بعض الباحثين في الكويت أو الوطن العربي.

حديث طويل

وعن فكرة "المُبطّط الكبِدي"، قال

د. الغنيم: " أرجو ألا أطيل عليكم في هذا الحديث، لأنه حديث طويل، وسأحاول الاختصار ما أمكن، وأنا أقول إنه حديث طويل لأنه استغرق زمنا طويلا، ونشرت عنه صفحات كثيرة في صحف الكويت، وكذلك أقيمت له مناسبات، واحتفالات، ووضعت عنه برامج في التلفزيون، وأصبح مشهورا بين الناس في كل مكان، وأذكر أنني إذا مررت في أي مكان أسأل عن أخبار المُبطّط الكبِدي، ولماذا لا يأتي، كما كان يأتي من فترة إلى أخرى".

وتابع: "المُبطّط الكبِدي كما تعرفون شخصية خرافية، لكنها انطبعت في الأذهان لكثرة ما تردد عنها بيننا، وأقول بيننا لأن الفكرة نبعت في ديوانية الثلاثاء الأسبوعية، وبحضور المرحوم إبراهيم الشطي، وكنا في يوم من الأيام نتحدث في الديوانية عن بعض الأحداث التي مرت بها الكويت قبل عدة سنوات، وكان الاخوان الموجودون في الديوانية يقولون إن تلك الأمور تبط الجبد، فكان كل واحد يعبر بطريقته وأسلوبه الخاص عن هذا الوضع، فما كان من الشطي إلا أن يقول إنه استمع إلى الكلام الذي دار بينكم، وبهذه المناسبة دعوت المُبطّط الكبِدي ليحضر إلى الديوانية هنا ويتحدث لديكم عن كل ما يدور في الخواطر، وكانت هذه المرة الأولى التي نسمع اسم المُبطّط الكبِدي".

وأضاف أن الشطي اشتق الاسم من كلام الحاضرين، مشيرا إلى أن كلمة "انبطت جبدي" من الكلمات الدارجة في اللهجة الكويتية، والكل يتحدث بها.

خيال وواقع

وأردف د. الغنيم: "أصبحنا نترقب هذا الرجل المُبطّط الكبِدي، وعندما جاء نظمنا حفلة له بحضور عدد إضافي من الحاضرين، وفي نفس الوقت بعض الأخوة ألقوا قصائد بتلك المناسبة، وتكلم المُبطّط الكبِدي بلسان الراحل الشطي، وعشنا ليلة فيها خيال وواقع، وتعبير عما في النفوس، وراحة لبعض الناس".

ولفت إلى أن "هذه الليلة لم تذهب هباء، فقد نشرت كل أحداثها في الصحف الكويتية، ومن هذا المنطلق بدأنا نتحدث عن المُبطّط الكبِدي، وبدأ الناس يتساءلون عنه، وبعض الناس يظنون أنه حقيقة، وهو غير حقيقي".

واستدرك: "نفسنا عن أنفسنا بهذه الشخصية، وبعض الإصدارات التي صدرت في الصحف، وفي مجالسنا الخاصة، ولم ينس أحد الآن المُبطّط الكبِدي"، مبينا أنه "منذ 2011 ونحن نردد اسم المُبطّط الكبِدي، لكن الناس حتى الآن يسألونه عن هذه الشخصية، وأين هي الآن؟"، وأشار إلى أن الشخصية لمست أمورا في نفوس الناس.

هموم الناس

وأوضح د. الغنيم أن "المُبطّط الكبِدي" تفاعل مع هموم الناس، ومع ما آلت إليه شؤون البلاد والعباد، ويعبر عن استيائه شعرا ونثرا، "فنراه مرتحلا أحيانا سعيا وراء مغامرة يضيفها إلى تاريخه الحافل، أو علم ينتفع به، أو شعر يطرب له، كما نراه مستقرا في الكويت أحيانا، وقرضت فيه القصائد في مناسبات عديدة من مريديه ومحبيه الذين اعتادوا الاحتفاء بميلاده في تقليد سنوي".

ثم قدم نموذجا لما قيل عن شخصية "المُبطّط الكبِدي"، وقرأ قصيدة: "مبطط الكبِدي يا مبطط/ يمضي بك العمر أنت تلهط/ لا تستقر في مكان أبدا/ ولا زمان عنده ترتبط/ أمضيت أعواما كثيرا عدها/ وأنت لا تأتي ولا توطوط".

وأكد أن الفضل في اختراع هذه الشخصية يعود إلى الراحل إبراهيم الشطي، مضيفا: "أولا الأخوة في الديوانية اقترحوا على إبراهيم الشطي، أن تكون له صفة متعلقة بالمُبطّط الكبِدي، فاتفق على أن يكون الشطي هو وكيل المُبطّط الكبِدي في الكويت، على أساس أن المُبطّط له وكيل في كل بلد، فهو شخصية عالمية، فقبل الشطي، لكن بعد وفاته كان لابد أن يختار وكيلا آخر يتولى المسؤولية، وجرى الاتفاق آنذاك على اختيار المرحوم المهندس فهد الحساوي، وجرى احتفال كبير في الديوانية بمناسبة اختيار الحساوي، والآن المُبطّط ليس له وكيل في الكويت".

وتمنى أن تجمع المقالات التي كتبت عن المُبطّط في كتاب، ليطلع عليها الناس، وتمنى كذلك أن يتجه الناس إلى الطريق السليم الذي يكفل وحدة الأمة، وترابطها، وأن تعم المحبة بين الجميع، كما كان الآباء والأجداد في السابق يتساعدون مع بعضهم، وكانوا اخوة بمعنى الكلمة يربط بينهم النسب والجيرة والوطن.