ماذا عن غدير أسيري؟
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
فرض الصمت، وتخييط أفواه البشر بإبر الممنوع والمحظور بطريقة رواية 1984 الأورولية، مسألة مفهومة، غصباً علينا ورغم أنوفنا، حين تمارسها السلطة الحاكمة وتستعمل قبضة القوانين اللادستورية لملاحقة أصحاب الرأي المختلف عنها والمعارض لها، لكن هنا يظهر لنا وجه آخر "للسلطة"، حين ترتدي ثياب المعارضة ومناصرة المظلومين في قضايا الحرية، وتمارس، في الوقت ذاته، القمع ومطاردة المختلفين عنها (أو عنهم) حين يخرج الأخيرون المختلفون عن قواعد الإجماع الديني والوطني والمذهبي، الذي يمثل عندهم الطريق الوحيد للهداية والصواب. نقد تشكيل الحكومة وطريقة اختيار الوزراء ونوعيتهم وتوزير بعض الذين تملكوا وتربعوا على الكراسي الوزارية بالتقادم الطويل، وكأن البلد خلت من غيرهم، هو مسألة واجبة وحق للنواب ولكل مواطن، وإن كان غير مجدٍ، لمن يعرف "البير وغطاه" في الدولة. فليس هناك جديد على تراث سيفوه وخلاجينه، وغطاء صفية، ولا جديد عن الشمس، وانفخ يا شريم... وإلخ إلخ... من كلمات نجترها في مقالات التسلية السمجة التي نكررها على القارئ في جرائدنا الموحدة، لكن حين تتستر العصبية الطائفية والدينية وغيرها من أمراض الجهل والرياء بكلمات جوفاء مثل "العادات والتقاليد والمصلحة الوطنية"، فهنا يلزم التوقف عند تلك المفردات وفضح المعاني المقصودة من ورائها.السلطة هي السلطة، سواء أتت من أعلى وكتمت أنفاس الحرية، أو اندفعت من الأسفل من تراكمات دوغما الفرقة الناجية، أصحاب الحقيقة المطلقة، وهي تفرض رؤيتها ونهجها على الكل بحجة المصلحة الوطنية ووحدة الصف. كم مللنا تلك الصور الكئيبة! لماذا تفرضون علينا تأملها بكل تشوهاتها وقبحها؟!