سقط حتى الآن أكثر من 500 شهيد من الشعب العراقي، وآلاف من الجرحى في مظاهراته السلمية ضد الفساد ونظام المحاصصة الطائفي، وضد النفوذ الإيراني، وتدخل إيران في الشأن العراقي، وظل عادل عبدالمهدي رئيس وزراء العراق المستقيل يتهم طرفا ثالثا دون أن يحدده بارتكاب تلك الجرائم ضد المتظاهرين. سخر المتظاهرون من تلك التصريحات ورأوا أن الحكومة بأجهزتها الأمنية والمخابراتية هي المسؤولة عن الكشف عن الجناة ومعاقبتهم، فلا شك أنها تعرفهم لكنها تريد أن تغطي عليهم أو تخشى بأسهم، واتهم المحتجون الميليشيات الموالية لإيران بأنها هي التي ترتكب تلك المجازر واغتيال النشطاء، لأنها تريد إسكات ذلك الصوت الوطني الذي أصبح يرهبهم ويخيفهم ويهدد مصالحهم.
يطالب المحتجون منذ بداية أكتوبر بإسقاط النظام القائم برمته واستبعاد جميع الوجوه السياسية المرتبطة به، لأن النظام الحاكم في العراق ورموزه من وجهة نظر ثوار العراق هم أساس البلاء لما يواجه العراق شعبا ودولة من أزمات ومحن، فهم من شجع نظام طهران المتخلف ليمد نفوذه إلى العراق، ومن ثم تمكن من نشر ثقافته القائمة على تأجيج الفتن والصراع بين أبناء الشعب الواحد. فأنشأ الميليشيات الطائفية المسلحة الموالية له، وأنفقت أموال العراق على تسليح تلك الميليشيات، وترك الشعب العراقي يعاني الفقر والجوع. لهذا ثار الشعب العراقي ضد النفوذ الإيراني والميليشيات الموالية لذلك النظام، وتحاول القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة في العراق والموالية لنظام طهران أن تواصل القتال دفاعا عن مكاسبها السياسية وسعيا ليكون لها دور قيادي في حكم العراق وصنع قراراته في المستقبل، لذلك تسعى القوى السياسية الموالية لإيران إلى تعطيل أي جهود لتشريع قانون انتخابات جديد يضمن فرص الترشح للجميع ويلغي هيمنة الأحزاب والكتل الكبرى، فتم إجهاض مقترح قانون انتخابي ينص على أن يكون نظام الترشح للانتخابات فرديا مئة في المئة. وترى المجموعة التي قدمت هذا المقترح أنه مستلهم من مطالب المحتجين في بغداد ومحافظات وسط العراق وجنوبه، كما ترفض الميليشيات الموالية لإيران فكرة مشروع الانتخابات المبكرة خشية أن تتعرض الأحزاب الموالية لطهران إلى تصويت عقابي خلال أي انتخابات تجرى مبكرا، لأن طهران تعي حجم الغضب الشعبي في أوساط العراقيين ضد نفوذها. ويبدو أن المحتجين مصممون على مواصلة التظاهر حتى تتحقق مطالبهم كاملة، ومنع قاسم سليماني من أن يكون له دور في تعيين رئيس وزراء العراق الجديد بعد سقوط حكومة عادل عبدالمهدي، لأنهم يعتبرونه تدخلا أجنبيا سافرا في الشأن العراقي. ولقد أثارت تغريدة لزعيم ميليشيا معمم موالية لطهران يقول فيها: إلى متى تستمر الفوضى وغياب القانون وضعف الأجهزة الأمنية، وانفلات السلاح، وانتشار الميليشيا القذرة؟ كلا لانفلات السلاح، كما تداول العراقيون مقطع فيديو للشخص يتوعد العراقيين الذين يعتزمون الخروج في مظاهرات، وهددهم أمام حشد من أنصاره. والجدير بالذكر أن ذلك المعمم أرفق تغريدته بجثة مسلح معلقة بأحد أعمدة الكهرباء متهما النشطاء بالقيام بذلك، ورد المتظاهرون أن ذلك المسلح أطلق النار على المتظاهرين وقتل منهم 7، وقتلته القوات الأمنية ولا صلة للمتظاهرين بتلك الحادثة، فالمحتجون ملتزمون بسلمية المظاهرات بالرغم من الضحايا الذين سقطوا منهم، لأنهم يريدون عراقا نظيفا من سموم الإيرانيين فمن يحمي دماء المتظاهرين؟
مقالات
من يحمي الدم العراقي؟
18-12-2019